لم تتغير مواقف الكتل النيابية من الاستحقاق الرئاسي قبيل ٤٨ ساعة من موعد جلسة مجلس النواب الخامسة لانتخاب رئيس للجمهورية. إذ حسم تكتل لبنان القوي موقفه بعد اجتماعه الأسبوعي أمس، برئاسة رئيس التكتل النائب جبران باسيل التصويت بالورقة البيضاء على غرار الجلسات السابقة وذلك بعدما أشيع بأنه سيصوّت لمرشح مقرّب منه.وأما حزب الله فلم يحسم موقفه النهائي بعد بانتظار نتيجة المشاورات مع كل من حركة أمل والتيار الوطني الحر .
وكتبت” النهار”: لم تتوافر معطيات جديدة من شأنها ان تبدل مسار النتائج الروتينية التي تنتهي اليها الجلسات الانتخابية كل مرة منذ بدء انعقادها في أيلول الماضي. ومن المتوقع ان يتغيب عدد من النواب الموجودين خارج البلاد عن جلسة الخميس وهم من ضمن الأصوات المحسوبة لمصلحة مرشح المعارضة النائب ميشال معوض. أما التساؤلات الأساسية فدارت حول توجه نواب فريق 8 آذار وحلفائه، واي خيار يمكن أن تتخذه هذه الكتل في الجلسة المقبلة؟ وقد عُلم أن “الثنائي الشيعي” حاول جسّ نبض فريق “التيار الوطني الحرّ” في الأيام الأخيرة لجهة إمكان اختيار إسم رئيس “تيار المردة”الوزير السابق سليمان فرنجية والمضيّ به في الجلسات المقبلة، تزامناً مع بروز مؤشرات واضحة لجهة عدم تحبيذ “تكتل لبنان القوي” الاستمرار بالاقتراع بورقة بيضاء والبحث عن خطوة مغايرة بما في ذلك احتمال اختيار إسم معيّن. وتأكد أن طرح “الثنائي” لفرنجية لم يقابل بموافقة من “التيار الحرّ” الذي يرفض الاقتراع له. وفي السياق، أكّدت أوساط نيابية في “لبنان القوي” أن إسم فرنجية سيكون خارج نطاق البحث لناحية المشاورات داخل التكتل والتي تستمر بمناقشة امكان اختيار إسم يدعمه “التيار” رئاسياً أو الاستمرار بالورقة البيضاء في المرحلة المقبلة. وبذلك، تأكد أن الاحتمالات تتضاءل لجهة أن تشهد الجلسة المقبلة وما سيليها ظهور إسم فرنجية الذي لا يلقى قبولاً من تكتل “لبنان القوي” الذي يريد مناقشة إسم آخر واختياره.
وأفادت معلومات ان الاتصالات بين اطراف المعارضة تكثفت بكل مكوناتها واركانها واطيافها لوضع حد للنزف المستمر في المسار الدستوري الذي ينحو في اتجاه الاعتياد على الشغور في سدة الرئاسة الاولى وسير الحياة السياسية في شكل طبيعي، وافضت هذه الاتصالات بحسب المعلومات الى توافق ما يقارب الخمسين نائبا حتى البارحة على تنسيق الموقف حول اي جلسة تشريعية قد يدعو اليها الرئيس بري، انطلاقا من ان الاولوية، والحال هذه، هي للشروع فوراً في انتخاب رئيس للجمهورية، استنادا الى النص الدستوري القائل “إن المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أو أي عمل آخر”·
وكتبت” اللواء”: ان اعتماد “تكتل لبنان القوي” خيار التصويت بورقة بيضاء، اتخذ بعدما تسربت معلومات خلال اليومين عن تخليه عن هذا الخيار، واتجاهه لتسمية مرشح رئاسي محتمل، يعود لثلاثة اسباب، اولها، تجنب رئيس التكتل تسمية اي من اعضائه اومن التيار الوطني الحر، للرئاسة، كي لا يصبح منافسا جديا له، وثاني الاسباب، بقاء التكتل ضمن تحالفه مع حزب الله، وفي اتجاه واحد، وعدم قطع اواصر هذا التحالف باستحقاق مهم على هذا المستوى، باعتبار ان انفراد التكتل بالتصويت لاي مرشح، سيؤدي الى اضعاف مواقف وتاثير التحالف الثنائي بمواجهة الخصوم.
اما السبب الثالث باعتقاد الاوساط المذكورة هو انتظار مزيد من الوقت ريثما تنكشف أوراق كل مرشحي الرئاسة وحظوظ كل منهم، مع ابقاء الامل بترشح رئيس التكتل النائب باسيل، قائما، في ضوء استمرار محاولات اقناع حزب الله بدعم هذا الترشح، في حال لم يحالف الحظ ترشح سليمان فرنجية للرئاسة، وتبدلت الظروف، وزالت العوائق والمحاذير المحلية والخارجية، التي تعيق ترشيح باسيل للرئاسة.
