ما بين السادسة والسابعة: عروض رئاسية فاشلة

19 نوفمبر 2022
ما بين السادسة والسابعة: عروض رئاسية فاشلة

كتب جورج شاهين في” الجمهورية”:لا يتجاهل العارفون بكثير من مضمون الإتصالات الجارية حجم التردد الموجود في اتخاذ المواقف الصلبة في شأن الاستحقاق الرئاسي، وكأنّ البعض ممّن امتهنوا القيام بدور الوسطاء يتمهلون في طرح الخيارات الجدية والنهائية الحاسمة في انتظار شيء ما من الخارج ولا يزال كثير منهم ينتظره من دون الافصاح عن ماهيته وشكله ومضمونه. فالمواقف الدولية والحديث المتنامي عن وساطات خارجية ومبادرات فرنسية او سعودية او اميركية لم يثبت بعد جديته لمجرد أنه لم يتناول بعد تفاصيل الانتخابات الرئاسية بدليل انّ سفراء بعض هذه الدول قد انكفأوا عن حراكهم الداخلي لأسباب مختلفة.

ففي الوقت الذي تبلّغت فيه مراجع سياسية وديبلوماسية ان السفير السعودي وليد البخاري، الذي غادر بيروت عقب احتفالية الذكرى الثالثة والثلاثين لتوقيع “اتفاق الطائف”، لم يعد بعد الى اهتماماته اللبنانية. وقد ابتعدت معه عن الساحة الداخلية السفيرة الفرنسية آن غريو بعدما قصدت بلادها منذ اكثر من اسبوع لإجراء مشاورات مختلفة الأهداف لا تعني انتخاب الرئيس فحسب. ذلك ان هناك اهتمامات فرنسية تسبق هذا الاستحقاق وتعني حياة اللبنانيين في المجالات الانسانية والمعيشية. وقد تلاقت هذه الاجواء مع ما عادت به شخصية اممية من جولة خليجية عربية أجرتها بتكليف مباشر من دوائر نيويورك من أجواء اللامبالاة الخارجية تجاه ما يجري في لبنان. وقد حرصت هذه الشخصية في جولتها خلال الايام القليلة الماضية على وضع المسؤولين اللبنانيين في هذه الاجواء لِحضّهم على مبادرات ايجابية يمكن ان تكسر الحلقة المفرغة التي يدور فيها الاستحقاق الرئاسي في وقت يحتاج لبنان الى إكمال عقد مؤسساته وسلطاته لتنتظم الحياة الدستورية في البلاد.
 
وفي المعلومات المتداولة انّ الشخصية الاممية نصحت بشدة بضرورة اخراج البلاد سريعاً من مدار العجز المتمادي في إدارة المسؤولين للملفات الداخلية، وإنجاز ما هو مطلوب منهم على اكثر من مستوى وصعيد بعدما تجاوزت المناكفات السياسية المهل الدستورية لانتخاب الرئيس قبل نهاية ولاية سلفه، والتباطؤ في التعاطي مع مجموعة التفاهمات التي عقدت، سواء بالنسبة الى الترسيم البحري والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وتحضير القوانين المطلوبة والإجراءات التي تحمي ما تحقّق منها مَخافة ان تنهار دفعة واحدة بطريقة دراماتيكية تزيد من حال اللبنانيين صعوبة كما تبخرت الوعود بإنجازات وهمية واحدة بعد أخرى.
 
وبناء على كل هذه المعطيات والمؤشرات التي لم تعد خافية على احد، هناك من يصرّ على القيام بما يؤدي الى مزيد من التأزم الداخلي بعروض فاشلة على قاعدة أنّ “من بعدي الطوفان” وبمنطق “عليّ وعلى اعدائي يارب”، أيّاً كان الثمن الذي سيدفعه لبنان من الآن وصاعداً. وكل ذلك يجري في موازاة من لا يزال يتلهّى في كل جلسة بأوراق بيض تحمل اسما خفيا لم يكتب بعد بالحبر الازرق وقد اقترب أوان استخدامه، وآخرون يتسلّون ببعض الاسماء المختارة بعناية من لائحة معلن عنها وأخرى مستترة لتغطية مواقف ملتبسة وعلى خلفيات انتقامية من هذا او ذاك، في انتظار اللحظة التي تستوي في طبخة الرئيس، والتي سيأكلها اللبنانيون ولو كانت سماً بالنسبة الى بعضهم فهم مُجبرون على تَجرّعه في انتظار ساعة الصفر التي ما تزال غامضة.