كتب جان فغالي في” نداء الوطن”: على عكس المتداوَل، فإن محرِّكات رئاسة الجمهورية اشتعلت مجدداً، كل مرشَّحٍ من المرشحين الجدِّيين حرَّك «ملائكته» في أكثر من عاصمة بهدفيْن: الأول رفع منسوب حظوظه، والثاني قطع الطريق على مرشحين آخرين.موفدون إلى المملكة العربية السعودية برتبة «رجال أعمال»، موفدون إلى فرنسا، وفي البلديْن المعنيين بالرئاسة، محاولات لرفع الفيتو عن هذا الإسم أو ذاك، وفي المقابل محاولات لوضع فيتو على هذا المرشح أو ذاك. لكنها، وحتى إشعار آخر، محاولات في الوقت الضائع. اليوم، يحاول «حزب الله» استرداد المبادرة من خلال طرح اسم رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، عبر تنفيذ وعدٍ قطعه له عند اختيار الرئيس ميشال عون، وكلامه يومها «هيدي عين وهيدي عين»، وهو سيحاول إيصال «العين الثانية» إلى رئاسة الجمهورية.
لكنّ ظروف وحسابات 2022، هي غير ظروف وحسابات 2016، في ذلك العام اختار «حزب الله» العماد عون على قاعدة «إمّا عون وإما استمرار الفراغ»، كما سماه الرئيس سعد الحريري بعدما كان اختار الوزير سليمان فرنجية، ولاحقاً سمَّى «اتفاق معراب» العماد عون. ثلاثة مكونات كبرى، «حزب الله» و»تيار المستقبل» و»القوات اللبنانية»، اختارت عون علناً، اليوم مكوِّن واحد، من بين الثلاثة، «حزب الله»، يختار فرنجية، فهل يسير في المعركة، منفرداً؟ أم ينتظر مراكمة التأييد؟
هذه المرة المعركة ليست سهلة على «حزب الله»، المرشح ميشال معوض يحفر جبل الرئاسة بالإبرة، لكنه لا يتراجع، وليس سهلاً أن يصل عدد الذين صوّتوا له وأيّدوه إلى تسعة وأربعين نائباً، ولنتذكَّر الرئيس الشهيد رينيه معوض، فعلى رغم أنّ انتخابه كان محسوماً حتى قبل الذهاب إلى «الطائف»، فقد نافسه في جلسة الإنتخاب في مطار القليعات كل من النائب الدكتور جورج سعاده، والنائب الياس الهراوي.ميشال معوض يعرف أنّ فيتو «حزب الله «عليه يستدعي معالجة جدية. سليمان فرنجية يعرف ان علاقته بالسعودية تستدعي معالجة جدية. المسألة سهلة الفهم وصعبة المعالجة. لم يعد هناك من ضبابية في المعركة: «حزب الله» لم تعد لديه القدرة على المناورة بأنّه يريد رئيساً توافقياً، فاضطر إلى كشف ورقته: «سليمان فرنجية مرشحنا»، والمعارضة تقول: «ميشال معوض مرشحنا».ليس من السهل سحب سليمان فرنجية، كما ليس من السهل سحب ميشال معوض، إنّها حالة فريدة قد تفضي إمّا إلى استمرار الفراغ، وإما إلى السير بمرشح ثالث. اللعبة مفتوحة على مصراعيها، والفراغ قد يطول، والشيء الوحيد الذي يمنع إطالته كثيراً هو الضغط الاجتماعي الذي اقترب من الانفجار، وعندها لا ينفع لا رئيس ولا رئاسة.