عندما يهزّ البطريرك الماروني عصاه  

4 ديسمبر 2022
عندما يهزّ البطريرك الماروني عصاه  

فالبطريرك الماروني لا يحابي الوجوه عندما يقول الحقيقة ولا يساير أحدًا. فقراره حرّ وغير مرتبط بمصالح شخصية وضيقة، وينظر بالتالي إلى الأمور الوطنية بنظرة مختلفة عن نظرة الآخرين المأسورين بمواقف ذات منفعة خاصة، وذات ارتباطات لا تصبّ دائمًا في خانة المصلحة الوطنية المجرّدة من كل غاية شخصية. 
ما قاله البطريرك الراعي بالنسبة إلى جلسة مجلس الوزراء غدًا كان حاسمًا، وهو بذلك قطع الطريق على أي محاولة لتعطيل تصريف أعمال الناس. وبهذا الموقف تكون البطريركية المارونية حريصة على حقوق المسيحيين وصلاحيات رئاسة الجمهورية أكثر بكثير من بعض السياسيين المسيحيين، الذين تحّولوا إلى “تجّار الهيكل”، الذين أغضبوا من رفع سوطه في وجوههم وطردهم من بيت أبيه، الذي كان بيت صلاة فحّولوه إلى بيت للتجارة. 
البطريرك الراعي قال اليوم كلمته، وهزّ عصاه البطرسية، ووضع النقاط على الحروف. وعندما يهزّ البطريرك عصاه يكون للكلام معنىً آخر. ويكون لهذا الكلام وقع من نوع آخر. فبعد “الكلام البطريركي” لم يعد يحقّ لأحد التشدّق بـ”ميثاقية مفقودة” لجلسة لم تكن لتعقد لو لم يُدّق ناقوس الخطر الصحي، ولو لم تكن أولويات الناس على المحك، ولو لم تكن المصلحة الوطنية تفرض ذاتها قبل أي مصلحة أخرى. 
فجلسة الغد ميثاقية بامتياز. وهي لم تأتِ لتتحدّى أحدًا. وهي ليست في وارد أن تحّل مكان أحد. فليطمئن الجميع، وهذا ما حاول أن يقوله البطريرك اليوم في عظة ميلاد يوحنا، إلى أن ليس نجيب ميقاتي هو من يضرب “الطائف”، وليس هو من يتعدّى على صلاحيات رئيس الجمهورية، وليس هو من يعطّل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وليس هو من عطّل قيام حكومة كاملة المواصفات. 
فجلسة الغد قائمة بمن حضر… وليتحمّل المقاطعون تبعات مواقفهم. وليتحمّل المحذرون والمهدّدون نتائج أعمالهم. فشمس كانون شارقة والناس قاشعة.