لبنان على طاولة الحوار القطري الأميركي.. هل من اتفاق دوحة جديد؟!

25 نوفمبر 2022
لبنان على طاولة الحوار القطري الأميركي.. هل من اتفاق دوحة جديد؟!

لا تزال طرق الاستحقاق الرئاسي “مسدودة” بالمُطلَق، مع تحوّل جلسات الانتخاب الأسبوعية إلى “استعراضية” في أحسن أحوالها، على وقع “تخبّط” المعسكرين السياسيين، لا بين بعضهما بعضًا فحسب، ولكن في داخل كلّ منهما، بغياب “التجانس” بين الحلفاء المفترضين، في ظلّ “رهان” لا يزال البعض يتمسّك به على الخارج، الذي سيكون “منبع” الحلّ، طال الزمن أم قصُر.

 
  من هنا، توقف كثيرون عند حضور الملف اللبناني على طاولة الحوار الاستراتيجي بين قطر والولايات المتحدة، التي عقدت بالتزامن مع بطولة كأس العالم التي تستضيفها الدوحة للمرّة الأولى في تاريخ العرب، حيث كان لافتًا اللقاء الذي عقد على هامشها بين وزيري الخارجية القطري والأميركي، والذي حُدّد فيه “أجندة” الحوار الثنائي، وقد شملت الملف اللبناني، إلى جانب بعض القضايا الساخنة في المنطقة.
 
ولأنّ هذا الأمر تزامن مع حديث يتصاعد في الداخل عن دور قطري في المرحلة المقبلة داخل لبنان، سواء بعنوان إنمائي أو سياسي، فإنّه أثار الكثير من علامات استفهام عن سعي الدوحة عمليًا للدخول على خط استحقاق الرئاسة، وربما تكرار تجربة “اتفاق الدوحة” الذي جمع القادة اللبنانيين، وأنهى مرحلة الفراغ الرئاسي التي تلت انتهاء ولاية الرئيس الأسبق إميل لحود، ومهّد لانتخاب الرئيس ميشال سليمان خلفًا له؟ مقوّمات الدور القطري
 ثمّة من يقول إنّ “مقوّمات” الدور القطري على خط الأزمة اللبنانية قد تكون متوافرة على أرض الواقع، باعتبار أنّ الدوحة “منفتحة” على جميع الأفرقاء في الداخل، وهي قادرة على فتح قنوات تواصل مع القوى السياسية المتباينة، وهو ما يميّزها عن العديد من دول المنطقة، وهو ما تجلّى أساسًا في حفاظها على علاقات “متوازنة” مع الجميع، منذ اتفاق الدوحة، وهو ما لم يتوقف حتى في مرحلة الخلاف الخليجي مع لبنان.
 
وللدلالة على ذلك، يشير البعض إلى استقبال الدوحة في الأشهر القليلة الماضية للعديد من الشخصيات والقادة اللبنانيين، بمن فيهم رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، الذي أثارت زيارته إلى العاصمة القطرية قبل أسابيع بعض الالتباس، قبل أن ينتقل منها إلى باريس حيث أطلق مواقفه المعروفة المثيرة للجدل، علمًا أنّ باسيل قد لا يحظى بـ”فرصة” زيارة العديد من العواصم، منذ العقوبات الأميركية المفروضة عليه.
 وكما تستقبل الدوحة قادة لبنان وتبدي انفتاحها عليهم، فإنّ مسؤوليها يواظبون على زيارته بصورة دورية أيضًا، فقط حطّ وزير الخارجية القطري مثلاً في بيروت قبل أشهر، حيث بحث الأزمة اللبنانية مع مختلف المسؤولين، وهو ما وُضِع يومها في إطار مساعي حلّ، وربما حراك قطري، وإن لم يَرقَ لمستوى “المبادرة” وفقًا للمسؤولين القطريين، الذين أكدوا شأنهم شأن غيرهم، انّ “الكرة” هي بالدرجة الأولى في ملعب اللبنانيين أنفسهم. لا “اتفاق دوحة” الآن؟ وبالحديث عن مقوّمات دور قطري مستجدّ في لبنان، ثمّة من يقارن الظروف التي يمرّ بها لبنان حاليًا بتلك التي سبقت “اتفاق الدوحة”، ليتحدّث عن “تشابه” رغم “الاختلاف الكبير”، إذ إنّ اتفاق الدوحة جاء بعد فراغ رئاسي أعقب انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، وأفضى إلى انتخاب قائد الجيش آنذاك ميشال سليمان، علمًا أنّ سيناريو شبيهًا يتمّ التداول به، للوصول إلى “تسوية” تفضي إلى انتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيسًا للجمهورية.
 
وإذا كان الاختلاف في الظروف من شأنه تثبيت الدور الخارجي وتعزيزه، باعتبار أنّ فراغ اليوم لا يُقارَن بفراغ الأمس، في ضوء الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يعيشها لبنان وتخنق مواطنيه بكل ما للكلمة من معنى، فإنّ العارفين يؤكدون أن لا “اتفاق دوحة” جديدًا مرتقبًا في المدى المنظور، للكثير من الأسباب، من بينها انشغال دولة قطر بتنظيم بطولة كأس العالم اليوم، ما يعني أن أيّ دور سياسي سيكون مؤجّلاً إلى ما بعدها بالحدّ الأدنى.
 
 لكن، من الأسباب التي يفنّدها المراقبون أيضًا، أنّ القطريين لا يرغبون بلعب أيّ دور في لبنان، بمعزل عن الدول المعنيّة بالشأن اللبناني، وفي مقدّمها المملكة العربية السعودية، خصوصًا مع تحسّن العلاقة بين الدوحة والرياض، وهو ما تجلى بصورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في افتتاح المونديال، وصورة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني رافعًا العلم السعودي، في مباراة منتخب “الأخضر” الأولى أمام الأرجنتين.
 
لكلّ ما سبق، يبدو “الثابت” أنّ أيّ دور قطري محتمَل لحلّ الأزمة اللبنانية لم ينضج بعد، وأنّه إذا ما تمّ بناءً على العلاقات التي تربط الدوحة بمختلف الأفرقاء في الداخل، فسيكون منّسَقًا “بالمطلق” مع الرياض، ومتناغمًا في الوقت نفسه مع الحراك الدولي حول لبنان، وقوامه مرّة أخرى أنّ الكرة في الملعب اللبناني، وأنّ على اللبنانيين أنفسهم أن يبادروا لمساعدة أنفسهم أولاً، على أن يكون المجتمع الدولي بجانبهم، وربما أمامهم!