غضب، لعب على الأعصاب، تحديات، فوز، وخسارة، هذه هي حال المقامرين والمراهنين على مباريات المونديال، حيث نشطت لعبة المراهنات مؤخراً في لبنان والعالم أجمع لتجمع تحت طيّاتها منافسات تقدر بمليارات الدولارات.
فبطريقة غير طبيعية تفشت مراهنات كرة القدم وغيرها مؤخراً في لبنان، إذ رأى روّادها أنها الطريقة الأفضل لجني الأرباح بطريقة سريعة، إلا أن ما هو خطير بأن هذه اللعبة والتي هي محصورة ومعطاة حصراً لكازينو لبنان قد تفشت داخل المجتمع اللبناني لتنتقل من داخل الكازينو إلى شاشات الهواتف، ولتصبح مادة في متناول الجميع من دون أي حماية او اطار قانوني.وعليه مع انطلاق كأس العالم وجد أرباب هذه المهنة، وممتهنوها فرصة جديدة للكسب من خلال بداية المونديال، إذ باتت المقاهي تعج بالأشخاص الذين يريدون دفع الأموال للمراهنة على المباراة، حيث أن السمسار يأخذ الأموال من المراهنين، وتبدأ لعبة شد الأعصاب؛ تسعون دقيقة وأكثر هي عبارة عن لحظات حاسمة فإما أن تكسب الدولارات وإما أن تخسرها، ومن هنا يوضح روّاد المقاهي بأن السمسار غالباً ما يكون معروفا وضليعا بعالم المراهنات، وعليه فإن الفائز لا يحصل دائماً على كامل المبلغ إذ أن ما نسبته ٤٠٪ من قيمة الرهان تذهب للسمسار.
من ناحية أخرى أتت منصات الإنترنت لتنشر صفحات المقامرة وبرامجها كالنار في الهشيم، إذ أن هذه المنصات باتت بمتناول جميع المراهقين الذين يرون بها فرصة لأجل كسب المال بطريقة مباشرة وسريعة، ومن هنا يشير العديد من الملفات الأمنية إلى أن الكثير من الشكاوى قد وصلت إلى مخافر الدرك وهي تدور حول سرقة أموال كبيرة من دون خلع أو كسر ليتبين لاحقا أن الأطفال المراهقين يعمدون الى سرقة أهاليهم لأجل الدخول بمنصات مراهنة موجودة في لبنان.ماذا عن قانونية هذه المنصات؟إن المنصات التي يتم العمل عليها في لبنان غالباً ما تكون آتية من مصادر أو دول أجنبية تشرع القمار، خاصة وأن المشرّع اللبناني بموجب المادة ٦٣٢ منعها صراحة، ولم يتوقف الأمر عند القانون، فمنذ سنة ٢٠١٣ والحكومات المتعاقبة تعمل جاهدة إلى حصر أمور المراهنة بكازينو لبنان، ما دفعها إلى إغلاق أي موقع لبناني يبيح هذه الألعاب، فبات للمنصات الأجنبية وكيل غير معروف لديه العديد من السماسرة الذين يعملون على فتح حسابات للمراهنات خاصة بعد منع الشركات الأجنبية للبنانيين بفتح حسابات لهم. ومن هنا فإن القفز فوق القانون بات أمراً شبه سهل إذ أن العمل يتم خفية، خاصة وأن هكذا مراهنات تتم في أحياء شعبية لا تكترث الدولة لأمرها.
