هل نصاب الثلثينذريعة لاطالة أمد الفراغ؟… أهل الإختصاص يوضحون

12 نوفمبر 2022
هل نصاب الثلثينذريعة لاطالة أمد الفراغ؟… أهل الإختصاص يوضحون


عادت مسألة النصاب المطلوب لجلسات مجلس النواب الى الواجهة، عقب السجال الدستوري الذي حصل يوم الخميس الماضي في الجلسة الخامسة المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية، بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وعدد من النواب، منهم رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل الذي عاد وطرح الموضوع أمام الإعلام في نهاية الجلسة.

هذا الجدل الدستوري القديم – الجديد أعاد الى الواجهة ما جرى قبيل انتخاب الرئيس ميشال عون، حيث عُقدت أكثر من عشرين جلسة من دون التوصّل الى انتخاب رئيس للجمهورية.
وفي حين يعقد حزب الكتائب سلسلة اجتماعات مع كبار المتخصصين في القانون، يستند الرئيس بري الى نصوص المواد التي تتحدث عن انتخاب رئيس الجمهورية للاستمرار بالتمسّك بالثلثين في الدورة الأولى لانتخاب رئيس. فكيف يفسر كل طرف وجهة نظره وماذا يقول الخبراء في هذا الإطار؟
حميّد: الدستور ليس وجهة نظرعضو كتلة التنمية والتحرير النائب أيوب حميد اعتبر، أنه من حيث المبدأ، يجب أن تكون هناك إعادة قراءة للدستور بهدوء وبعيداً عن الحسابات النيابية، مشدّداً على أن المجلس النيابي هو الجهة الوحيدة المخولة إجراء هذا الأمر وتفسيره بالطريقة الصحيحة.
وفي حديث عبر “لبنان 24″، اعتبر حميّد أن الكلام الذي أطلقه النائب الجميّل خلال الجلسة الأخيرة لمجلس النواب هو نوع من الاجتهاد الشخصي، البعيد كل البعد عن النص الأساسي للانتخاب المتمثل بالمواد 73 و74و 75 المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية، معتبراً أنه في هذه الحالة يصبح الدستور وجهة نظر، حيث سيحاول كل فريق أن يأخذه في الاتجاه الذي يتناسب ومصالحه الخاصة.
وإذ شدّد على أن الدستور ليس لعبة نتسلى بها، اعتبر حميّد أن هناك نوعاُ من الاستسهال في شرحه والمطالبة بتعديله، إلا أن هناك آلية معقدة للقيام بأي تعديل، وفي مطلق الأحوال يجب أن يكون هناك توافق لإدخال تعديلٍ عليه، والأمر لا يمكن أن يكون فيه أي اجتهاد، مؤكداً أن نصاب الثلثين أساسي لجهة انتخاب الرئيس في الدورة الأولى والأغلبية المطلقة في باقي الدورات، وهذا ما دأب عليه المجلس منذ العام 1976، وعلى هذا الأساس تم انتخاب الرئيس بشير الجميّل ومن بعده الرئيس أمين الجمّيل، وصولاً الى انتخاب الرئيس ميشال عون.
جريج:نائب رئيس حزب الكتائب، نقيب المحامين السابق جورج جريج كان له رأي معاكس في هذا المجال، إذ اعتبر أن ما جرى في جلسة مجلس النواب يوم الخميس الماضي هو موضوع دستوري، إلا أن المشكلة تكمن في ضرورة النقاش بالمادة 49 من الدستور، التي تنص على  انتخاب رئيس الجمهورية بغالبية الثلثين في الدورة الأولى، والاكتفاء بالغالبية المطلقة في الدورات الثانية، وهذا الأمر غير موجود في المواد التي ترعى عملية انتخاب رئيس الجمهورية، أي المواد 73 و74 و75، مشيراً في هذا الاطار الى أن المادة 49 ملحقة بالجلسات المنصوص عنها في المادة 43 من الدستور.
ومن هنا، يعتبر جريج في حديث عبر “لبنان 24” أنه لو أراد المشرّع تحديد النصاب في جلسات انتخاب الرئيس لكان أقدم على ذلك، إلا أنه لم يعمد الى هذا الأمر وهذا يتجلى في مواد أخرى، حيث حدد المشرّع النصاب المطلوب في جلسات أخرى، كما فعل في الفقرة 5 من المادة 65 من الدستور، إضافة الى المادة 79، في حين أن المادة خالية من تحديد النصاب.
ورداً على سؤال عن احتمال أن يكون المشترع قد توقّع أن يستعمل هذا الأمر للتعطيل، لفت الى أنه، عندما يكون هناك ضرورة فإن المسؤولين من قضاة أو نواب، يفسرون الأمر بطريقة إيجابية للخير العام، وبالتالي فإنه اليوم يُستعمل للعرقلة، وهم يعتبرون أن هذا الأمر عرفٌ إلا أنه  لا يتعدى كونه وجهة نظر ولا يمكن أن يكون اجتهاداً، خاصة وأن اعتماد السياسي لنصاب الثلثين هو لإطالة أمد الفراغ.مالك: المادة 49 بحاجة الى تفسيرالخبير الدستوري المحامي سعيد مالك أكد من جهته، أن هذا السجال القانوني ليس وليد الساعة، بل بدأ في العام 2007 عقب انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود والذهاب الى مرحلة الفراغ قبيل انتخاب الرئيس ميشال سليمان وهو يتكرر اليوم، علماً أن هناك التباساً حول المادة 49، المتعلقة بالنصاب كونها حددت نصاب الإنتخاب ولم تحدد نصاب الحضور، مشيراً الى أنه في هذه الحالة، هناك نظريتان على أرض الواقع: الأولى تقول إن الأكثرية هي الأكثرية العادية والمطلقة لحضور أي جلسة ولفتح هذه الجلسة سنداً للمادة 43، في حين أن النظرية الثانية تقول إن هذا النصاب يجب أن يكون متماهيا مع النسبة المطلوبة للنجاح أي الثلثين.واعتبر مالك في حديث عبر “لبنان 24” أن النظرية الأقرب، وسنداً للعرف الدستوري والاجتهاد الدستوري الذي استقر منذ العام 1976 حتى تاريخ اليوم كله، تؤكد أن النصاب المطلوب هو نصاب الثلثين، معرباً عن اعتقاده أن الرئيس بري أخذ الاتجاه الذي أخذه أسلافه لناحية تحديد النصاب بثلثي أعضاء مجلس النواب لكي يفتتح الجلسة على أن يبقى هذا النصاب في الجلسات الأخرى.ودعا مالك الى الذهاب في المستقبل، “عندما يُفتح الباب أمام إمكانية تعديل أو تفسير أو توضيح مواد الدستور، باتجاه توضيح المادة 49 حتى لا يقع لبس أو إبهام بخصوص تفسيرها “.