وسط ذلك، قالت مصادر سياسية أن لبنان يذهب الى شغور رئاسي طويل كما توحي مواقف الاطراف المحلية والتطورات الدولية الساخنة التي تنعكس عدم استقرار في الشرق الاوسط، في ظل احتدام صراع الجبارين الاميركي والروسي على ارض اوروبا والخلافات المستمرة بين اميركا والغرب وايران، وبين الاخيرة والسعودية وبعض دول الخليج، وعلى هذا ستكون جلسة مجلس النواب لإنتخاب رئيس للجمهورية غداً الخميس بلا نتيجة ما لم تحصل تطورات جدية تتمثل بطرح تكتلات نيابية مرشحاً رئاسياً جديداً، ما يعيد خلط الاوراق وتغيير الاصطفافات بحيث تتجمع كتل عديدة للتصويت لمرشح قد ينال 50 صوتاً واكثر. بينما اكد تكتل لبنان القوي استمراره بوضع الورقة البيضاء وكذلك مصادر كتلة الرئيس نبيه بري وكتحصيل حاصل كتلة حزب الله، فيما اكدت مصادر كتلة القوات اللبنانية وكتلة الحزب التقدمي الاشتراكي تمسكها حتى اللحظة على الاقل بترشيح النائب ميشال معوض.وبحسب معلومات «الديار» فان أكثر من دبلوماسي ومسؤول عربي وغربي ابلغ القادة اللبنانيين بألا يتأملوا بأي انفراجات على اي صعيد كان قبل انتخاب رئيس للجمهورية، لان ذلك يؤسس لانتاج حكومة جديدة ستكون هي المسؤولة عن تنفيذ خطة النهوض. وتقول مصادر مطلعة ان حتى ملف الترسيم والتقدم في عمليات التنقيب والاستخراج مرتبط الى حد بعيد بالاستحقاق الرئاسي والدول المعنية بالملف تستطيع ان تؤخر التقدم بهذه العمليات في حال استشعرت رضوخا وتعايشا لبنانيا مع الفراغ في سدة الرئاسة الاولى.واكدت مصادر قريبة من حزب الله ان نواب «الثنائي الشيعي» سيواصلون التصويت بأوراق بيضاء حتى تبلور الخيارات الرئاسية الجدية، لافتة في تصريح لـ»الديار» الى انهم لن يلجأوا للعبة حرق الاسماء التي ينتهجها الفريق الآخر، وبالتالي متى اتضح لنا ان هناك مرشحا قادرا ان يؤمن نصاب ٨٦ نائبا واقله تصويت ٦٥ نائبا له عندها نتوجه الى صندوق الاقتراع للتصويت له.ورجّحت مصادر ثنائي امل وحزب الله لـ»البناء»، بأن كتلتي الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير ستصوّتان مجدداً بالورقة البيضاء لعدم توافر ظروف التوافق وملازمة سياسة عدم التحدّي بمرشح مقابل.وكتبت” نداء الوطن”:تعتبر مصادر مسيحية أنّ باسيل يحاول استدارج «القوات» من بوابة بكركي، وذلك للاستثمار في العملية الانتخابية، فهو يواجه أزمة على المستوى السياسي ويريد الخروج من مأزوميته هذه، من خلال حوارات معيّنة، ويعتقد أنّه يستطيع أن يستثمر لقاءات من هذا النوع لكي يوجّه رسائل الى حلفائه، لأنّه يعلم أنّ «الثنائي الشيعي» يؤيّد انتخاب رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية الذي يملك حظوظاً رئاسية، فمن خلال لقائه مع «القوات» أو داخل الإطار المسيحي، ينتزع «فيتو» مسيحياً شاملاً ضدّ انتخاب فرنجية فيقصيه عن حلبة اللاعبين الرئاسيين. كذلك يظهر باسيل من خلال هذا اللقاء، أنّه قادر على إخراج نفسه من «العزلة» الداخلية وأنّه يتمكّن من إعادة تموضعه الوطني بعد انتهاء عهد عون وبعد مأزوميته المسيحية والشعبية بعد 17 تشرين 2019، فيثبت أنّ بإمكانه التحرُّك سياسياً ولا يزال ضمن الخيارات المطروحة. لذلك لن تُستدرج «القوات» الى حوار كهذا، فيما أنّ تواصلها مع بكركي قائم ومستمرّ على قاعدة إيصال الرئيس الذي يعيد لبنان الى دوره.