يستمرّ الفراغ الرئاسي ثقيلاً على المؤسسات، والتدهور الاقتصادي ثقيلاً على اللبنانيين، ويدور الوضع في حلقة مفرغة حول كيفية كسر الجمود في المسار الرئاسي، بعدما أضيفت إليه سجالات تتصل بالتشريع النيابي في ظل الفراغ الرئاسي.
وفي هذا السياق كتبت “النهار”: لم يكن الواقع المأزوم سياسيا ونيابيا وسط التخبط في طلائع مرحلة الفراغ الرئاسي في حاجة الى جلسة اللجان النيابية المشتركة، ولا الى الاجتماع الذي سيعقد اليوم في مكتبة مجلس النواب لعدد من النواب المعارضين والمستقلين، من اجل استشراف مزيد من الارباكات التي ستواجه مجلس النواب ان في مسار “العقم” الرئاسي وان في المسار التشريعي أيضا. ذلك ان الاحتقانات الناجمة عن تزايد تداعيات الفراغ وخصوصا في ظل ما تركته مواقف قيادة “حزب الله” أخيرا من توجس حيال تصعيد متعمد لاطالة امد الفراغ، ستنعكس بشكل مباشر في القابل من الأيام وبدءا من الجلسة السادسة لمجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية الخميس المقبل، مزيدا من خلط الأوراق، ولكن في اتجاهات لن تفضي ابدا الى كسر الانسداد السياسي والنيابي. كما انه في ظل ما يتوقع ان يقرره ما بين ثلاثين وأربعين نائبا تبلغوا الدعوات الى الاجتماع النيابي عصر اليوم في مكتبة المجلس، تتجه مسألة انعقاد جلسات التشريع نحو اشتباك نيابي اخر سيترك مزيدا من التداعيات السلبية على مجمل المناخ السياسي، علما ان الاتجاه الى رفض عقد جلسات تشريعية يتكىء الى هدف ضاغط مفاده الأولوية الحصرية لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية طالما المجلس هو هيئة انتخابية ولا جلسات تشريعية قبل الانتخاب. ولكن اجتماع النواب اليوم سيشوبه غياب كتلتين أساسيتين هما كتلتا “القوات اللبنانية ” و”اللقاء الديموقراطي”. ومن غير المؤكد ان تتفق كل كتل المعارضة على مقاطعة جلسات التشريع. ولذا يقبل المجلس على ارباكات واسعة ستكون الوجه الملازم لتصاعد الاحتقانات السياسية الداخلية من جهة وما يتوقع صدوره من مواقف خارجية جديدة حيال الفراغ الرئاسي في لبنان في الساعات المقبلة من جهة أخرى، علما ان الملف اللبناني سيطرح على هامش قمة بالي في بعض الاجتماعات الثنائية كما سيطرح في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسيل.
وكتبت “نداء الوطن”: احتدم الكباش خلال الساعات الأخيرة بين جبهتي السلطة والمعارضة حول مسألة التشريع في زمن الشغور الرئاسي ربطاً بإصرار تكتلات نيابية وازنة على إبقاء الهيئة العامة في حالة انعقاد دائمة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل الخوض في أي جلسات تشريعية، وهو ما عبرت عنه مصادر نيابية لـ”نداء الوطن”، مؤكدةً أنّ الاجتماع الذي سيعقده عدد من النواب في ساحة النجمة اليوم سيقارب هذه المسألة من زاوية “رفض المحاولة المكشوفة لشقلبة الأولويات في عمل المجلس والتي يحب أن تتصدرها راهناً أولوية انتخاب رئيس للجمهورية”.
ورأت الأوساط السياسية أنّ تصعيد “حزب الله” مواقفه من الاستحقاق الرئاسي، انطلاقاً من رسم أمينه العام “خطوطاً حمراً” حول المرشح المقبول وغير المقبول من جانب “الحزب” وصولاً إلى تأكيد رئيس كتلته البرلمانية أنّه لن يكون هناك رئيس للجمهورية إلا الذي يريده “الحزب”، إنما هو تصعيد يختزن في خلفياته محاولة هادفة إلى رفع سقف التباينات في المواقف اللبنانية الداخلية لإطالة أمد الشغور ريثما يظهر “الخيط الأبيض من الأسود” في توجهات الإدارة الأميركية غداة الانتخابات النصفية وحسمها الموقف النهائي حيال مصير الاتفاق النووي ليُبنى تالياً على الشيء مقتضاه في عملية “شد الحبل الرئاسي أو إرخائه” في لبنان.أما على مستوى الرسائل الداخلية لمواقف “حزب الله”، فممّا لا شك فيه أنها “توزعت بين الحلفاء والخصوم على حدّ سواء”، وفق تعبير الأوساط، فمن جهة رجحت كفة رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية على كفة رئيس “تيار الوطني الحر” جبران باسيل في ميزان ترشيحات “حارة حريك”، ومن ناحية أخرى تعمّد نصرالله من خلال تعليبه مواصفات العهد الرئاسي المقبل ضمن إطار استنساخ مزايا “العهد اللحودي أو العوني” في الدفاع عن سلاح “حزب الله”، أن يردّ على الجهود المبذولة التي تبذلها قوى المعارضة لتوحيد صفوفها والتي بدأت تنتج ارتفاعاً ملحوظاً في حاصل الأصوات النيابية لصالح مرشحها النائب ميشال معوّض، برسالة مختصرة إلى الخصوم مفادها أنه “لن يكون هناك رئيس للجمهورية لا يغطي سلاح “حزب الله” ولو حاز على أكثرية الثلثين في المجلس”.
