العلاقات اللبنانية السعودية إلى تحسّن

11 ديسمبر 2022
العلاقات اللبنانية السعودية إلى تحسّن

لم يكن بالأمر السهل إقناع دول الخليج العربي، وبالأخصّ المملكة العربية السعودية، بأن لبنان، شعبًا ومؤسسات، لن يتخلى عن إنتمائه إلى محيطه الطبيعي، ويعلق أهمية بالغة على توثيق عرى التواصل معها في كل المجالات، وذلك لما بينه وبينها من علاقات تاريخية لا تقتصر فقط على ما بينهم من مصالح مشتركة، بل تتخطى ما هو عادي في علاقة لبنان مع الدول الصديقة.

فعلاقات الأخوّة التي تجمع لبنان مع أشقائه أكثر عمقًا من أي علاقة أخرى. ولأنها كذلك كان زعل العرب من بعض اللبنانيين كبيرًا، ولكنه لم يصل إلى مستوى القطيعة التامة، بل حفظ أشقاؤه خطّ الرجعة مع شقيقهم الأصغر، الذي يتكامل مع أشقائه، في السراء والضراء.
ولأن أغاني السيدة فيروز لا تزال تفعل فعلها في دول الخليج العربي وشعوبها، فقد إستوحوا من أغنيتها “عَ قد المحبة العتب كبير”، ليقولوا لإخوانهم اللبنانيين إن زعلهم لن يطوّل، وهم يتوقون لرؤية لبنان خارجا من أزماته المتراكمة، وأن يعود للعب دوره الريادي في المنطقة وفي العالم، بإعتباره رسالة أكثر منه مجرد بلد عادي.
فهذه العلاقات الطبيعية بين لبنان وأشقائه العرب ستعود إلى طبيعتها في القريب العاجل، وهذا ما لمسه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ممن التقاهم من مسؤولين في المملكة العربية السعودية، وعلى رأسهم ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، الذين أبدوا إهتمامًا خاصًا بالوضع اللبناني وضرورة توافق سريع بين اللبنانيين على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مع استعداد المملكة على تقديم أي مساعدة للبنان، وبالأخص في المجال الإنساني، وهي تنسق في هذا الإطار مع الحكومة الفرنسية.
وفُهم أنه وعلى رغم الإستعداد السعودي لمساعدة لبنان للخروج من نفق أزماته الطويل، فإن المسؤولين السعوديين هم من بين الذين يعتقدون بأنه إن لم يساعد اللبنانيون أنفسهم في الدرجة الأولى فأن الآخرين لا يمكنهم أن يحّلوا مكانهم، وهم مطالبون بأن يساعدوا أنفسهم قبل مطالبة الآخرين بمدّ المساعدة لهم، وإن مساعدة الخارج، ومهما بلغت درجة أهميتها، لن تفي لوحدها بالغرض، لأنه يجب على اللبنانيين أن يقتنعوا أولًا بأن لا احد يمكنه أن يحل مكانهم في تحمّل مسؤولية انقاذ بلدهم، وإن لم يقلعوا شوكهم بأيديهم فلن يفعل ذلك أحد عنهم.وفي مجمل ما عاد به الرئيس ميقاتي من المملكة، بعد مشاركته في القمة الصينية – العربية، فإنه يمكن القول إن أشقاء لبنان يقفون إلى جانبه في محنته الحالية، وهم غالبا ما كانوا يقومون بهذا الدور، ولكن هذا لا يعني أن على اللبنانيين أن يتخلوا عن مسؤولياتهم تجاه وطنهم، وعليهم أن يقوموا بهذا الواجب قبل أي أمر آخر.