من دونه لا إستقلال

22 نوفمبر 2022
من دونه لا إستقلال


إنهما متلازمان ولا ينفصلان عن بعضهما البعض في التكوينة المثالية لدولة القانون والحق تمامًا كتلازم الأوكسيجين مع الهيدروجين لتكوينة الماء، الذي به يحيا الإنسان. 
فلا يمكننا أن نفكرّ بالإستقلال من دون أن نفكرّ بالجيش، الذي هو رمز لوحدة الوطن، ومن دونه موحدًّا وقويًا ومتماسكًا وعصّيًا لا إستقلال، وأكاد أقول لا دولة. والدولة التي ليس فيها جيش يحمي وحده حدودها، ويحفظ أمنها الداخلي، ويصون سلمها الأهلي، ويدافع عن المواطنين المظلومين في وجه الظالمين، لا تكون دولة كاملة المواصفات السيادية. 
في أمن الوطن لا شراكة بين الجيش والآخرين؛ لأن الأمن لا يكون بالتراضي، ولا بـ”تبويس اللحى”، ولا حتى بالمسايرة. فالأمن وحدة متكاملة. لا يتجزأ ولا يُجزّأ. هو وحدة متماسكة ومترابطة. إما أن يكون سلسلة متواصلة تلف الحدود الجنوبية والشمالية – الشرقية، وصولًا إلى العمق الداخلي أو لا يكون. فزمن ما كان يُعرف بـ”الأمن الذاتي” قد ولّى إلى غير رجعة عندما أثبت الجيش أنه العمود الفقري لأمن المواطن، الذي لم يجد بديلًا منه لحمايته وحفظ حقوقه وضمان عيشه بكرامة. 
لا سلاح يعلو على سلاح الجيش. لا في الحاضر ولا في الماضي، إذ أن التجارب أثبتت للقاصي والداني أنه الوحيد، الذي يحمي من دون مقابل، وهو الوحيد الذي يضحّي ويعطي من دون حدود ومن دون أن يمنّن أحدًا. هو واقف في وجه الزمان ليدافع عن كل حبّة تراب، وعن كل مواطن. لا فرق عنده إذا كان هذا المواطن ينتمي إلى هذه الطائفة أو تلك. ما يهمّه هو أن يحمي جميع المواطنين من أي أذىً خارجي أو داخلي. الجيش لا يميّز بين مواطن وآخر، لأنه واحد منهم. في صفوفه المسيحي والمسلم، وهم يد واحدة، وقلب واحد وإرادة واحدة وهدف واحد. 
ولتحقيق هذا الهدف يعمل الجيش، بكل وحداته وقطاعاته، على نشر الطمأنينة حيثما يكون. من دونه يشعر المواطن بأن أمنه مهدّد. ومن دونه لا أمان ولا إستقرار. فما يقوم به الجيش من مهمّات وطنية لا أحد غيره يمكنه أن يقوم بها. وحده الثابت فيما الآخرون متحرّكون ومتبدّلون. التجارب الماضية كثيرة، ومنها يجب الإسترشاد. أصحاب هذه التجارب إنتهت أدوارهم. أمّا الجيش فباقٍ ما بقي الوطن. هم الإستثناء وهو القاعدة الثابتة. 
فلا تضحية تضاهي تضحيات عناصر الجيش، وبخاصة في هذه الأوقات العصيبة والصعبة. فمن هو على إستعداد للتضحية بروحه في سبيل الوطن لن يبخل بأن يضحّي بوقته وجهده. 
ولا شرف أرقى من شرف الذي يخدم بلاده ويدافع عنها بكل صلابة وإيمان ومحبة. 
أمّا الوفاء فلا حدّث ولا حرج. إنه وفاء الشرفاء المستعدّين للتضحية بكل غالٍ ونفيس، من دون تذمّر أو تكدّر أو تأفف. 
فحيثما يحّل الجيش يكون الأمان. بوجوده يستطيع أن ينام اللبنانيون، في الشمال والجنوب، في السهل والجبل والساحل، وهم مطمئنون أنهم محروسون ومأمونون. بوجود الجيش يزول الخوف والإضطراب ويحّل مكانهما السكون والإطمئنان. 
هكذا نفهم الإستقلال. وهكذا يجب أن يكون الآن وفي المستقبل.