يبدو أن المسعى البطريركي لعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان مستمر ،لكنه لا يجد حتى الساعة اذانا أممية أو دولية تحقق للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس بشارة الراعي ما يصبو اليه من مؤتمر كهذا. بالنسبة إلى سيد بكركي، فإن المطالبة بعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان هو من أجل تجديد ضمان الوجود اللبناني المستقل والكيان والنظام الديمقراطي وسيطرة الدولة وحدها على أراضيها استناداً إلى دستورها أولاً ثم إلى مجموع القرارات الدولية الصادرة بشأن لبنان.
تصعيد البطريرك الماروني غالبا ما يواكب موعد اقتراب الاستحقاقات الدستورية، النيابية منها والرئاسية والحكومية لكنه يكتسب أهمية أكبر اليوم لكونه يطال المعطلين لسد الفراغ في الموقع الماروني السياسي الاول. فهو يرفض ما يسميه البدع والفذلكات للتحكم بمسار الاستحقاق لأن الدستور واضح بنصه وروحه بشأن موعد الانتخاب والنصاب، كما يقول. ومن هنا دعوته الامم المتحدة للتحرك أمام الفشل الذريع بانتخاب الرئيس والقلق من إقصاء الدور الماروني عن السلطة من خلال اطالة أمد الفراغ.
لا مؤتمرات للبنان أو حول لبنان في الوقت الحاضر. المجتمع الدولي منشغل بأزماته السياسية والاقتصادية على حد سواء، كما تقول اوساط سياسية مسيحية ليست بعيدة عن الفاتيكان لـ”لبنان24″، مشددة على ان الفاتيكان لن يواكب البطريرك الراعي في دعوته طالما ان لا تفاهم او توافق لبنانيا – لبنانيا حول دعوة كهذه، بدليل ان البابا فرنسيس لم يأت على ذكر طروحات البطريرك الراعي في مناسبات خلت تطرق خلالها إلى الوضع في لبنان. فخلال عودته إلى روما بعد زيارته الرسولية إلى البحرين على سبيل المثال لا الحصر اكتفى بتوجيه نداء إلى “السياسيين كي يبتعدوا عن المصالح الشخصية وليتفقوا”، وشدد على ضرورة إيقاف ما يشهد هذا البلد من تدهور وأن يستعيد عظمته”. هذا فضلا عن ان الفاتيكان، بحسب هذا الاوساط، يفترض ان تكون بكركي جسر عبور لتلاقي اللبنانيين ومرجعية وطنية لا ان تكون طرفا ضمن محور في وجه محور آخر.
أَبلغ الراعي اكثر من مرة موقف الفاتيكان من “تدويل” الازمة اللبنانية، رافضاً زج هذا البلد الصغير في سياسة المحاور، خاصة وانه يتابع عبر سفارته وسفيره في بيروت واتصالاته مع المرجعيات المعنية مجريات الاحداث والتطورات في لبنان، وابلغ المعنيين في بكركي وخارجها تمسكه بالمعادلة التي تحمي لبنان وتتضمن ضرورة المحافظة على سيادة هذا البلد والتعددية والوحدة فيه واهمية الحوار بين ابنائه، مع تشديد الفاتيكان، بحسب الأوساط نفسها، على ضرورة ايلاء الكنيسة المارونية الشؤون الحياتية والاجتماعية والاقتصادية للمسيحيين الاهتمام اللازم والضروري بما تقتضيه المرحلة الراهنة.وسط ما تقدم، تعتبر الاوساط نفسها ان الراعي قطع امس شعرة معاوية مع حزب الله، فطرحه الحوار برعاية الامم المتحدة يهدف إلى تدويل الازمة اللبنانية وادخال لبنان تحت الفصل السابع، في حين ان الافضل من سيد الصرح البطريركي دعوته القوى السياسية للتفاهم عبر الحوار اللبناني – اللبناني وتفهم هواجس حزب الله .واذا كان حزب الله يعتبر ان التدويل هو خراب للبنان وان على البطريرك الراعي عدم زج البلد في اتون طروحات تهدد وجوده، فإنه يشجع، وفق مصادره، اي مؤتمرات تعقد بهدف جمع اللبنانيين وتقديم المساعدة لهم كما هو حال المبادرة الفرنسية التي طرحها الرئيس ايمانويل ماكرون في العام 2020 بعيدا عن فرض وصاية من هنا او من هناك.يبقى ان البطريرك الراعي، وفق مصادر بكركي لـ”لبنان24″، يتطلع إلى انقاذ لبنان، لأن المحافظة على دستور على البلد تتطلب مؤتمرا دوليا برعاية الامم المتحدة المسؤولة عن لبنان بصفته عضوا فيها، تتحاور خلاله المكونات السياسية، فالحوارات الداخلية منذ العام 2006 حتى اليوم فشلت لأنها لم تبحث في عمق الازمة التي يعانيها هذا البلد، وابقت الملفات الخلافية جانبا.واذا كان المجتمع الدولي ليس حاضرا لرعاية مؤتمر حول لبنان في القريب العاجل او المتوسط، فإن البطريرك الراعي، بحسب مصادره، سيجري خلال هذا اسبوع اتصالات مع مسؤولين دوليين وامميين من اجل عقد مؤتمر حول لبنان وسيستمر في طروحاته وشرح مقاربته إلى ان يحين الوقت الدولي للالتفات إلى لبنان لحل ازماته، هذا فضلا عن انه سيرفع الصوت في وجه الدول التي تبدي استعدادا لمساعدة لبنان لكنها في الوقت عينه تتفرج على ما يعانيه من ازمات وما يحاك لهذا البلد من مؤامرة الشغور الرئاسي.