في اليوم العالمي للتسامح… البحث عن السلام والطمأنينة والفرح ما زال مستمراً

16 نوفمبر 2022
في اليوم العالمي للتسامح… البحث عن السلام والطمأنينة والفرح ما زال مستمراً


يعيش العالم موجات متعددة من التعصّب والتقوقع والأزمات والحروب، ما يجعل البحث عن الحوار والتسامح بين الشعوب ضرورة لا بد منها حتى يستطيع العالم ان يستمر وينتقل الى مراحل جديدة من الازدهار والسلام والطمأنينة.

وتشكل الحرب الدائرة في أوكرانيا نموذجا صريحا من نماذج التقاتل الدموي الذي سيترك حتما مجموعة ندوب من الصعب ان يتخلّص منها الاوكرانيون والروس كأفراد وجماعات في وقت قصير.وفي الشرق، نماذج الاقتتال مستمرة من غير توقف، وقد تكون الحرب  التي دارت في سوريا على مدار أكثر من 10 سنوات، خير دليل على العذابات والجراح الكثيرة التي يعاني منها أبناء هذه المنطقة.لذلك وأمام الصراعات المتتالية التي تنشأ لأسباب اقتصادية او سياسية او استعمارية، حددت “الأمم المتحدة ” يوم 16 تشرين الثاني يوما عالميا للتسامح بهدف الاضاءة على مفاهيم الحوار والتواصل والابتعاد عن مختلف انواع الخلافات بين الشعوب. 
لبنانووفقا لأهداف يوم التسامح العالمي، يبدو ان لبنان بحاجة الى مصالحة حقيقية بين مختلف مكوناته، ما يؤدي للوصول الى مجتمع أكثر أمانا وازدهارا والى بيئة يمكن فيها للفرد والجماعات ان يبدعوا ويقدموا ما يرضي طموحاتهم ويخدم وطنهم.مع العلم ان لبنان، شهد منذ انتهاء الحرب الأهلية مجموعة مصالحات أبرزها مصالحة “الجبل” التي قادها المثلث الرحمة البطريرك ما نصرالله بطرس صفير ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.كما شهدت الساحة اللبنانية  عدة مصالحات بين المكونات المسيحية في البلاد، نذكر منها “اتفاق معراب” الذي جمع سمير جعجع وميشال عون، بالاضافة الى اللقاء الوجداني في بكركي بين “المرده” و”القوات”.وعلى الرغم من هذه المصالحات التي تأخذ طابع المسامحة وتقبّل الآخر، ما زالت علامات الحرب البشعة ظاهرة في البنية الأساسية للمجتمع اللبناني، ما يدفع للبحث عن طرق واساليب تؤدي الى تقبّل المواطنين لبعضهم البعض بصورة أفضل، وبالتالي الى تحويل المجتمع اللبناني الى مجتمع نموذجي بكل ما للكلمة من معنى وبشكل فعليّ لا صوريّ.
تفاصيل يوم التسامح العالمييرجع تاريخ التفكير في إعلان اليوم العالمي للتسامح إلى عام 1993 حين اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم (126/ 48) الذي يقضي بأن يكون عام 1995 هو “العام الدولي للتسامح”، بناء على مبادرة من المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو الدولية المنعقد في 16تشرين الثاني 1995. وفي 12 كانون الأول عام 1996 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم (95/ 51)، ودعت بموجبه الدول الأعضاء فيها إلى الاحتفال بـ”اليوم العالمي للتسامح” في يوم 16 تشرين الثاني من كل عام. وبناء على ذلك اعتمدت الدول الأعضاء “إعلان مبادئ التسامح الأممي”. وتهدف منظمة الأمم المتحدة من إقرار يوم عالمي للاحتفال بالتسامح إلى الدعوة لإرساء قيمة التسامح والتغافر بين جميع البشر على اختلاف أديانهم وثقافاتهم وعرقياتهم، سعيا لتحقيق حياة أفضل للإنسانية يسودها السلام الذي ترسخه معاني التسامح وقبول الآخر والاحترام المتبادل بين الأمم والشعوب. وقد نص “إعلان مبادئ التسامح الأممي” الذي اعتمدته الجمعية العامة في هذا الشأن على أن التسامح يعني في جوهره “الاعتراف بحقوق الإنسان للآخرين”. كما أكدت مبادئ التسامح التي وردت في “إعلان اليونسكو” الذي اعتمدته أن التسامح يعني “الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا، ولأشكال التعبير، وللصفات الإنسانية لدينا، ويتعزز هذا التسامح بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد”.وقد جرت العادة أن يُرسل في هذا اليوم كلٌ من الأمين العام للأم المتحدة والمدير العام لليونسكو رسالة تشيد بالتسامح وتدعو إليه، باعتباره السبيل الأفضل لإرساء دعائم السلام في العالم. كما يدعو قرار الجمعية العامة بهذا الشأن الحكومات والمؤسسات الرسمية لوضع خطط وتنظيم أنشطة تحث المؤسسات التعليمية والجمهور على الاحتفال بهذا اليوم.ففي رسالتها بهذه المناسبة عام 2012 أوضحت المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا “المفهوم الصحيح للتسامح”، حيث قالت “إن التسامح لا يعني الشعور باللامبالاة تجاه الآخرين، ولا يستبطن قبول كل المعتقدات وكل أنماط السلوك دون أي تحفظ، وهو لا يعني تدني التزام المرء بمعتقداته أو تهاونه بها، كما أنه لا يحمل أية دلالة على أن الشخص المتسامح أرفع مرتبة من الآخرين”.وتجاوبا مع الدعوات الأممية للاحتفال السنوي باليوم العالمي للتسامح، تكرّس طائفة كبيرة من المنظمات والمؤسسات الحقوقية والثقافية غير الحكومية -بما في ذلك تلك الموجودة في العالم العربي والإسلامي- جزءا من أنشطتها وفعالياتها للاحتفاء بهذا اليوم سنويا.وتتناول هذه الأنشطة -التي تشتمل على محاضرات وندوات ومؤتمرات ومعارض… إلخ- ترويج وترسيخ الوعي بمعاني التسامح الديني والثقافي والتحاور والتعاون بين أمم العالم، إيمانا منها بأن التنوع والاختلاف أمر ملازم للوجود الإنساني، وهو الضامن لوحدة النسيج الاجتماعي لكل شعب وأمة.