جلسة الخميس الانتخابيّة كسابقاتها.. هل يكون التدويل هو الحلّ؟

16 نوفمبر 2022
جلسة الخميس الانتخابيّة كسابقاتها.. هل يكون التدويل هو الحلّ؟


ليس خافيًا على أحد أنّ جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المرتقبة غدًا الخميس، لن تحمل أيّ جديد “نوعي” يُذكَر، وستكون في أفضل أحوالها “نسخة طبق الأصل” عن سابقاتها، بحيث تقتصر على دورة “يتيمة”، تنتهي بعدم حصول أيّ مرشح على الأكثرية المطلوبة من الأصوات، في ضوء “انقسام” المعسكرين الموالي والمعارض على بعضهما، وتمسّك بعض القوى بخيارات “الأوراق البيضاء”، أو “الشعارات” التي لا تقدّم ولا تؤخّر.

 
فعلى الرغم من المواقف “المتقدّمة” التي طبعت الملف الرئاسي في الفترة الأخيرة، وآخرها ذلك الذي أطلقه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، وكاد معه يكشف “الحرف الأول” من اسم “مرشحه المفصّل” للرئاسة، إلا أنّ قوى “8 آذار” ذاهبة إلى الجلسة بأوراقها البيضاء، معطوفة على قرار “تعطيل نصاب” الدورة الثانية، بوصفه “خيارًا ديمقراطيًا مشروعًا”، وفق ما يؤكد نواب “حزب الله” مع كلّ جلسة.
 
ولا يبدو الوضع مغايرًا بالنسبة لقوى المعارضة، التي لم تستطع بعد أن تحقّق “الإجماع” على دعم ترشيح النائب ميشال معوض أو غيره، رغم اللقاءات “الماراثونية” التي تعقدها بأشكال متنوّعة، ما يفتح الباب أمام طرح المزيد من علامات الاستفهام، فإلى متى تستمرّ هذه “الدوامة” التي تبدو بلا أفق؟ وهل يكون “التدويل” هو الحلّ، خصوصًا بعدما طرح البطريرك الماروني بشارة الراعي صراحةً فكرة “المؤتمر الدولي” في عظته الأخيرة؟!
 “المؤتمر الدولي” مرفوض؟! 
في عظته الأخيرة يوم الأحد،كان البطريرك الراعي واضحًا بدعوته صراحةً لعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان، وهو ما ربطه بـ”فشل مجلس النواب الذريع” في إنجاز الاستحقاق الرئاسية، بعد جلسات خمس وصفها بـ”الهزلية”، ليأتي الردّ “المباشر” عليه من المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، الذي اعتبر أن “الحل السيادي الإنقاذي يمرّ بالمجلس النيابي حصرًا، لا بأيّ مؤتمر دولي”، وفق قوله.
 
ولعلّ موقف قبلان يجد ما “يوازيه”،بشكل أو بآخر، لدى القوى السياسية، التي تقاطعت أوساطها على “رفض” فكرة المؤتمر الدولي في الظرف الراهن، أو بالحدّ الأدنى، على “التشكيك” في قدرته على تحقيق نتائج، وفق ما تقول حتى بعض القوى القريبة من البطريرك الراعي والمؤيدة له، عازية ذلك إلى ما تصفه “التصلّب” في مواقف اللاعبين المحليين، ولا سيما أولئك الذين يعطّلون الاستحقاق، ويمنعون إنجازه.
 
في المقابل، ثمّة بين القوى السياسية من يرفض فكرة “المؤتمر الدولي” لأسباب واعتبارات “مبدئية”، وفق ما يقولون، ويعتبر هؤلاء أنّ الكرة هي في ملعب أطراف اللعبة الداخلية وينبغي أن تبقى كذلك، متسائلين: “لماذا يكون المؤتمر الدولي مقبولاً، إذا كان الحوار الداخلي مرفوضًا؟ وألم يكن الأوْلى إنجاح مبادرة الرئيس نبيه بري، واللقاء تحت قبّة البرلمان، على اللقاء في عاصمة خارجية، قريبة كانت أم بعيدة؟”.
 “التدويل” حاصل؟! 
غير أنّ العارفين بـ”دوافع” البطريرك الراعي يرفضون “المنحى” الذي ذهب إليه المفسّرون والمحلّلون، مؤكدين أنّ الرجل حين تحدّث عن “مؤتمر دولي”، فهو لم يستند سوى إلى حالة “الجمود والشلل” الواقعة في الداخل، أمام جلسات برلمانية باتت أقرب إلى “المسرحية”، وبعد فشل كلّ المبادرات الحوارية في الداخل، وهو استنادًا إلى ذلك، حاول أن يوجِد “فسحة” يمكن الانطلاق منها، تفاديًا لتحويل الفراغ الرئاسي إلى أمر واقع، كما يريد البعض ربما.
 
لكن، بمعزل عن “المؤتمر الدولي” الذي دعا إليه الراعي، والذي لا يبدو وفق الكثير من المتابعين “واردًا” في الوقت الحالي، أقله من دون “مقدّمات” تضمن نجاحه، فإنّ “تدويل” الملف الرئاسي قد بدأ عمليًا، وفق ما يعتقد هؤلاء، ممّن يشيرون إلى “حراك فرنسي” مثلاً، لا يمكن التغاضي عنه، ولو أنّه لا يرقى وفق الأدبيّات المتعارف عليها، إلى مستوى “المبادرة” ربما، لأنّ باريس لا تريد الدخول في أيّ “مغامرة” بعد تجاربها “المرّة” السابقة مع لبنان.
 
ويلفت العارفون في هذا السياق، إلى “تنسيق جار” بين فرنسا والأطراف اللبنانية من جهة، وبينها وبين الجهات الدولية الوازنة من جهة ثانية، ولا سيما المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، علمًا أنّ الاتصال الذي جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل أيام نال “قسطه” من الاهتمام، خصوصًا أنّه تركّز على لبنان، وهو ما يعتبره كثيرون “مؤشّرًا بالغ الدلالات”.
 
لا جديد مُنتظَرًا إذًا في جلسة الخميس النيابية الرئاسية، فلا مرشح المعارضة المُعلَن سيحقّق “قفزة نوعية” تقرّبه من قصر بعبدا، ولا المرشح المنافس له، غير المُعلَن بصورة رسمية حتى الآن، سيغيّر المعادلات، بانتظار توافق لم تكتمل معطياته بعد، وهي المرهونة لـ”تسوية” يُقال إنّها تُطبَخ خلف الكواليس، في الداخل والخارج، إلا أنّها لم توضَع “على نار حامية” بعد!