“خسائر بالمليارات”
شهدت مباراة الأرجنتين والسعودية ضمن نهائيات كأس العالم المقامة بقطر الصعقة الأكبر للرهانات، إذ إن النتيجة التاريخية التي حققتها السعودية بفوزها على الأرجنتين أدت إلى حالة صدمة نتج عنها خسارة مليارات ومليارات من دولارات المراهنة في لبنان والعالم أجمع.بالعودة إلى المنصات الاميركية التي تعتبر أكبر وأهم المنصات خاصة وأن القانون الأميركي قد شرّعها منذ عام ٢٠١٨، فإن الإحصائيات أشارت إلى فوز محقق للأرجنتين وأعطتها ٥٠٠ نقطة، في مقابل إعطاء السعودية نقطة واحدة فقط، إلا أن نتيجة المباراة سمحت للمراهنين المحظوظين الذين راهنوا على السعودية أن يجنوا أموالا طائلة، وبعملية حسابية بسيطة فإن كل شخص راهن بـ١٠٠$ على فوز السعودية حصل على ٥٠٠ ألف$ عند نهاية المباراة ذلك أن المراهنة قبل بداية المباراة على فريق لا أمل له بالفوز يكون بمثابة انتحار ما يجعل من نسبة الأموال الرابحة أكثر من الفريق الذي لديه أمل.من ناحية أخرى فإن مروحة الخيارات كبيرة، فالأمر لا يتوقف على نتيجة المباراة بل يتعداه لعدد الأوراق الصفراء والحمراء وعدد الأهداف، وغيره الكثير الكثير من التفاصيل الدقيقة.”حبكة عظيمة”مكاتب المراهنات اللبنانية بدأت تأخذ انتشارها الواسع داخل المقاهي، إذ إن القوى الأمنية باتت أمام مهمة جديدة ألا وهي ملاحقة هذه المكاتب التي تولد فجأة داخل المقاهي، فتؤكد المعلومات بأن السماسرة منتشرون، ومتلطون وراء المقاهي بشكل كبير خصوصاً في برج البراجنة، وصبرا، وحي السلم، وهذا الإنتشار يأتي لاستهداف روّاد المقاهي العاطلين عن العمل، ولاستهداف المراهقين الذين ينتشرون داخل صالات البلياردو، ومن هنا يروي أحد ضحايا الرهانات بأن في محلة صفير يجتمع الناس في زوايا المقهى، ويجلسون وينتظرون حتى ساعات الفجر لأجل انتهاء المباريات، فالجميع يكون على أعصابه. ومن هنا نسأل:” ما هذه الأريحية بالعمل داخل المقاهي؟”لو قمنا جولة على المقاهي المتواجدة بالأحياء الشعبية سواء في الطريق الجديدة أو شوارع الضاحية الجنوبية، فإن المقاهي وبشكل واضح حصّنت نفسها من خلال زرع كاميرات مراقبة تكشف الطريق، وتغطي الرؤية لمسافات ومسافات، ومن هنا تُطرح إشكالية:” ما هي دواعي هذه المراقبة لمقهى يقدم القهوة والشاي والنرجيلة؟””عزل لبنان”مؤخراً لوحظ بأن لبنان بات شبه معزول عن المنصات الأجنبية، ويعزو العديد هذا القرار إلى أن لبنان ممنوع من إدخال أرباح بالعملة الصعبة، ومن هنا يأتي دور السمسار الذي يعمل بصفة Host أجنبي، أو يتجه لعملية استعمال VPN والتي تساعده على الدخول إلى المواقع من دون الكشف عن مكان تواجده الحقيقي.وبملاحظة منصات لبنان التي تقفل تباعاً ،فإن السماسرة طوروا عملهم ليصنعوا منصات تعمل فقط في لبنان، حيث لاحظنا خلال بحثنا عنها بأن معظمها تم إقفاله، إلا أن بعضها الأخر لا يزال يعمل، وتؤكد المعلومات هنا بأن أصحاب هذه المنصات وبعد عزلهم عن المنصات الأجنبية يقومون دورياً بتغيير أسماء المنصات وذلك للتواري عن أنظار الأجهزة الأمنية.”تلكؤ كبير”منذ ست سنوات قامت الدولة بإقفال العديد من المكاتب بالشمع الأحمر إلا أنها وبقدرة قادر عاودت العمل من جديد يُعزى ذلك إلى قرارات حزبية نافذة تتحكم بهكذا أمور، خاصة وأن الأحزاب ليست بصدد منع دخول أي عملة صعبة إلى البلاد.