عن الدور السني المفقود في الاستحقاق الرئاسي ومتطلبات الاجماع الوطني

23 نوفمبر 2022
عن الدور السني المفقود في الاستحقاق الرئاسي ومتطلبات الاجماع الوطني


في ظل حال الاستعصاء العام، وانعدام خارطة طريق لحل الازمة السياسية المستفحلة، تبرز تساؤلات كثيرة عن مبادرات إنقاذية تساعد في تخطي قطوع رئاسة الجمهورية، كونه المفتاح الأساسي لسلوك درب التعافي.
 
ليس من سبيل لانتخابات رئاسية من دون تأمين الحد الأدنى من الإجماع الوطني، وهنا تبرز عقدة الثلثين او الاغلبية المطلقة داخل مجلس النواب خصوصا في ظل الجدل الدستوري حول صوابية الخطوة،  كما تأمين مظلة وطنية للرئيس المقبل طالما ان حيثية التمثيل المسيحي لا تكفي، خصوصا في ظل تشتت القرار المسيحي نتيجة الخلافات المستحكمة و غياب الحد الادنى من القواسم المشتركة.
 
لا يقتصر هذا الأمر على الطرف المسيحي، إذ يمكن القول إن الجانب الشيعي قادر على تأمين إجماع شامل حول مطلق قرار يتعلق بالرئاسة، وبنسبة اقل عند الدروز، لتبقى الإشكالية الكبرى عند السنّة لأكثر من سبب ووفق اكثر من معطى محلي او حتى إقليمي.
 
استحالة انتخاب رئيس جمهورية لبنان من دون شراكة وطنية حقيقية، نابعة من اسس “الميثاق الوطني” الذي وضعه “الثنائي” بشارة الخوري ورياض الصلح، وتم تكريسه في وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، لتسيطر البدع الدستورية فيما بعد عبر ملاحق او تعديلات اثبتت التجارب بأنها جلبت التعطيل سبيلا لفرض أعراف بعيدة كل البعد عن الصيغة والميثاق.
 
انطلاقا من ذلك يرى سياسي مخضرم أن الضمور السني الفاضح يعود لانعدام الاحتضان العربي، وهذا مؤشر خطير يهدد الوفاق الوطني، فعلى الدوام كان لبنان يتمتع بحاضنة، إن لم يكن وصاية عربية بحكم الانتماء، فمع تبدل الدول المؤثرة في القرار اللبناني، سواء المصرية او الفلسطينية او حتى السورية والسعودية، من السذاجة إعتبار تأمين حلول لازمات لبنان ممكنا من دون مظلة عربية.
 
لذلك، ومع استفحال الازمة ووصولها إلى حدود الانهيار والتفكك، تتجه الانظار حكما إلى دار الفتوى بصفتها المكون الوطني الجامع وليس الطرف الطائفي، وهي قادرة على القيام بدور فعال لانتزاع النقاش الرئاسي من الزاوية المسيحية الضيقة. ولعل استذكار قمة عرمون العام 1976 التي بادر إليها المفتي الشهيد حسن خالد وشارك فيها الرئيسان الراحلان رشيد كرامي وصائب سلام والزعيم الراحل كمال جنبلاط تعتبر مثالا عن دور سنّي جامع يبدو مفقودا في الوقت الراهن.
 
أمام هذا المشهد، تفيد المعطيات عن نقاش بعيد عن الاضواء قوامه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورؤساء الحكومات السابقون من جهة ودار الفتوى من الجهة الأخرى، من دون الارتقاء بعد إلى إطلاق مبادرة سياسية متكاملة. في المقابل، ثمة من يعلق آمالا شديدة على التحرك السنّي المفترض كونه يفتح ثغرة في جدار الاستحقاق الرئاسي ، ويتقاطع مع الجهد الخارجي من أجل وضع لبنان على سكة الاستقرار.