مَن يُنزل الإبن الشاطرعن شجرة رئاسة الجمهورية؟

16 نوفمبر 2022
مَن يُنزل الإبن الشاطرعن شجرة رئاسة الجمهورية؟


عندما حدّد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مواصفات الرئيس العتيد للجمهورية كان يقصد بالتحديد رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية. ولكنّ رئيس “التيار الوطني الحر” السيد جبران باسيل إعتقد أن هذه المواصفات تنطبق عليه أيضًا كما تنطبق على منافسه الأساسي في “محور الممانعة”. فهو الذي لم يرضخ للشروط الأميركية، فضّل أن يتحمّل العقوبات على أن يطعن “المقاومة” في ظهرها. ولهذا السبب أيضًا يتعرّض للإغتيال السياسي كل يوم من قبل أخصامه السياسيين، الذين حاربوه في الإنتخابات النيابية بهذا السلاح، يوم أعتبروه بأنه يحمي سلاح “حزب الله”. وبهذا السلاح سجّلت “القوات اللبنانية” تقدّمًا لا يُستهان به في المناطق المسماة مسيحية أو في المناطق المختلطة، أقّله في الأصوات التفضيلية، التي حصلت عليها، والتي إعتبرتها “معراب” مؤشرًا سياسيًا مهمًّا لدى القاعدة الشعبية المسيحية. 

لكن حسابات بيدر “حزب الله” لا تنطبق على حسابات بيدر باسيل، على رغم إعتراف “حارة حريك” بـ”ولائه” الكامل، وعلى رغم يقينها بأنه لن يطعن”المقاومة” في ظهرها. ولكن في المقارنة بينه وبين فرنجية فإن أسهم الأخير تبقى متقدّمة على الأول، للأسباب التالية: 
أولًا، قرب فرنجية من رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يرى فيه “الرئيس المناسب” في هذا الظرف أكثر من غيره، بغض النظر عن موقفه المعروف من باسيل، إذ أن “الكيمياء” مفقودة بين الرجلين منذ مدّة طويلة. ولهذا السبب ولغيره أيضًا لا مجال للمقارنة في ميزان “عين التينة بين فرنجية وباسيل.  
ولهذه الأسباب أيضًا من المستبعد أن يختار “حزب الله” ما لا يقبل به بري. وهذا أمر محسوم ومعروف. فالرئيس بري بالنسبة إلى السيد نصرالله خط أحمر، وهو على إستعداد لأن يضحّي بكل شيء في مقابل الحفاظ على متانة توأمة “الثنائي الشيعي”، الذي لا بديل منه لا اليوم ولا غدًا ولا في أي وقت. 
ثانيًا، يعرف “حزب الله” أن كلمة فرنجية كلمة. وكلامه إمّا “نعم” وإمّا “لا”. وهو صادق في كلا الحالين. ومتى يقول “نعم” يكون مقنع الحجج. ومتى يقول “لا” تكون حجتّه مقنعة أيضًا. ويُضاف إلى هذه الميزة الفروسية ميزة أخرى غير متوافرة لدى باسيل، وهي أنه على الصعيد الشخصي فإن فرنجية مقبول ومحترم حتى من قبل ألدّ أعدائه السياسيين، الذين يعترفون بأنه لا يمكن المرء إلاّ أن يحترم مواقفه، على رغم الإختلافات الكبيرة في التوجهات والرؤية. 
ثالثًا، ما يستطيع أن يحقّقه فرنجية من إضافات من خارج بيئته لا يستطيع أن يحققه باسيل. وهذا يعود إلى أن لدى إبن زغرتا قابلية الإنفتاح على الآخر المختلف معه، وهو على إستعداد لملاقاة الجميع إلى منتصف الطريق، ويستطيع أن يحاور الجميع من دون أفكار مسبقة أو أي عقد. 
رابعًا، يعرف “حزب الله” صعوبة إيصال مرشحه، سواء أكان فرنجية او غيره، من دون التوصّل إلى تسوية خارجية يكون لها إرتدادات داخلية. ولكنه يعرف أنه مع فرنجية قادر على كسب رهان التسويات الخارجية المشبوكة بتسويات داخلية قد تحتمّها الظروف الموضعية. أمّا بغيره فإن كسب هذا الرهان يبدو صعبًا وغير واقعي. 
من هنا، فإن حالة باسيل تشكّل عقدة لدى “حزب الله” حتى الآن لا يعرف كيف الخروج منها من دون أن يخسر ما لدى رئيس “التيار البرتقالي” من حيثية نيابية وشعبية، وهذا ما يعرفه “الإبن الشاطر”، الذي يعرف كيف ومتى يتدّلل. 
في المقابل يدرك “حزب الله” أنه هو من أصعد جبران على “شجرة الرئاسة”، وبالتالي عليه إيجاد الوسيلة الممكنة لإنزاله منها قبل أن يسقط و”يعوّر نفسه” ومن حوله.