كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:في حيّ السراي القديم، أحد أقدم أحياء مدينة النبطية التراثية، يقع محل المكوجي علي صباح، يواصل فيه عمله بمهنته العتيقة، يستخدم ماكينة “بودعسة” القديمة في إصلاح الملابس المتكدّسة أمامه، فالخياطة نشطت كثيراً بفعل الأزمة، وزاد الطلب على التصليح. اللافت في محلّه أنّ كلّ شيء قديم، من الماكينة الى المكوى الحديدي الى باقي العدّة.
لا يعوِّل المعلّم علي صباح كثيراً على التغذية الرسمية لمؤسسة كهرباء لبنان، أو ما يعرف بـ”كهرباء الدولة”، “بالفعل وصلنا إلى زمن الانقطاع الكامل للتيار الكهربائي فيما الاعتماد على المولّدات التجارية مكلف جداً، فكثر لجأوا الى محلي لكيّ ملابسهم، لأن كلفتها أرخص”، على ما يقول علي.لم يتقاعد العمّ علي من عمله يوماً، ولم تتعب قدماه من ماكينته “بودعسة”، على العكس، يواصل درز الملابس الممزّقة وإصلاح كلّ ما يحضر إلى محله. يواظب على خياطة البزّات الرجالية، معظم زبائنه من الرعيل القديم الذين يهوون ارتداء “البدلة”، فهو الوحيد في مدينة النبطية الذي يمارس مهنة الخياط الى جانب التصليح، والوحيد أيضاً الذي يحافظ على عدّته التي تحتاج الكثير من الدقّة والتركيز، و”الخطأ فيها ممنوع”.
لم يتأثر كثيراً بالأزمة، على العكس كانت فأل خير عليه، ضخّت الروح في مهنته التراثية، التي يمضي فيها رغم أنّ أحداً من جيل اليوم لم يتعلّمها لأنّها متعبة وتحتاج دقّة وصبراً. قد يكون الوحيد الذي يستعين بعدّة قديمة، وربما يكون الوحيد أيضاً الذي عاند فواتير الكهرباء القاسية، “فأنا أخيط الملابس وأكويها والطلب كبير عليّ، والناس يقصدونني لأنجز لهم ملابسهم، أضف إلى أنّ الخياطة والترقيع باتا باهظي الثمن ولحقا بالدولار”، غير أنّ تسعيرة العمّ علي ما زالت شعبية.