توجه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع برسالة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال فيها: “إننا لطالما كنا على خلاف سياسي وهذا أمر طبيعي في النظام الديمقراطي، إلا أننا لم نفقد في أي يوم من الأيام المودة بيننا، وانطلاقا من هذه المودة أريد التوجه للرئيس بري اليوم لأقول له إن المؤسسة الدستورية الوحيدة التي لا تزال فاعلة في الوقت الراهن هي مجلس النواب وهو رئيس هذه المؤسسة والمؤتمن على حسن سير عملها. صحيح أن هذا الأمر مرتبط أيضا بالكتل النيابية إلا أنه منوط بشكل أساسي بضابط إيقاع المجلس الذي هو الرئيس بري”.
وتابع: “دولة الرئيس، إن مجموع الكتل التي تقوم بتعطيل الإنتخابات الرئاسية معروفة، وهنا أشدد على مسألة التعطيل لأن القضية لم تعد انسحابا من جلسة وإنما تحولت إلى تعطيل، وبالتالي تقع على كاهلك مسؤولية كبيرة باعتبار أنك مؤتمن على حسن سير مجلس النواب، ماذا وإلا، سيتم تعطيل هذه المؤسسة الدستورية بحكم تعطل انتخابات الرئاسة في الوقت الذي البلاد بأمس الحاجة لإتمام هذا الإستحقاق الدستوري”.واضاف: “دولة الرئيس بري، تقع من صلب مسؤولياتك في الوقت الراهن أن تقوم في اطار التحضير لجلسة الخميس المقبل دعوة رؤساء الكتل النيابية التي تقوم بتعطيل الإنتخابات الرئاسية وأن تبلغهم بأنه لا يمكنهم الإستمرار في التعطيل وإذا ما استمروا في ذلك في جلسة الخميس المقبل، فعندها ستتخذ التدابير والمواقف اللازمة في أن تخرج لتعلن أن هناك كتل معينة تقوم بتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، ماذا وإلا، كيف يمكننا أن نفهم الإستمرار في تعطل هذه الإنتخابات بعد شهرين من المهلة الدستورية وشهر من الفراغ؟”.
كلام جعجع، جاء في كلمة ألقاها خلال العشاء السنوي لمصلحة أصحاب العمل في حزب “القوات اللبنانية”، الذي أقيم في فندق “Le Royal” في حضور عدد من أعضاء تكتل “الجمهورية القوية” والمسؤولين الحزبيين على المستويات كافة بالإضافة إلى رجال اعمال وأعضاء المصلحة.وشدد جعجع على ان “البلد في حال تدهور مستمر سببها غياب السلطة السياسية، في ظل الفراغ الرئاسي، لذا الأعذار والحجج الواهية بعدم قدرة مجلس النواب على انتخاب رئيس للجمهورية، لم تعد تجدي نفعا، لا بل استمرار هذا الواقع يدل على أن هذه المؤسسة الدستورية قد تعطلت، من هنا تقع مسؤولية عدم التعطيل على عاتق المؤتمن على حسن سيرها وهو الرئيس بري، انطلاقا من هنا على كل فرد منا تحمل مسؤولياته والتاريخ سيحاكم الجميع كل بحسب أعماله”.وجدد رئيس القوات التأكيد على “الاستمرار في خوض الإنتخابات الرئاسية من خلال مرشح واضح وهو النائب ميشال معوض”، وقال: “سنستمر في تأييده وإذا وفقنا الله وتمكنا من إيصاله فهذا أمر جيد ولكن إن لم نوفق وتمكن أي مرشح آخر من الحصول على الأكثرية وبالتالي الوصول إلى سدة الرئاسة فعندها لا حول ولا قوة إلا بالله فهذه هي قواعد اللعبة الديمقراطية. انطلاقا من هنا نطالب الرئيس بري بالسهر على حسن سير مجلس النواب لإجراء الإنتخابات “.
