انتخاب الرئيس: عاجزون أم لا يريدون؟

29 نوفمبر 2022
انتخاب الرئيس: عاجزون أم لا يريدون؟


كتب نقولا ناصيف في “الاخبار”: سواء ذهب البرلمان الى الدورة الأولى كما في كل من الجلسات السبع المنصرمة، أو انتقل فوراً الى الدورة الثانية لينتخب الرئيس، سيجد نفسه أمام حائط مسدود: في ظل موازين القوى الحالية بين الكتل، لن يلتئم إلا الثلثان على الأقل أولاً، ولا يملك أي من الفريقين أصوات الفوز من الدورة الثانية للاقتراع الملزم الحصول عليه مهما يبلغ عدد الدورات التالية. حتماً لا يُنتخب رئيس بالأكثرية النسبية، ولا الدستور يسمح.أما أن يحصل الانتخاب، فمؤداه أن ثمة تسوية ما قد حصلت قبل الذهاب الى الجلسة، أو تمكّن أيٌّ من الفريقين من ليّ ذراع الآخر.من أين تأتي التسوية إذذاك؟
الانطباع السائد أن الأبواب موصدة من الداخل، وأصحاب الأقفال لا يملكون المفاتيح. لا يتراجع أيٌّ من الفريقين عن خط الوصول الذي أضحى عليه حتى الجلسة السابعة: فريق الورقة البيضاء يظلّ يتمسك بها الى أن يفصح عن مرشحه، والفريق المؤيد لمعوّض كذلك الى أن يشعر بأنّ أوان التخلي عنه حلّ للذهاب الى مرشح ثالث. ربما يتطلب الانتظار وقتاً أكثر من مُضاعف للعدد الحالي من الجلسات المنعقدة. إلا أن المعلوم حاضراً أن كلا الفريقين غير مستعجل لتقديم تنازلاته. الجميع بذلك ينتظر الخارج الذي بدوره ينتظر الداخل.
على نحو كهذا، يدورون في الحلقة المقفلة وفي الوقت نفسه هم عاجزون عن كسرها.لدى مسؤولين رسميين اعتقاد بمصدر مثلث للإخلال بالمعادلة الحالية المستعصية: الأميركيون والفرنسيون، والسعوديون، والإيرانيون. هم أصحاب التأثير على الكتل وتوجيهها. لكل منهم إصبعه الذي يمنع ويأذن ويُؤنّب.بحسب هؤلاء ممن سمعوا من ممثلي أولئك مباشرة أو بالواسطة، ليس ثمّة ما يدعو الى توقع دور لهم في الوقت الحاضر:
 – يقول الأميركيون والفرنسيون للمسؤولين اللبنانيين إنهم لن يتدخلوا في انتخابات الرئاسة اللبنانية، ما خلا الحضّ على إجرائها. لن يُسمّوا أيّ مرشح لئلّا يتحمّلوا تبعة إخفاقه أو خذلانه إياهم. لن يتدخلوا في الأسماء أياً تكن، لكنهم سيوافقون حكماً على مَن يتوافق عليه اللبنانيون لانتخابه رئيساً. إذذاك يدعمونه ويجهرون بموقف التأييد. سوى ذلك، هم المحسوبون الأكثر اهتماماً بلبنان، سينتظرون.
-لا يريد السعوديون التدخل في الاستحقاق الرئاسي وليس لديهم مرشح. يعرفون مَن يرفضونه من دون أن يصرّحوا بمَن يؤيدونه. يقاربون المشكلة من بعدها الأوسع الذي يتخطّى انتخاب الرئيس المقبل الى التحقق من الدور الذي سيضطلع به حزب الله في عهده. لا يريدون حتماً ما يرغب الحزب في تكراره في الاستحقاق الحالي، وهو إيصال أقوى حلفائه الى الرئاسة استعادة لتجربة الرئيس ميشال عون. بعض غلاة الذين يستنتجون وجهة نظر المملكة، أنها تفضّل أن لا تبصر لبنان أسير قبضة حزب الله. فحوى الموقف يكمن في الآتي: عندما يطالبها أفرقاء لبنانيون بالتدخل لإنقاذ انتخاب الرئيس، الجواب السعودي إذا كان ثمة جهد دولي وعربي فهي حاضرة للانضمام إليه. في صلب رأيها أن استمرار الشغور يقود الى خراب لبنان، وسيكون حزب الله جزءاً منه. أما انتخاب رئيس يقرره الحزب فخرابُه أعمّ.
 – من غير المنطقي توقع استعداد إيران لتقديم أيّ تنازل في إنجاز الرئاسة اللبنانية في مرحلة تحتاج فيها الى التشدد والتصلب، وهي تخوض فيها اشتباكين ضاريين في آن: اضطرابات داخلية ونزاعات مفتوحة مع الخارج.