كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”:
فرض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لبنان على خارطة الدعم الأممي من خلال برنامج الأغذية العالمي الذي قرر مجلسه التنفيذي في إجتماعه الأخير في روما تخصيص لبنان بخمسة مليارات و400 مليون دولار أميركي، بعدما كان هذا البرنامج يحصر إهتمامه فقط بالنازحين السوريين المنتشرين في مختلف المناطق اللبنانية.إنطلق المشروع للمرة الأولى في لبنان عام 2012 لدعم النازحين السوريين الذين عبروا الحدود آنذاك باتجاه لبنان هربا من الأحداث الدامية التي كانت تشهدها أكثرية المناطق السورية، وقد تعاطت الحكومات المتعاقبة مع هذا المشروع كما هو من دون أن تضع أية شروط حول إلزامية إستهداف المجتمع المضيف لا سيما الفئات الأكثر فقرا وتهميشا.مع حصول إنفجار بيروت المشؤوم أي بعد نحو 12 عاما من إطلاق هذا المشروع الذي يقدم شبكة الأمان للنازحين، رأت بعض الدول المانحة ضرورة مراعاة الشعب اللبناني وتقديم مساعدات له من خلال برنامج الأغذية العالمي، حيث بدأ التعاطي مع اللبنانيين ضمن هذا المشروع بنسبة 30 بالمئة، ومع السوريين بنسبة 70 بالمئة.مع تشكيل حكومة “معا للانقاذ” برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، تم تفعيل برامج الدعم للعائلات الأكثر فقرا، وترافق ذلك مع إقرار الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية، والتي تتعلق بشكل مباشر بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يطلب أن تكون هناك شبكات حماية إجتماعية للطبقات الفقيرة ليصار الى تنفيذ شروطه.لا شك في أن الرئيس ميقاتي قام بدور كبير مع المجتمع الدولي في وضع لبنان على خارطة الدعم الأممي المستدام، حيث كان لموقفه بأن “لبنان لم يعد قادرا على تحمل أعباء النزوح السوري” تأثير على المجتمع الدولي لجهة إعادة النظر في بعض مشاريع الدعم، كما حرص ميقاتي خلال وجوده في إجتماعات الأمانة العامة للأمم المتحدة في نيويورك وخلال مشاركته في قمة المناخ في شرم الشيخ على عقد أكثر من إجتماع مع المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي دايفيد بيزلي حيث قدم له دراسات وأرقام تشير الى حجم الحاجات اللبنانية فضلا عن تجديده التأكيد بأن “لبنان لم يعد قادرا على تحمل المزيد من تداعيات النزوح”، داعيا الى أن يكون هناك إنصاف في توزيع المساعدات بين السوريين واللبنانيين، فكان الاتفاق على أن يصار الى تقسيم المشروع المتعلق ببرنامج الأغذية العالمي مناصفة بين اللبنانيين والسوريين بنسبة 50 بالمئة لكل طرف، وعلى هذا الأساس تم تبني إقتراح الرئيس ميقاتي، وقرر المجلس التنفيذي للبرنامج تخصيص لبنان بخمسة مليارات و400 مليون دولار لمدة ثلاث سنوات.واللافت في متن هذا القرار، هو ما تمكن الرئيس ميقاتي من الاستحصال عليه لجهة:أولا: مساعدة الدولة اللبنانية على يكون لديها شبكات أمان على المستوى الوطني تعنى بالتغطية الصحية والتربوية والاجتماعية لنحو مليون شخص سيحصلون على مساعدات مالية وأخرى عينية، وصولا فيما بعد الى خدمات موسعة تساهم في الحد من المعاناة، وإيجاد فرص عمل بما يساهم في حماية المجتمع اللبناني.ثانيا: تأمين كل المواد الغذائية التي ستقدم الى المستهدفين من هذا المشروع والذي يقدر عددهم نحو مليوني شخص (لبنانيون وسوريون) من السوق المحلي اللبناني.
ثالثا: دعم المزارعين بشراء محاصيلهم وتطوير التقنيات الزراعية التي تتناسب مع التغير المناخي في المنطقة، وتأمين الارشاد الزراعي بشكل متواصل.يقول بعض الخبراء إن ما تحقق يعتبر إنجازا كبيرا سيكون له مردود إيجابي جدا على الطبقات الفقيرة، حيث ستؤمن المساعدات المالية والعينية والتربوية حياة كريمة لأكثر من مليون لبناني يعتبرون من ضمن الطبقة الأكثر فقرا، ما سيمنح لبنان شبكة أمان موحدة وموسعة، كما سيكون لذلك إنعكاسات إيجابية أيضا على مسار التفاوض للاتفاق مع صندوق النقد الدولي وترجمة ذلك على صعيد تأمين المساعدات والهبات للبنان.