يعمل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على توفير التيار الكهربائي، بمهلة لا تتخطّى بضعة أسابيع، بالتزامن مع دخول رفع التعرفة حيّز التنفيذ. الحل الجزئي يتمثّل برفع التغذية إلى عشر ساعات يوميًّا، عبر تأمين الأموال اللازمة، لتتمكّن مؤسّسة كهرباء لبنان من شراء كمّيات كافية من الفيول. لهذه الغاية عقد ميقاتي سلسلة اجتماعات وزارية ثم زار الرئيس نبيه بري وبحث معه في تشريع التمويل من مجلس النواب، قائلًا من عين التينة “اتفقنا على صيغة لتمويل الكهرباء”.
ما هي الصيغة؟ وهل ستكرر معزوفة إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلف خزينة؟ والأهم هل سيُترجم هذه المرة الوعد بتأمين الكهرباء؟
مستشار الرئيس ميقاتي الوزير السابق نقولا نحاس لفت في اتصال مع “لبنان 24″ إلى أنّ الصيغة تقوم على تمويل مصرف لبنان شراء مشتقات النفط، لتشغيل معامل إنتاج الطاقة التابعة لمؤسسة كهرباء لبنان، على أن تعيد مؤسسة كهرباء لبنان المبلغ من عائدات الجباية، وفق التعرفة الجديدة. لهذه الغاية أطلقت وزارة الطاقة والمياه ثلاث مناقصات لشراء كلّ من مادتي الفيول اويل Grade A et Grade B ومادة الغاز أويل لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، ويفترض أن يتمّ فضّ العروض في 18 تشرين الثاني الحالي. وبعد حصول لبنان على الفيول اللازم، أمامه ستة أشهر لتسديد الثمن، تكون مؤسسة كهرباء لبنان أمّنت الأموال من عائدات الجباية وإزالة التعديات، وفق ما أوضح نحاس.
حصول مؤسسة الكهرباء على الأموال اللازمة لزيادة ساعات التغذية، والتي تقدر بـ 300 مليون دولار، يحتاج إلى تشريع من مجلس النواب، خصوصًا أنّ مصرف لبنان اشترط تغطية قانونيّة. وهنا يكمن دور الرئيس بري، بحيث يمكن أنّ يتقدّم أحد النواب باقتراح قانون بهذا المجال، لتعذّر إصدار مرسوم من مجلس الوزراء بظل حكومة تصريف أعمال. لكن هل تمر السلفة، وهناك العديد من الكتل النيابية اعترضت في السابق على منح مؤسسة كهرباء لبنان سلف خزينة؟
أجاب نحاس هذا ما يتم بحثه، لاسيّما وأنّ مؤسسة لبنان هذه المرة تطلب سلفة مغايرة للسابق، بحيث تتعهد بردّها، بظل التسعيرية الجديدة بنسبة 27 سنتًا. ووفق ما تمّ احتسابه، تغطي الأموال مقدار عشر ساعات تغذية يوميًّا.
وفي حديث تلفزيوني ليل امي قال نحاس”إنّ تكلفة خطة الكهرباء أصبحت مؤمّنة، لأنّ التعرفة سترتفع، وهذا يؤمّن استدامتها، وعندما يتم فتح الاعتماد للشركة التي ستربح المناقصة تبدأ الخطة بالسريان”.
وأضاف: “في العاشر من كانون الأول سنحصل على 10 ساعات من التغذية كهربائية”.
