كتبت “نداء الوطن”: لا تزال طاحونة السويسة العائدة لآل مطر في منطقة نهر اسطوان في عكار شاهدة على عصور قديمة وتاريخ غابر، فحتى أصحابها لا يعرفون إلى أي عصر تعود بالتحديد، إلى زمن الحكم العثماني كما يسمعون، أم إلى عهود الصليبيين والرومان؟
كل ما يعرفه إسماعيل مطر، القيّم على هذه الطاحونة؛ أنه ورثها عن والده. لكن حتّى والده لا يعرف تاريخ نشأتها وبنائها، لكنّ إسماعيل سمع عنه أنها قديمة جداً ويرجّح عودتها لمئات السنين.
تجلس الطاحونة على كتف نهرٍ هادر يزوّدها بالمياه لكي تعمل وهو نهر أسطوان. ومع أنّ طواحين حجر عدّة تعمل على الماء في عكار قد اندثر أثرها إلا أنّ هذه الطاحونة لا تزال تعمل وحيدة، حيث يحافظ اسماعيل مطر عليها كإرث وكتراث تاريخي لا يريد التفريط فيه مهما بلغت الصِعاب.
إنقطاع التيار الكهربائي المستمرّ وارتفاع أسعار الخبز جعلا كثيرين يلجأون إلى الخبز اليدوي مجدّداً وإلى هذا النوع من المطاحن بالتحديد. فهي تطحن الذرة والقمح والشعير، ويتحرّك حجر رحاها بالماء الهادر من الأعالي.
تحافظ الطاحونة على بقائها لأسباب عدّة، فهي مصدر رزق يعتاش منه أصحابها، إضافة إلى أنّ المزارعين والقرويين يقصدونها لطحنِ أو جرش حبوب الذُرة والقمح، ليحصلوا على البرغل ودقيق القمح، وهما المادتان الرئيسيتان في غذاء سكان القرى. ويؤكد إسماعيل مطر أنه سيحافظ عليها ليورّثها لأبنائه وأحفاده “لأنّها معلم لا يمكن التفريط به”.
وتحتاج الطاحونة المائية لكي تدور رحاها إلى قوة دفع مائي هائلة، وهذا ما يحصل حيث يتدفّق نهر الأسطوان لا سيما في هذه الأيام من السنة مع بداية فصل الشتاء، لذلك هي تعمل لفترة محدودة، خلال العام تمتدّ من تشرين الثاني وحتى نهاية كانون الثاني، وفي بعض الأحيان تمتد فترة العمل إلى شباط.
تجدر الإشارة إلى أنّ الطاحونة قد بدأت عملها لهذا الموسم قبل أيام؛ وهناك حركة جيدة في اتجاهها كما يشير صاحبها.