الاستقلال بلا دولة… والاستحقاق الرئاسي رهينة التعطيل وتقاذف المسؤوليات

23 نوفمبر 2022
الاستقلال بلا دولة… والاستحقاق الرئاسي رهينة التعطيل وتقاذف المسؤوليات


حلّ العيد التاسع والسبعين للاستقلال واهل السياسة في لبنان يتقاذفون كرة مسؤولية التعطيل. هذا بعدم حسم مرشحه وذاك بطرح مرشح تحد وثالث بعدم الثبات على شخصية، فيما النتيجة الفعلبة ان لا انتخاب لرئيس للجمهورية وجلسات الانتخاب المتكررة كل خميس بلا جدوى.
وكتبت” النهار”: لم يكُن غياب أي احتفال رسمي بالذكرى الـ79 للاستقلال أمس سوى تتويج رمزي وواقعي لإحدى أسوأ ظواهر استهانة جهات لبنانية دأبت على تعطيل الاستحقاقات الدستورية ومسخ النظام الدستوري بالتداعيات الشديدة السلبية التي تواكب أزمة الفراغ الرئاسي. فإذا كان قصر بعبدا “المهجور” منذ بداية تشرين الثاني الحالي لم يفتح أبوابه أمس للاستقبال التقليدي، ولا أقيم العرض العسكري التقليدي في جادة شفيق الوزان في وسط بيروت، ولا أقيمت حتى عروض عسكرية رمزية في الثُكَن الأساسية للجيش في المناطق، فإنّ كل ذلك ساهم في زيادة القتامة التي تغطّي المشهد الداخلي ولو على سبيل افتقاد الشكل الرسمي للدولة الكاملة المؤسسات.
وفي أي حال، فإنّ هذا الغياب جاء منسجما مع جمود قاتل يسود واقع الازمة الرئاسية ويبدو انه سيستهلك مزيدا من الوقت المفتوح خلافاً لرهانات كثيرين على تقصير امد هذه الأزمة الجديدة هذه المرة بداعي أنّ البلد لا يحتمل في ظلّ الانهيار الذي عرفه والذي لا تزال فصوله تتصاعد فراغاً طويلاً كذلك الذي حصل بين عامي 2014 و2016 قبل انتخاب الرئيس السابق ميشال عون. هذا الجمود بات عنواناً للابتزاز والاستفزاز السياسي المكشوف الذي يمارسه مكوّنان أساسيّان من تحالف 8 آذار يتوزّعان الأدوار حيال مبارزة الترشح للانتخابات داخل هذا التحالف بما صار معلوما ومكشوفا للجميع. ويبدو واضحاً أنّ أي اختراق للازمة لا يبدو قريباً أو متاحاً ما دام اللعبة التي يمارسها “حزب الله” ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل تتواصل على إيقاع تمسّك الحزب بترشيح سليمان فرنجية ورفض باسيل لهذا الترشيح وتمسك الحزب بعدم تجاوز باسيل في دعمه لفرنجية.
 
هذه المعادلة باتت موصوفة لجهة أنّها معادلة اختباء المعطلين الواحد وراء الآخر إلى أمد غير معروف في انتظار بلورة عوامل ضاغطة جديدة داخلية وخارجية من شأنها إخراج لبنان من هذه الدوامة التعطيلية.
 
وكتبت” الديار”: عيد استقلال «كئيب» يحل اليوم في غياب «الوطن». عيد للفراغ على كافة المستويات دون اي «ضوء في نهاية النفق». وفي غياب كل مقومات الحياة الكريمة، ويأس اللبنانيين من حاضرهم ومستقبلهم، طبيعي ان يغيب الاحتفال الرسمي في ذكرى استقلال فقد كل معانيه الحقيقية. وحده «امر اليوم» من قبل قائد الجيش جوزاف عون للعسكريين منع حرف «بوصلة» دور المؤسسة العسكرية، وذكّر بان اولويتها الحفاظ على الامن.
وكتبت” الجمهورية”: عيد الاستقلال يتيم هذا العام، يعبر الارجاء اللبنانية وحيداً، كمناسبة ثانوية فاقدة لأيّ معنى، وعارية من رمزيتها الوطنية. فلا رئيس للجمهورية، ولا إرادة داخلية في انتشاله من مغارة التناقضات. امّا الدولة فعالقة في نفق مسدود تعاني الانشطار السياسي وتتنازعها الاهواء، ويعتريها كمّ هائل من مكامن الضعف في كل مفاصلها. ونشيدها الوطني الذي يفترض ان يعلو ولا يُعلى عليه، صار أناشيد كيديّات وحسابات وحزبيّات تنعى كلّ عناصر التقارب والوئام، وتروّج للفرقة والإنقسام، وتهدم معابر الانفراج وتحقن الازمة الخانقة بمنشّطات تطيل عمرها وتعمّقها اكثر وتبقيها ساحة إعدام جماعي لكلّ اللبنانيين.
هي طريق الجلجلة يمشيها لبنان، ولا بد من نهاية لها، وهذا البلد الصغير المتجذر في التاريخ والجغرافيا، بإرادة المخلصين سيعبر هذه المحنة شامخاً، وسيعود أعلى وأكبر وأصلب وأقوى من ان ينال منه تجار الشعارات وبائعي الاهام، ومغامرات المقامرين بحاضره ومستقبله، ويتحرر من كل هذه الآفات والموبقات، وهنا بالتأكيد يكمن الخلاص والمعنى الحقيقي للاستقلال.
 
وكتبت” اللواء”: يمضي عيد الاستقلال وكأن البلد فقد استقلاله بالكامل، لولا مظاهر ومواقف تؤكد تمسك اللبنانيين ببلدهم واستقرارهم وصمودهم لتجاوز ازمة كبيرة، لا تنفك تنهش بالجسد اللبناني، على مرأى ومسمع من طبقة سياسية، بالغة السوء، لدرجة العبث بكل شيء من أجل مصالح وأنانيات وحسابات شخصية وفئوية من موقع المسؤولية العامة في مؤسسات الدولة واداراتها.