وزير الطاقة وليد فياض وعلى هامش مشاركته في لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه الأربعاء الماضي، تطرق إلى إلى زيادة ساعات التغذية. مقرر اللجنة النائب محمد خواجة لفت في اتصال مع “لبنان 24” إلى أنّ فياض أطلعهم عل الطرح القائم على تأمين مصرف لبنان للأموال لشراء الفيول، ووعد من مؤسسة كهرباء لبنان برد الأموال من عائدات الجباية “لكن نحن كنواب عبّرنا عن مجموعة مخاوف، منها أنّ الهدر في الكهرباء يتراوح بين 35 و 40% بين سرقة وتعليق وهدر في الشبكات، سؤالنا كنواب في اللجنة من أين ستعيد المؤسسة الأموال بظل الهدر الحاصل. وهناك مخاوف أيضًا من أن تزيد نسبة الهدر مع ارتفاع فاتورة الكهرباء، خصوصًا أن لا حسيب ولا رقيب، بظل إدارة مشلولة وقوى أمنية منهكة. فقد تتجاوز فاتورة الكهرباء بتسعيرتها الجديدة الدخل الشهري لعدد كبير من المواطنين من ذوي الدخل المحدود، في هذه الحال قد تصبح سرقة الكهرباء علنًا، علمًا أن فاتورة المولد اليوم حوالي 3 مليون ليرة مقابل 2 أمبير ونصف، وبطبيعة الحال لا نبرّر لاحد، لكننا نوصّف الواقع، فهناك مشكلة كبيرة”.
وأشار خواجة إلى معضلة النازحين السوريين الذين يستهلكون كهرباء من دون مقابل.
وعن إمكان تمويل استهلاكهم من الجهات الدولية اعتبر أنّ الأوروبيين يدفعون بحالة واحدة، وهو إبقاء النازح السوري في البلد المضيف، مشيرًا إلى أنّ الأمر نفسه ينسحب على المخيمات الفلسطينية.
خواجة رأى وجوب تطبيق حلٍّ متكامل للكهرباء “عبر البدء فورًا بتلزيم معملين، أموالهما متوفرة من حقوق السحب الخاصة، بحيث تبقّى من المبلغ مليار ليرة، والأجدى أن ننفقها على الكهرباء بدل أن تذهب هنا وهناك. كما أنّ شركة سيمنز كانت قد قدّمت للبنان عرضًا جيدًا، فليتم التواصل معها ونذهب بهذا الإتجاه. في هذه الحال تكون السلفة بمثابة إجراء جزئيّ من ضمن حل كامل”.
أمّا بشأن الغاز المصري والكهرباء الأردنية، فلا تزال العقبة الأساسية تكمن في عدم تقديم ضمانات كافية لمصر والأردن بشأن عدم التأثّر بعقوبات قانون قيصر الأميركي ويتابع خواجة”واضح أنّ هناك قرارًا أميركيًّا وغربيًّا بمحاصرة لبنان، وهذا لا يعني أنّنا معفيّون، بل يتوجب علينا القيام بإصلاحات، ليس لإرضاء صندوق النقد أو غيره من الجهات الدوليّة، بل لوضع حدٍّ للهدر، كتعيين هيئات ناظمة لقطاع الكهرباء والطيران والإتصالات”.
أمام هذا الواقع تتجه الأنظار إلى موقف التيار الوطني الحرّ وما إذا كان سيؤمّن النصاب لجلسة تشريعية متوقعة لاعطاء سلفة لمؤسسة كهرباء لبنان . وفي معلومات صحافية اليوم “أن التيار يتعاطى بإيجابية في كل ما يتعلق بشؤون الناس، خصوصاً على أبواب الشتاء، بعيداً من الكيدية”، ما يعني انه على الأغلب لن يعارض إعطاء السلفة”.
تبقى الإشارة إلى أنّ الطاقة البديلة لا زالت خيارًا متقدّمًا، بظل ارتفاع أسعار مشتقّات النفط، هذا الحل طرحه ميقاتي في مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ في شرم الشيخ قبل أيام، لافتًا إلى أنّ استثمار 6.7 مليار دولار في الطاقة المتجددة يمكن أن ينهي نقص الكهرباء في لبنان، وأنّه تمّ العمل على إنشاء مرفق لبنان للاستثمار الأخضر، داعيًا الدول والجهات المانحة للمساهمة بدعمه وتمويله.