من المفترض أن يبدأ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مساعٍ مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لإقرار قانون سلفة خزينة لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان لشراء الفيول وزيادة ساعات التغذية.
وافادت مصادر مطلعة “الديار” بأنّ البحث سيركز الآن على مسار التفاوض مع الجزائر، ومحاولة تامين تمويل لمؤسسة كهرباء لبنان لشراء كميات كبيرة من الفيول تسمح بزيادة ساعات التغذية إلى عشر ساعات يومياً. وفي ظل رفض مصرف لبنان تغطية اي انفاق دون قانون من المجلس النيابي يسمح بسلفة خزينة لمصلحة المؤسسة بقيمة 300 مليون دولار أميركي، سيلتقي الرئيس مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في اليومين المقبلين للتوصل إلى قرار حول هذه النقطة.
وعلم في هذا السياق، ان بري يتعامل بايجابية مع هذا الملف، لكن المخرج القانوني لن يكون سهلاً، ولا سيما أن مجلس الوزراء لم يقرّ أي سلفة متصلة بتمويل استيراد الفيول اللازم لتشغيل معامل الكهرباء، واي انعقاد لمجلس الوزراء قد يشكل عقبة إضافية في ظل “الكباش” مع التيار الوطني الحر حول حدود تصريف الاعمال في الحكومة.وكتبت” الاخبار”: تحتاج مؤسسة كهرباء لبنان إلى ما بين 6 آلاف و9 آلاف مليار ليرة، أي بين 200 و300 مليون دولار على سعر “صيرفة”، لزيادة إنتاج الطاقة ورفع التغذية إلى 10 ساعات يومياً لعدّة أشهر فقط. في الحالات الطبيعية، والتزاماً بنصوص المواد 203 و204 و205 من قانون المحاسبة العمومية، يطلب وزير الطاقة الأموال، فيقترح وزير المالية ذلك على مجلس الوزراء، وإذا ما وافق الأخير على الطلب يحيله إلى مجلس النواب عبر رئيس الجمهورية على شكل مشروع قانون لدرسه وإقراره في الهيئة العامة.لكن الاقتراح ينطوي على مخالفات عدة، يفصّلها أستاذ القانون الإداري والدستوري في الجامعة اللبنانية عصام إسماعيل، أوّلها للمادة (65) من الدستور التي جعلت القضايا المالية من صلاحية مجلس الوزراء، “وبما أن إقرار سلفة خزينة تتّصل بشأن مالي، لا يمكن أن يُطرح على الهيئة العامة كاقتراح قانون مقدّم من نائب. وفي حال تقرّر أن تُرسل حكومة تصريف الأعمال، مشروع القانون إلى مجلس النواب تكون بذلك قد تعدّت على دور رئيس الجمهورية في هذا المسار، المنوط به بموجب المادة 53 من الدستور، التي تحصر إحالة مشاريع القوانين بشخصه”.
أما إذا ما استكملت القوى السياسية انتهاك الدستور، فإنها ستصطدم بعقبة ثانية تتمثل بإصدار القانون، وهي المهمة الموكلة أيضاً إلى رئيس الجمهورية. بذلك “ستحل الحكومة مكان رئيس البلاد مرتين. مرة في الإحالة وأخرى في الإصدار”. وأساساً، يوم اشتدّ السجال الدستوري بين ميقاتي من جهة وفريق الرئيس ميشال عون على الصلاحيات، وإذا ما كانت تنتقل حكماً إلى الرئاسة الثالثة بشغور سدة الرئاسة، طمأن ميقاتي أن حكومته لن تجتمع إلا في حالات الضرورة القصوى. فهل نحن أمام حالة من هذا النوع أم أن بري سيخالف المادة (65) ويسمح بتمريره كاقتراح قانون؟
التشريع عامةً، محل خلافٍ دستوري يتجدد مع كل فراغ رئاسي. وتنص المادة (75) من الدستور، على ما مفاده أن مجلس النواب الملتئم لانتخاب رئيس للجمهورية، يصبح هيئة ناخبة لا تشريعية. التفسير الحرفي للنص الذي يعتمده بري يقول إن المجلس في أوقات عدم انعقاده لانتخاب رئيس يمكنه أن يشرّع. هكذا فرض تشريع الضرورة في العام 2015 وسط معارضة بعض القوى السياسية.
أما التفسير المنطلق بحسب تعبير المحامي بول مرقص من “مجمل أحكام الدستور، تفادياً للتناقض في ما بينها، فيفرض التصرّف على ضوء المواد (49/73/74) القائلة بانعقاد المجلس بصورة دائمة، ومهمته الوحيدة انتخاب رئيس للجمهورية”.