كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن:إنتشرت قبل أيام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نسخة عن رسالة موجّهة للجنة رعاية صندوق مجلس الأهل في ثانوية قب الياس الرسمية، تبلغ فيها أولياء الطلبة عن إستيفاء رسم من كل طالب لتأمين التدفئة، حدّدت قيمته بمليون ليرة مقسّمة على أربعة أشهر. وقد بررت الرسالة الرسم بصعوبة الظرف العام الذي تمرّ به البلاد، بحيث أن الأموال المتوفرة في صندوقي المدرسة ومجلس الأهل لا تكفي لأكثر من عشرة أيام من التدفئة، بعدما تجاوز سعر برميل المازوت الذي تحتاجه يومياً لتأمين التدفئة المناسبة للتلاميذ، الثمانية ملايين ليرة.مشكلة تشغيل وسائل التدفئة، كما تؤكد المصادر، لا تسري على المدارس فقط، إنما على مختلف الإدارات والدوائر الرسمية، التي تؤمّن عادة مادة المازوت من ميزانياتها، ووقع بعضها تحت عجز تأمين نفقاته الباهظة لهذا الموسم، فيما أموالها المتوفرة في صناديقها الخاصة، محجوزة بالمصارف.إنطلاقاً من هذا الواقع، أبدت مصادر تربوية تفهّمها لأن تلجأ لجنة الأهل في المدرسة المذكورة لطلب مساعدة الأهل في تدفئة أولادهم، واعتبرت أن الأمر يصبح مفهوماً عندما نجد أنّ أغلب المدارس الرسمية في المناطق الجبلية ستعاني خلال العام الدراسي مشكلة كبيرة مع التدفئة للأسباب التي ذكرت سابقاً.
وشرحت المصادر أنّ الكتاب الموجّه الى الأهل ليس موجّهاً من إدارة الثانوية، وإنما من لجنة الأهل. ونظام مجالس الأهل يعطيها الحق بطلب مساعدة أولياء الطلاب في كل ما يساهم بتطوير المدرسة أو مساعدتها، شرط أن تتبنّى القرار كامل اللجنة التي تعبّر بالنهاية عن موقف الأهل، علماً أن قرارات هذه اللجان في المدارس لا تعتبر ملزمة للتلاميذ، وبإمكان الأهل أن يقرروا الدفع أو عدمه، من دون أن يرتّب ذلك على أولادهم أي عواقب.بحسب الأوساط المدرسية، فإنّه لولا تأخّر الشتاء لهذه السنة، لكانت ارتفعت منذ مدّة صرخة معظم المدارس لعدم قدرتها على تدفئة تلاميذها. وليس السبب عدم توفر الأموال كلياً، بل تؤكد المصادر أن بعض المدارس لديها أموال كافية في صناديقها، وحتى لتغطية الكلفة المرتفعة لصفيحة المازوت، إنما المشكل الحقيقي يتمثّل في السقف الذي حدّدته المصارف لسحوبات الإدارات من صناديقها، وهي سحوبات تكاد لا تغطّي سعر نصف برميل مازوت بحده الأقصى، علماً أنّ هناك مدارس لا زالت تتوفر لديها كميات من المازوت المخزّن من العام الماضي، كما تؤكد مصادر تربوية، وهذه كميات توفرت عبر منظمة «اليونيسف»، التي لم يتبين حتى الآن ما إذا كانت ستقدّم مساعدات مشابهة عن العام الدراسي الحالي. ووفقاً للمعلومات، فإن وزير التربية إشترط مقابل أي مساعدة بمادة المازوت لفترة التعليم المسائية، مساعدة مشابهة للدوام الصباحي.
وبالإضافة الى فئة المدارس التي ساهمت ظروف الإضرابات والتعطيل المتتالي للعام الدراسي الماضي، بتوفير وفر من مخزونها للشتاء الحالي، هناك مدارس أخرى حسبت للأزمة حساباً طويلاً، فاستفادت من سقف السحوبات المحدّد لها في المصارف، وحرّرت جزءاً من أموالها وإحتفظت بها في أدراج المدرسة وخزناتها. وهذه الفئة سُمح لها إستثنائياً في العام الماضي بعدم إعادة الأموال الى صناديقها، بعدما أنجزت معاملات قطع الحساب التي تحدد نفقاتها خلال السنة المالية، وبالتالي ستتمكّن من الإستفادة من قرشها الأبيض الذي وفّرته لليوم الأسود.في المقابل، فإنّ عدداً كبيراً من المدارس الرسمية، في البقاع تحديداً، لا يملك أياً من الخيارات السابقة كما تؤكد الأوساط التربوية. وهذه الإشكالية كانت موضوع نقاش وبحث مطول في الإدارة المركزية، حيث يتم حالياً البحث في حلين متوازيين: الأول مؤقت وسريع، ويقضي بأن توفّر كل مدرسة كمية قليلة من المازوت وفقا للإمكانيات المتوفرة لديها، وهي كميات قد تكفي لأسابيع أو شهر بحدّه الأقصى، إلى أن يتم إرساء الحل الثاني، والذي يتّم عبر الإدارة المركزية من خلال إبرام عقد مع شركة موحّدة ستؤمن المازوت للمدارس بأسعار محددة، وتوزّعه على مسؤوليتها، على أن يتم الدفع من صناديق المدارس مباشرة للشركة التي سيرسو عليها الاتفاق، وتقبل خلاله التحويلات المصرفية مباشرة من صناديق المدارس… بإنتظار أن تترجم نتائج هذه الإقتراحات والحلول عملياً، إنقاذاً للعام الدراسي الحالي من البرد الذي صار على الأبواب.