وكتبت “البناء”: بانتظار الجلسة السادسة للمجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية والتي ستكون تكراراً لسابقاتها وفق ما تؤكد أوساط نيابية لـ”البناء” لعدم توافر أي معطيات ومتغيرات وتبدّل في مواقف الكتل حتى الساعة، وانسداد أفق التوافق وعجز المجلس والقوى السياسية على فرض مرشحين على الآخرين لتعذّر تأمين أكثرية الانتخاب ونصاب الانعقاد كما أظهرت نتائج الجلسات الماضية، لكن تراهن بعض المراجع على الاجتماع المفترض حصوله بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على هامش قمة العشرين في أندونيسيا اليوم، استكمالاً للاتصال الذي حصل بينهما السبت الماضي، وما يمكن أن يرشح من هذه المحادثات الفرنسية – السعودية على صعيد الاستحقاق الرئاسي اللبناني. علماً أن أوساطاً ديبلوماسية تشير لـ”البناء” الى أن الملف الرئاسي ينتظر تدخلاً خارجياً يضغط على أطراف الداخل لانتخاب رئيس جديد، أو على الأقل يُشكل تغطية أو شبكة أمان وضماناً للأطراف الداخلية الأساسية للمباشرة بالحوار لعقد تسوية رئاسية.وتوقعت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن تشهد جلسة الأنتخاب يوم الخميس مطالبة نواب بأجوبة واضحة عن عمل مجلس النواب في فترة الشغور وكيفية احتساب النصاب، ورأت أن بعض الكتل النيابية سيكثف من اتصالاته من أجل بلورة موقف موحد في هذا الملف، حتى أن هناك معلومات تتصل بدخول كتل ممتنعة عن التسمية في اقتراح أسماء.
ووسط تخبّط نيابي وانقسامات، يسعى نواب المعارضة (قوات وكتائب وتجدد وسواهم) وقوى التغيير والمستقلون الى معالجتها عبر اجتماع لهم يضم اكثرمن 30 نائباً، عند الثالثة بعد ظهر اليوم في قاعة مكتبة المجلس، للبحث في اتخاذ موقف موحد من رفض عقد الجلسات التشريعية لأن المجلس هو هيئة ناخبة فقط. ومن أجل تنسيق الموقف في خصوص الاستحقاق الرئاسي وإمكانية الاتفاق على اسم موحد لرئاسة المجلس. وقد جرى التوافق على تأجيل الاجتماع الذي كان مقررا امس في احد الفنادق الى ما بعد انتهاء جلسة اللجان المشتركة اليوم.وذكرت “الجمهورية”، انّ حركة المشاورات والاتصالات حول الملف الرئاسي تجري بوتيرة خجولة، والحديث الطاغي في المجالس السياسية يركّز على ما سيبادر اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري في المدى المنظور، وخصوصاً انّ الجو القائم حالياً نتيجته حتمية باصطدام كل الاطراف الداخليين بالحائط المسدود.وكشفت مصادر موثوقة لـ»الجمهورية»، انّ هذه المشاورات الآنية وكذلك اللاحقة، تركّز على اولويتين؛ جوجلة اسماء المرشحين تقع في المرتبة الثانية، فيما الاولوية الاولى هي بناء قاعدة تفاهمية وتشاركية على هزيمة الفراغ، التي يفرضها الشعور اللبناني العام بالخطر، وإجراءات فوريّة ببناء جدران حماية وصدّ مِن كلّ المكوّنات، وفق المسار الآتي:اولاً، إجراء مراجعة موضوعية لكلّ ما جرى، وإعادة قراءة تفصيلية ومعمّقة للمرحلة الماضية وللسنوات الأخيرة خصوصاً، فالفرصة ما زالت سانحة لتلك المراجعة، وبالتالي استخلاص العبَر ممّا جرى، وإعادة ترتيب الأولويات على هذا الأساس.ثانياً، انتخاب رئيس الجمهورية اولوية ملحّة، ولكن بالدرجة الاولى، ينبغي ان يقترن اختياره بطريق مفتوح الى المجلس النيابي، وهذا يفرض التوافق بين الأطراف الأساسيين.ثالثاً، أيّاً كان الرئيس الذي سيُنتخَب، ينبغي ان يكون عنواناً لطمأنة حقيقية لكل الاطراف.رابعاً، التمسّك بالطائف والتزام دستوره كحاكم منظّم للحياة السياسية في لبنان. وتأكيد الحفاظ على منظومة العيش المشترك التي تَحكم الواقع اللبناني وعدم المسّ بخريطة التوازنات، وتثبيت قواعد الشراكة الحقيقية وليس الشراكة التي يتمّ التغنّي بها كشعار تبريري لغلبة طرف على آخر. والانخراط في مسار إنقاذي من رئيس الجمهورية الى المجلس النيابي والحكومة وسائر القوى السياسية لهزيمة الأزمة، واستعادة الدولة دورها وحضورها وهيبتها.