بشكل مقصود، بات “التيار الوطني الحر” يحمّل مشاركة “حزب الله” في جلسة مجلس الوزراء قبل يومين اكثر مما تحمل، حتى انه تقصد ايضاً خلق جو اعلامي يقوده بعض قادة وكوادر “التيار”، يوحي بأن الاشتباك السياسي بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك قد وصل الى مستويات قياسية.
يريد “التيار” التلويح للحزب بورقة فك التحالف وانهاء تفاهم مار مخايل معتقداً ان مثل هذا الامر سيشكل رادعاً امام الحزب من اي تجاوز سياسي لخطوط “التيار” الحمراء، ويجعله يسعى الى مصالحة رئيس “التيار” جبران باسيل عبر دعمه في استحقاق هنا واخر هناك.
لكن من الواضح ان حزب الله قام بخطوته الحكومية هذه وهو يعرف بعض تبعاتها، اذ اراد ايصال رسالة جدية تقول بأنه لا يمكن له الاستمرار بمراعاة “التيار” في كل الملفات خصوصا ان باسيل لا يريد ابدا مراعاة الحزب بالاستحقاق الرئاسي لا بل يتقصد في الاعلام قطع الطريق على مساعي حارة حريك.
من هنا بدأ الحزب تمايزاً فجاً عن “التيار”، وهو لن يكون مستعداً لتقديم تنازلات سياسية من اجل حل الازمة او تخفيف التوتر مع باسيل، من منطلق أن الابتزاز السياسي لا يمكن ان يكون وسيلة للتعامل بين الحلفاء. لذلك على باسيل، من وجهة نظر “قوى الثامن من اذار”، ان يتصرف كما يرى مصلحته في ذلك.
يبدو ان الحزب لا يزال جاهزاً لتسوية جدية مع حليفه العوني على الاستحقاق الرئاسي بشرط ان يكون عمادها ايصال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، وعندها سيشكل الحزب الضمانة الحاسمة لباسيل، ان كان في الحصة الحكومية والادارية او بالعناوين التي يطرحها في خطابه السياسي.
اما اذا اتجه باسيل نحو تصعيد رئاسي ووضع نفسه في مواجهة الحزب من خلال فتح المجال امام خصوم حارة حريك لايصال رئيس من قوى الرابع عشر من اذار عبر تأمين النصاب الدستوري في جلسة الانتخاب، فهذا يعني ان باسيل يضع نفسه في خندق خصوم الحزب اقله في الاستحقاق الرئاسي، وعندها سيتعامل الحزب مع باسيل بإعتباره خصما رئاسيا، وسيكون، في حال تمكنت حارة حريك من ايصال سليمان فرنجية الى بعبدا، وحيدا في المعارضة، ولن يقدم له الحزب اي ضمانة سياسية او دعم جدي ليحافظ على حضوره داخل السلطة.