في اطار عملية الكباش الاقليمي والدولي الذي يؤثر بشكل مباشر على الواقع اللبناني وتحديدا على الاستحقاقات الدستورية، يبدو ان التسوية اللبنانية مؤجلة حالياً في ظل التطورات السلبية في المنطقة، ان كان لجهة عودة الاشتباك السياسي الايراني- السعودي او بسبب عودة نتنياهو الى السلطة في اسرائيل مع ما يستتبع ذلك من تطورات.
في الاصل لم يكن اي من المعنيين في الملف اللبناني يتوقع تسوية سريعة، خصوصا ان نضوج الحل في لبنان يتطلب استعداداً سعودياً للانخراط مجددا بالتفاصيل الداخلية، وهذا ليس متوافرا حتى الآن، وعليه فإن الاتفاق على عدم تفجير الساحة او دفعها الى انهيار استثنائي هو مجرد تمرير للوقت من دون اي خسائر على نفوذ هذه الدولة او تلك.في الداخل اللبناني ايضا، لا وجود لاي رغبة بالتفجير، بل ان سياسة تمرير الوقت هي السائدة حالياً.واذا كانت الانتخابات الرئاسية وجلساتها النيابية باتت ضمن الستاتيكو غير المنتج، فإن المساعي تتركز اليوم على كيفية الاستفادة من الوقت لتحسين الشروط.
تنشغل بعض القوى بالتكتل في ما بينها لتكون اكثر تأثيراً على الواقع العددي داخل المجلس النيابي،وهذا ما يؤهلها لفرض شروطها او اقله يمكنها من رفض شروط خصومها على الساحة الداخلية، ولعل تجمع النواب الـ٢٧ هو احد اهم الامثلة على ذلك.بعض القوى الاخرى تحاول عدم حرق اوراقها الرئاسية ك” قوى الثامن من اذار”. في المقابل يرفع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط سقف مواقفه ضد رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ما يخدم شروطه عندما تحين لحظة التسوية المفترضة. وبحسب مصادر مطلعة فإن المرحلة المقبلة ستشهد اعادة تعويم مبادرة الرئيس نبيه بري، وان بشكل مختلف، وهذا ما يسعى اليه نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب للانتقال من الحوار الذي لم تستسغه القوى المسيحية الى التشاور الذي يخدم الهدف نفسه من دون استفزاز احد. كل ذلك سيكون بمثابة تمرير للوقت الذي يفصل لبنان عن التسوية وبديل عن ملء الفراغ الحالي بالتفلت الامني والتحركات الشعبية والانهيار الاقتصادي الكبير، وعليه فإن الحراك والحيوية السياسية ستستمر خلال الاسابيع والاشهر المقبلة وستشهد خلافات وتوافقات في آن بين جميع القوى الداخلية المعنية.