كتب طوني عيسى في” الجمهورية”: لا توحي المؤشرات انّ النائب جبران باسيل سيتراجع في ملف الرئاسة، مهما طال أمدُ الفراغ. فلا أحد «يمون عليه» لكي يتراجع إلّا «حزب الله». وعلى الأرجح، لـ»الحزب» أسبابه كي لا يفعل.
واقعياً، لا يمكن أن يؤخَذ على «حزب الله» أنّه صاحب القرار في ملف الرئاسة. فهذه ليست مسؤوليته بمقدار ما هي مسؤولية القوى المسيحية العاجزة عن فرض مرشحها لرئاسة الجمهورية، كما يفرض الشيعة مرشحهم لرئاسة المجلس. ويعتمد «الحزب» سياسة «الغموض البنّاء» في ملف الرئاسة، بحيث تنطلق التحليلات المتضاربة حول حقيقة موقفه.
ففي معسكر فرنجية يُقال إنّ «الحزب» حسم أمره باكراً، وهو ما اعتاد المناورة بحلفائه الأقربين. وأما في معسكر باسيل فيُقال إنّ المرحلة الحالية هي مرحلة إضاعة الوقت، وإنّ المفاوضات الجديّة حول الرئاسة لم تنطلق بعد. وبين هذا وذاك، يراهن «التوافقيون» على أنّ واحداً منهم سيكون التسوية، بعد أن يتعب الحليفان – اللدودان.
المؤكّد في هذا المجال، هو أنّ «حزب الله» «لا يبيع» حلفاءه. ولذلك، هو اليوم لا يناور لا بباسيل ولا بفرنجية. كما أنّه لا ينكث بالوعد الذي قطعه للثاني، قبل 6 سنوات، بأن تكون له خلافة عون. لكن المؤكّد أيضاً أنّ «الحزب» لا يتخذ قراراته إلاّ وفقاً لمقتضيات مصالحه العليا، أي لما يوفر استمرار سيطرته على القرار في لبنان، 6 سنوات مقبلة.
يعني ذلك أنّ «الحزب» لن يختار «رئيساً توافقياً» إلّا إذا اضطر إلى ذلك، ضمن صفقة متكاملة فيها ما يكفي من الضمانات والتطمينات. وهذا الأمر متروك كخيار احتياطي، إذا تعذّر اعتماد الخيار الأول، أي انتخاب باسيل أو فرنجية أو أي مرشح آخر من بين الحلفاء الأقربين.
اليوم، يبدو فرنجية مطمئناً إلى أنّه يحظى بدعم «الثنائي الشيعي»، وفي الإمكان حصوله على غالبية سنّية ودرزية محتملة، وبعدم وجود «فيتوات» خارجية قاسية عليه. لكنه، في المقابل، يشكو من أن تؤدي المقاطعة المسيحية الشاملة إلى تسديد ضربة قاضية لحظوظه. ووحده الخصم، باسيل، قادر على إحداث خرق مهم في هذه المقاطعة وتعويضه ما يحتاج من التغطية المسيحية.
وأما باسيل، فيعرف أنّ أمامه جداراً سميكاً من «الفيتوات» الشيعية والسنّية والمسيحية والدرزية في الداخل، و»الفيتوات» العربية والدولية. لكنه يراهن على أنّ الوقت سيتكفل بزوال «الفيتوات» تدريجاً.
اليوم، تُعتبر حظوظ باسيل في موقع أدنى، وحظوظ فرنجية في موقع أعلى. لكن القريبين من باسيل يعتقدون أنّ المرحلة المقبلة ستسمح بتحسُّن وضعه، كما تحسّن وضع عون تدريجاً حتى حظي بغالبية سمحت بانتخابه. وإذا تحقق ذلك، فيمكن أن يكافئ «حزب الله» حليفه فرنجية، تحت سقف العهد المقبل.
يعني ذلك أنّ باسيل يفضّل الانتظار طويلاً ليتحقق التبدُّل في المناخات العربية والدولية تجاهه، فتتوافر الظروف لانتخابه. وهذا الأمر قد يبدو خيالياً اليوم، لكن إيصال عون إلى بعبدا استغرق فراغاً طال نحو عامين ونصف عام. فما الذي يمنع تكرار السيناريو؟