تسارعت التطورات القضائية في ملف الدعوى التي تقدّم بها رئيس مجلس النّواب نبيه بري وعقيلته بواسطة وكيلهما المحامي علي رحّال؛ ضدّ النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، على خلفية تغريدة نشرتها أخيراً، وأدرجت مستنداً قديماً يضمّ أسماء سياسيين ورجال أعمال وشخصيات مصرفية بينهم بري وعقيلته، زعمت فيه أنهم هرّبوا عشرات مليارات الدولارات الى المصارف السويسرية. وقد سجّلت الساعات الـ24 الماضية سابقة قضائية تمثّلت في ملاحقة قاض جزائياً.
وفي التفاصيل، لم تحضر القاضية عون أمس إلى النيابة العامة التمييزية للمثول أمام المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، والإستماع إلى إفادتها، بل حضرت وكيلتها القانونية باسكال فهد التي تقدّمت بطلب ردّ القاضي عويدات أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، «لوجود خصومة معه»، كما صرّحت، إضافةً إلى «عدم اختصاص النيابة العامة التمييزية بالدعوى والمرجع الصالح هو الهيئة العليا لمحكمة التمييز»، الا أنّ عويدات سارع الى الادّعاء على القاضية عون «بجرم القدح والذمّ والتحقير وإثارة النعرات الطائفية واساءة استخدام السلطة»، وأحالها على الهيئة العامة لمحكمة التمييز لمحاكمتها.في هذا الوقت، استمع عويدات الى افادة وكيل بري وعقيلته، المحامي رحّال، الذي كرر شكواه ضدّ القاضية عون، مؤكداً أنّ الدعوى قانونيّة وهناك إصرار على المضي بها حتى النهاية «فهناك كرامات ولن نتراجع».كما تسلم عويدات دعوى جديدة، وفق المعلومات، مقدمة من السيدة ميريام سكاف ضد القاضية عون، بعد ورود اسمها في متن المستند الذي نشرته عون في تغريدتها، الامر الذي دفع بسكاف الى توعّدها بأن «نتواجه في المحاكم».
وأوضحت مصادر قضائية لـ»نداء الوطن» أنّ «قانون أصول المحاكمات الجزائية لم يميّز بين ما اذا كان الجرم المنسوب الى القاضي ناشئاً عن الوظيفة أو خارجاً عنها»، لكنّها أكدت «أنّ الحصانة يستفيد منها القاضي في الحالتين»، مشيرة إلى أنّ القانون «ميّز بين درجات القضاة وارتكابهم الجرم»، وذكرت أنّه «اذا كان القاضي من درجة القاضية عون كونها نائبة عامة استئنافية، فإن الشكوى التي يقدّمها مدعي عام التمييز تكون أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، والمؤلفة من الرئيس الاول للمحكمة واعضائها الذين هم في الوقت نفسه رؤساء غرف التمييز، وهذه المحكمة تُعدّ أعلى هيئة قضائية».
ولفتت المصادر الى أنّ القانون قد اعطى للرئيس الاول لمحكمة التمييز حق تكليف قاض من درجة القاضي المدّعى عليه للتحقيق معه اذا كان الأخير قد ارتكب جناية، واصدار مذكرة توقيف في حقه، من دون أن يلحظ ما اذا كان القاضي الملاحق قد ارتكب جنحة». وشرحت بأنّ مذكرة التوقيف لا تصبح نافذة الّا بعد أن يوافق عليها الرئيس الأول لمحكمة التمييز، علماً أنّ التوقيف يكون في مكان خاص يحدّده مدعي عام التمييز». وأشارت المصادر الى أنّ «قاضي التحقيق الذي يتم تعيينه للتحقيق مع القاضية غادة عون يطبق الأصول المعتمدة في عمل قاضي التحقيق العادي ويستطلع رأي النيابة في كل شيء»، وأوضحت أنّه «اذا كان الفعل من نوع جناية، تُرفع القرارات إلى هيئة اتهامية خاصة مؤلفة من 3 قضاة من درجة القاضي المدّعى عليه، ويعيّنهم مجلس القضاء الأعلى ويترأس الهيئة أعلى القضاة درجة، علماً أنّها تطبّق نفس الاجراءات التي تطبقها الهيئات الاتهامية العادية، أمّا اذا لم تجد أي جرم فلا تحاكم القاضي»، ولفتت الى ان قرارات هذه المحكمة مبرمة ولا تقبل التمييز».
وعصر أمس، لجأت القاضية غادة عون إلى «تويتر» خارقة بذلك موجب التحفظ مجدداً، وغرّدت كاتبة: «هلق صار تطبيق القانون جريمة؟ جريمتي أني طلبت تطبيق قانون رفع السرية المصرفية. بطمّنكم يا مودعين انو اذا بقيت الحال على هذا المنوال: يدّعى على القاضي لانو استرجى وطلب تطبيق القانون. للأسف اذا هيك مش راح تشوفو مصرياتكن الّا بالحلم. ولازم تعرفوا انو 30 سنة ظل قانون الاثراء غير المشروع غير مطبق. أنا أول من طبّقه. وقامت الدني وما قعدت. ويللي ادّعى عليّ اليوم وقفني عن العمل بسبب ذلك ولا يحق له قانوناً. انا بعمل ضميري بس اذا بدكن تسترجعوا مصرياتكن، ما فيكن تطلبوا قضاة من القمر. أنا بقدم حالي فدى الحق، ما بيهمّ. بس حقوق الناس مين بيحميها؟ يا رب توكلت عليك ماذا يفعل بي الانسان؟ هلق المطالبة بتطبيق القانون خاصة قانون رفع السرية المصرفية صار جريمة؟ بتحرز يدعى على القاضي الذي يطالب بتطبيقه؟ بتأسف قلن يا مودعين انو بالحلم مش راح تشوفو مصرياتكن».