جلسات الانتخاب بين الأشتباك النيابي وتفسيرات الدستور… فلمن الكلمة الفصل ؟

14 نوفمبر 2022
جلسات الانتخاب بين الأشتباك النيابي وتفسيرات الدستور… فلمن الكلمة الفصل ؟


بات واضحا أن العدد المسجّل لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية في البرلمان اظهر حتى الآن اخفاقا في إيصال شخصية إلى سدة الرئاسة، وهذه الثابتة باتت تتكرر في كل جلسة يدعو إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري ، على أن الجلسة الأخيرة على وجه الخصوص، شهدت ارتفاعا في أصوات عدد من النواب حيال اللغط المرافق لنصاب الدورة الثانية من الانتخاب ، فبادر هؤلاء النواب ولاسيما المعارضين منهم، إلى للأستفسار عن المواد الدستورية وعن التشريع في ظل الشغور،مطالبين بجلسات مفتوحة لأتمام الأستحقاق الرئاسي.

وبسبب تنوع الاجتهادات القانونية أو الدستورية لحيثيات هذه الجلسات وتباينها في معظم الأحيان، فإنه من المستبعد ان يحسم هذا اللغط وان تتبدل الصورة الأنتخابية بالتالي، وهذا يعني بصريح العبارة أن الأفق سيظل مسدودا بأنتظار معحزة ما .وتفيد الوقائع على الأرض ان من قرر خوض المعركة في هذا الملف لن يتراجع عنها، ومن يترقب”التوافق”،لن يبدل في مقاربته وسيبقى الاشتباك السياسي والنيابي قائما،أما النتيجة فعلى حالها : الأنتخابات شبه مستحيلة في المدى المنظور .

لكن ماذا يقول الدستور عن استفسارات النواب حيال التشريع والنصاب وهل هو ٨٦ صوتا في الدورتين الأولى والثانية، أم أن الأصوات ال ٦٥ كفيلة بايصال رئيس جديد للبلاد في الدورة الثانية؟يقول الخبير الدستوري الأستاذ سعيد مالك ل”لبنان ٢٤ ” من الثابت والأكيد أن مجلس النواب اليوم تحول إلى هيئة ناخبة خصوصا بعد تاريخ الأول من شهر تشرين الثاني الحالي كون المادة ٧٥ من الدستور تنص أنه في حال فراغ سدة الرئاسة سواء في الأستقالة أو الوفاة أو لأي سبب آخر، يشرع مجلس النواب حكما وبمقتضى القانون وفورا بأنتخاب الرئيس ،وذلك عملا بهذه المادة التي تنص على أن المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية عليه الشروع فورا بأنتخاب رئيس للجمهورية وهو يعد هيئة ناخبة وليس هيئة تشريعية، مما يفيد أن موضوع التشريع قد بات مبدئيا في الوقت الراهن امرا محظرا قبل انتخاب رئيس الدولة. أما ما يقال عن موضوع تشريع الضرورة وما سوى ذلك، فليس إلا اجتهادات لا تثمر ولا تنضج حلا، لأنه مبدئيا ليس هناك من تشريع ضروري وغير ضروري ،وكل التشريع هو ضرورة. أما في المرحلة الحالية فأن مجلس النواب هو هيئة ناخبة ولا يحق له عقد أي جلسة عامة من أجل إصدار قوانين وإقرارها، إنما يحق لمطبخ المجلس أي اللجان النيابية أن تجتمع وإن تحضر القوانين للهيئة العامة على إلا تجتمع هذه الهيئة كهيئة تشريعية قبل إتمام انتخاب رئيس الجمهورية .

وفي مسألة النصاب لجلسة الأنتخاب، يشير مالك إلى أن المادة ٤٩ من الدستور فيها الكثير من الالتباس الذي يقتضي مستقبلا العمل على تفسيرها أو توضيحها حتى لا تظل موقع لبس أو اتهام،وبالتالي فإن مطالبة بعض النواب بتفسير مواد الدستور هي مطالبة محقة ولكن كان الأجدى ان يكون هذا التفسير مبدئيا من اختصاص المجلس الدستوري كما جاء في وثيقة الوفاق الوطني إنما مجلس النواب احتفظ بها، معربا عن أسفه لما يحصل حاليا لجهة تفسير الدستور بشكل منفرد من رئيس مجلس النواب فيما الصلاحية معقودة اساسا للمجلس النيابي بهيئته العامة.وردا على سؤال عن أحقية تعليق رئيس مجلس النواب جلسات الانتخاب ، يوضح مالك أنه لا يحق لرئيس مجلس النواب أن يعلق الدعوة إلى جلسات الانتخاب، إنما يقتضي الاستمرار في الدعوة وبشكل مكثف، لا بل ندعوه الى اكثر من ذلك، إلى عقد جلسة واحدة مفتوحة لا تغلق ولا يمكن أن تختم إلا بأنتخاب رئيس للجمهورية ،حتى وان توالت الدورات بشكل متتال ومتعاقب حتى انتخاب رئيس للبلاد ، لأن مجلس النواب بات هيئة ناخبة ولا يحق لرئيس المجلس ولا لهيئة مكتب المجلس ولا للهيئة العامة التلكوء عن القيام بواجبهم لجهة انتخاب رئيس الدولة ، وهذا الأمر محسوم لاسيما وأن المبدأ الدستوري والقانوني العام يقوم على انتظام المؤسسات قبل أي عمل آخر.وهكذا في تفسير الدستور تتعدد القراءات ويسعى كل فريق إلى التمسك بنظرية دستورية معينة…لعل وعسى .