كتبت كلير شكر في” نداء الوطن”: عاد فيصل كرامي نائباً. بالأساس هو لم يقتنع يوماً أنّ “قائمة الإرادة الشعبية” التي كان قطبها الطرابلسي، خرجت من الاستحقاق بحاصلين انتخابيين اثنين، فيما هو سقط بضربة الأصوات الملغاة، القاضية. في تلك الليلة، وقبل إعلان النتائج بشكل رسميّ، تصرّف كرامي على أساس أنّه من الفائزين. لم يخطر في باله أنّ لجان القيد سترمي ذلك الكمّ الكبير من الأصوات في سلّة المهملات، لتحيله إلى لائحة الخاسرين. وحتى مع صدور النتائج، لم يتوقف كرامي عن التأكيد: أنا نائب بشهادة الطرابلسيين، حتى لو لم تحتسب كلّ أصواتهم. هكذا سارع إلى تجميع الوثائق التي تثبت صحّة أقواله، وتؤكد أنّ ما حصل ليل 15 أيار، لم يكن بريئاً أو عبثياً، لا بل مدبّراً، بدليل أنّه في منتصف تلك الليلة راح يتقبّل التهاني بفوزه بعدما وردته اتصالات من لجان القيد تفيد بإعادة انتخابه نائباً، إلى حين استيقظ صباحاً على خبر سقوطه على فارق 46 صوتاً فقط. وهو الفارق بين حواصل لائحة «الإرادة الشعبية» ولائحة «التغيير الحقيقي» التي خاض من خلالها ايهاب مطر الاستحقاق.
أكثر من ذلك، بدأت ترده اتصالات من بعض القضاة الذين شاركوا في عمل لجان القيد يفيدونه برمي كميّة كبيرة من الأصوات بشكل غير طبيعي بسبب أخطاء لا يفترض احتسابها أنّها أخطاء، من دون تسجيل اعتراضات من جانب المندوبين. لا بل بلغه كلام ورد على ألسنة خصومه عن «ذبحه» في منطقة البداوي حيث ثقل آل كرامي. ولهذا انطلق في رحلة التنقيب بين الأرقام ليتبيّن هول الفاجعة التي مُني بها جرّاء إلغاء مئات الأصوات. وعلى سبيل المثال أنّ صندوقاً رقمه 176، ألغي بسبب صوت واحد، وفي الصندوق 51 صوتاً لكرامي. وعلى هذا الأساس قرّر خوض غمار الطعن الدستوري بناء على الأدلّة والبراهين التي تمكّن من تجميعها والتي بيّنت لمحاميه وللقانونيين المعنيين أنّ حظوظ قبول الطعن مرتفعة جداً. وإذ بالمجلس الدستوري يؤكد التوقّعات التي سادت طوال الأسابيع الماضية.
عاد “الأفندي” إلى مجلس النواب. المسألة ليست عابرة، ولا هو نموذج Copy- Paste لـ”رفاقه” وحلفائه. لا يرأس الشاب الطرابلسي كتلة، ولا يمثل زعامة عابرة للمناطق. لكنّه، في ضوء المتغيّرات الجذرية التي طرأت على الساحة السنية سيدخل حتماً نادي المرشّحين لرئاسة الحكومة، حتى لو ظروفها لا تزال صعبة جداً. لكنّه سيكون حتماً من بين أعضاء “القائمة الذهبية”.صحيح أنّه في السياسة الاستراتيجية حليف لـ»حزب الله» لكنّه تمكّن من إضفاء بعض التمايز على حركته السياسية، سواء من خلال علاقته الجيّدة مع المسؤولين الأتراك أم من خلال حرصه على تحصين علاقته بالمملكة السعودية، بدليل أنّ السفير السعودي وليد البخاري لا يستثنيه من لقاءاته الدورية. وآخرها حصل منذ أسابيع قليلة. حتى أنّه نجح في نسج علاقة طيبة مع “التيار الوطنيّ الحرّ” رغم بعض النزلات التي سادت العلاقة في وقت سابق، ولكن جرت معالجتها. فيما علاقته برئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية أكثر من ممتازة، وبينهما “عشرة عمر”.
وكتبت رلى ابراهيم في” الاخبار”: إبطال المجلس الدستوري، أمس، نيابة رامي فنج عن المقعد السني في طرابلس مقابل إعلان فوز المرشح فيصل كرامي ليس تفصيلاً، لا في إطاره السياسي ولا في ما خصّ مسألة تعداد الأكثرية النيابية داخل المجلس، سواء كانت لمصلحة فريق 14 آذار والمستقلين الدائرين في فلكهم أو لمصلحة حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر وحلفائهم. في الشق الأول، لم يُمنَ حزب الله بأي خسارة فعلية في الانتخابات النيابية سوى في طرابلس بسقوط كرامي، بعدما تمكن من إيصال حليفه النائب محمد يحيى في عكار أول في لائحته، والنائب حسن مراد في البقاع الغربي أيضاً في المرتبة الأولى. اليوم، بات يمكن لحزب الله الاعتداد بأنه حقق أحد أهم مآربه الانتخابية؛ فكرامي ليس مجرد نائب ولن يكون فوزه سهلاً على خصومه، وخصوصاً في غياب سعد الحريري عن المدينة وانكفاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن خوض الاستحقاق.
يضاف الى ذلك خسارة أخرى للتغييريين نتيجة إعلان نجاح المرشح عن المقعد العلوي حيدر ناصر الذي أطاح زميله على لائحة “انتفض للسيادة للعدالة” رامي فنج؛ فنجاح ناصر لا يحتسب ربحاً لـ”التغييريين” بل لقوى 8 آذار. ولعلّ أبرز موقف مُعبّر عما سبق هو ما نشرته إحدى صفحات “الثورة” بالقول إن مرشح “التغيير” المنتمي الى 14 آذار خسر وحلّ مكانه مرشح “التغيير” المنتمي الى 8 آذار. وقد جاءت مقابلة ناصر على إحدى القنوات التلفزيونية لتعزز ذلك بتأكيده أنه صارح “الثورة” بارتباطه وارتباط الطائفة بسوريا وبأنه وضّح انتماءاته للائحة قبيل ترشحه معها، مؤكداً أنه “مع سلاح المقاومة”.
وكتبت” الشرق الاوسط”:يعني فوز كرامي أن “حزب الله” ربح نائباً جديداً في البرلمان، وربح أيضاً ورقة بيضاء إضافية في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، لكن ذلك لا يغيّر شيئاً في التوازنات القائمة حالياً؛ لأن عدد نواب المحور الموالي للحزب لم يصل إلى 65 نائباً الذي يمنحهم الأكثرية، وهم بفوز كرامي يحصلون على 63 نائباً.
وفيما غاب النائب الملغاة نيابته رامي فنج عن السمع، بدا زميله فراس السلوم متقبلاً النتيجة، وسارع إلى تهنئة النائب حيدر ناصر، وعبّر عن ثقته بالمجلس الدستوري. وقال السلوم، في تصريح له: “كما نتمنى أن يعاد فرز جميع الأقلام، وأظن أن النتائج ستبقى كما هي بما يخص الأصوات خلال جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، والأمر يعود إلى النواب الجدد”.