وتابع: “يمكن أن نتفهّم التأخير الذي حصل حتى اللحظة في اتمام هذا الإستحقاق الدستوري، ولو انه غير مفهوم، إلا أننا من الآن وصاعدا لا يمكننا ان نتفهم على الإطلاق أي تأخير في هذا الاتجاه، في خضم هذا الوضع المزري الذي وصل إليه لبنان والمواطن والمؤسسات الرسمية”.ولفت إلى أن “هناك من يدعي أن خروج النواب من الجلسة حق طبيعي لهم، وهذا صحيح في مكان ما باعتبار أنه من حق أي نائب أو كتلة الخروج من جلسة واحدة أو جلستين أو ثلاث، إلا أننا اليوم وصلنا إلى الجلسة الثامنة لذا، فهذا الأمر لم يعد حقا طبيعيا لأنه ليس من حق أي فريق تعطيل إنتخابات رئاسة الجمهورية والعملية الدمقراطية برمتها تحت شعار الحق الديمقراطي بالخروج من الجلسة، فالخروج من الجلسة يكون بغية أن يقوم الفريق باستعادة قواه للعودة والدخول إلى الجلسة اللاحقة لمتابعة العملية الديمقراطية إلا أنها ليست سيرة نستمر بها على مدى ثلاثة أشهر متواصلة وثماني جلسات لإنتخاب الرئيس، وكتل محور الممانعة تعطل الإنتخابات”.وتابع: “يتم استعمال بعض النظريات لتبرير التعطيل وكأنه لا يمكننا انتخاب رئيس من دون توافق فيما نحن في صدد انتخابات، ولكن من يريد السعي الى التوافق عليه البدء بمسعاه قبل سريان المهلة الدستورية أي في أيلول الماضي عبر الإتصال بباقي الكتل النيابية للاطلاع على موقفها في هذا السياق، ففي حال لمس امكانية للتوافق يسعى لذلك وعندها ننتخب وفق هذا الاساس أما في حال العكس نتجه نحو الإنتخابات أسوة بكل بلدان العالم”.واستغرب جعجع طرح البعض “التوافق في انتخاب رئيس جديد للبلاد في الوقت الذي لا يقوم بأي خطوة جدية في هذا الاتجاه، ما عدا اعتماد هذه الحجة”. وشرح ماهية التوافق الذي ليس عملية دستورية بل سياسية بامتياز، ممكن اتفاق الكتل النيابية عليها أو لا”.وقال: “يبدو حتى اللحظة أن لا أحدا من الفريق الآخر يعمل أو يسعى الى التوافق وإنما جل ما يقوم به هو محاولة التوافق في ما بينهم التي لم يتم التوصل إليها بعد، لذلك يعطل الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي التمسك بـخبرية التوافق بغية تعطيل انتخابات رئاسة الجمهوريّة قد سقطت”.وكان قد استهل جعجع كلمته بالتعبير عن فرحته بأنه “رغم الظروف الصعبة وجدت الإمكانيات لتنظيم هذا الاحتفال، لأنه مهما كانت الأوضاع يجب الحفاظ على هذه النشاطات واللقاءات للتأكيد للجميع ان اراداة الحياة لدينا أقوى بكثير من ارادة الموت والدمار وجهنم التي أوصلونا اليها”.واذ شدد على ان “ما من مجتمع ينهض من دون ارباب العمل”، نوه جعجع ب”نضال أرباب العمل ومثابرتهم على الاستمرار في غياب الدولة والقوانين والخدمات الاجتماعية والبنى التحتية للحفاظ على مؤسساتهم ومن خلالها على الموظّفين والشعب والمجتمع”.واضاف: “لديكم تساؤلات كثيرة مواضيع تهمكم من الكابيتال كونترول الى الودائع المحجوزة في المصارف ، وصولا الى وضع الطرق في الشتاء، بعد أن تحولت الأمطار، التي تعد نعمة في كل دول العالم، الى نقمة. ولكن قبل معالجة اي من هذه المواضيع، يجب ايجاد حل للمشكلة الأساسية وهي السلطة السياسية، باعتبار انه في ظل غياب سلطة سياسية جيدة لن تأتي المشاريع والخطط بأي بنتيجة”.واضاف: “القوانين في بلادنا لا بأس بها ولكن المشكلة تكمن في تطبيقها، وخير مثال على ذلك، دائرة المناقصات قبل تحولها الى دائرة الشراء العام التي كان لديها القوانين اللازمة ولكنها كانت تخترق من المسؤولين على اختلاف مناصبهم”.وشدد على اننا “في مرحلة انتخابات رئاسية يجب ان تعطى الأولوية لأنه من دون رئيس للجمهورية لا سلطة اجرائية ما يحول مجلس النواب في غيابها حكما الى هيئة ناخبة، وبالتالي ما من مشروع انقاذ حقيقي او كابيتال كاونترول فعلي او قوانين يمكن ان تطبق او اي محافظة لحقوق الناس وودائعم من دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية”.وختاما توجه الى الحضور قائلا: “أود أن أحيي فيكم روح النضال بالمعنى العريض للكلمة، فالمناضل الفعلي ليس من يتمكن من الصمود في أيام اليسر وإنما من يقوم بذلك في أزمنة العسر، ونحن علينا اليوم أن نبرهن أننا مناضلون فعليون لذا علينا الإستمرار بالصمود في أسوأ ظروف تمر فيها بلادنا لأن تصميمنا وحده هو الكفيل بإنقاذها”.