سجال علني وتأهّب عوني.. لماذا غيّر حزب الله تكتيكه إزاء التيار؟!

10 ديسمبر 2022
سجال علني وتأهّب عوني.. لماذا غيّر حزب الله تكتيكه إزاء التيار؟!


رغم أنّ ثمّة من توقّع “مفاجآت” في الجلسة التاسعة لانتخاب رئيس الجمهورية، ربطًا بالخلاف المستجدّ بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، وما أثير عن ردود “انفعاليّة” قد يلجأ إليها الأخير، إلا أنّ الجلسة أتت “شبيهة” بسابقاتها، ولم تُفضِ إلى أيّ “خرق” يُذكَر، ولو أنّ نتيجتها اختلفت، مع خسارة الورقة البيضاء “تفوّقها الثابت” للمرة الأولى، لتتعادل مع مرشح المعارضة ميشال معوض بعدد الأصوات للمرّة الأولى.

 
وفي حين جاء “رصيد” معوض، كما الورقة البيضاء، خجولاً ومتواضعًا عند حدود 39 صوتًا لا أكثر، ما يُعَدّ بعيدًا عن طموح الأكثرية المطلقة، وحتى عن حاجز الـ50 صوتًا الذي بدا أنّه بات “أقصى طموحاته”، رغم قوله إنّه “في الجيب”، فإنّ الأنظار كانت هذه المرّة مصوّبة بثبات على “معسكر” الورقة البيضاء، لا قوى المعارضة، لمعاينة “انعكاسات” الأزمة الناجمة بين “الحزب” و”التيار” على الاستحقاق الرئاسي، ولو بصورة أولية.
 
وإذا كان هناك من يعتقد أنّ “التعادل” الذي سُجّل شكّل “إنذارًا أول” على هذا الصعيد، وخطوة أولى “شكليّة” في إطار تموضع “التيار” المحتمل، إن فرّط “الحزب” بالتحالف معه، فإنّ البيانَين الصادرين عن “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” هيمنا على ما عداهما، فما “سرّ” تغيير “حزب الله” تكتيكه للمرّة الأولى، وخروجه عن “الصمت” الذي اعتاد عليه في مثل هذه المحطات؟ وإلى أين يمكن أن يذهب “التيار”، بعد بيان الردّ، الذي وصفه بعض “العونيين” بـ”المهذب”؟!
 
هجوم “لطيف” لكن “معبّر”
 
رغم أنّ قياديي ومسؤولي “التيار الوطني الحر” تناوبوا منذ مطلع الأسبوع على الهجوم المباشر على الحليف الوحيد وصولاً لحدّ الحديث عن “غدر وخيانة”، وهو ما ترجم بشكل أو بآخر في مؤتمر رئيس “التيار” الوزير السابق جبران باسيل، حين تحدّث عن مشكلة مع “الصادقين” الذين قال ما معناه إنّهم “لم يكونوا صادقين”، كانت كل التوقعات تشير إلى أنّ “الحزب” سيلتزم، على جري عادته، بالصمت، بانتظار لقاء “غسل جليد” يعيد الأمور إلى نصابها.
 
لكنّ “المفاجأة” جاءت صباح الخميس ببيان “مطوّل” صدر عن العلاقات الإعلامية في “حزب الله”، شكّل في مضمونه أول “ردّ علني” من جانب الحزب على “التيار” منذ توقيع تفاهم مار مخايل، ورغم كلّ “الاختبارات” التي وُضِع فيها في أكثر من محطّة ومناسبة، علمًا أنّ ما حاول البيان أن يقوله بكلّ بساطة، وبطريقة ملطّفة ومهذبة، لم يكن سوى أنّ باسيل “يكذب”، أو أنّه في أحسن الأحوال، قد يكون الأمر “التبس” عليه وفق ما جاء في البيان.
 
وفيما ذهب “الحزب” أبعد في هجومه “اللطيف” على “التيار”، الذي أزله من مرتبة “الحليف” إلى “الصديق” وفق ما قرأ كثيرون في “مفارقة” قد تستدعي بدورها الكثير من الاهتمام، متحدّثًا عن “تصرف غير حكيم وغير لائق”، وعن “أوهام بأوهام”، يبدو أنه سيكتفي بهذا البيان حتى إشعار آخر، وهو ما تجلى من خلال رفض نواب “الحزب” الردّ على أيّ سؤال حول الملف، وإحجام المقرّبين من “حزب الله” عن إضافة أيّ تعليق على ما ورد في البيان.
 
“التيار” يبتزّ “حزب الله”؟!
 
لا شكّ أن بيان “حزب الله” شكّل “صدمة” بالنسبة إلى “التيار الوطني الحر” الذي تطلب منه الأمر ساعات طويلة قبل أن يصدر بيان ردّ، بدا أنّ من كتبه حرص على “انتقاء” عباراته بعناية، لدرجة أنّ “عونيّين” اعتبروه “مهذّبًا أكثر من اللزوم”، أقلّه بالمقارنة مع ما كان مسؤولو “التيار” يقولونه في الإعلام منذ الإثنين، قبل أن تتراجع وتيرته بشكل غير مسبوق يوم الجمعة، بعد بيان العلاقات الإعلامية في “حزب الله”، رغم بعض “الخروق”.
 
لكنّ “التيار” الذي استنسخ مصطلح “الالتباس” من بيان “حزب الله”، مع تبديل هوية من وقع في “فخّه”، لم يكن “ملتبسًا” أبدًا حين قرّر أن يردّ “عمليًا” على “الحزب” في جلسة انتخاب الرئيس، سواء بتسريب معلومات عن نيّته “تهريب” أصوات لميشال معوض، ولو تنصّل منها لاحقًا، أو عبر بعض الأوراق الملغاة التي حملت “رسائل جوهرية”، من قبيل “ميشال” دون معوض، أو “معوض” دون ميشال، فضلاً عن “معوض بدري ضاهر”.
 
ورغم أنّ حركة “التيار” تعرّضت للكثير من الانتقادات، باعتبار أنّها أسهمت في “تسطيح” الاستحقاق الرئاسي أكثر، وحوّلته إلى مجرّد “صندوق” لتبادل الرسائل وتصفية الحسابات، فإنّها معطوفة على تلويح “التيار” على كلام “أكثر شرحًا حول ضخامة ما حصل” للوزير باسيل، قرئت في بعض الأوساط على أنها بمثابة “ابتزاز” للحزب، بل “تهديد مبطن” بـ”خطة نكاية”، إن جاز التعبير، قد تصل إلى حدّ دعم من لا يرضى عنه الأخير في الرئاسة.
 
الأكيد أنّ الخلاف المستجدّ بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” ليس مجرّد “سوء تفاهم”، ولا حتى “غيمة صيف”، ولو جاءت في فصل الخريف، بدليل تحوّله علنيًا، بقرار “الحزب” خلافًا للعادة. ثمّة من يقول إنّ الأخير أراد ذلك، دفعًا لتهمة “الوعد غير الصادق”، لكن ثمّة من يقول إنّ الأمر أكبر من ذلك، علمًا أنّ جلسة الحكومة ليست سوى “غيض من فيض” الخلافات بين الجانبين، التي قد يختصرها الحديث عن باسيل كـ”صديق” لا “حليف”!