بري ينتظر المواقف ليقرر: الحوار أو عطلة طويلة

13 ديسمبر 2022
بري ينتظر المواقف ليقرر: الحوار أو عطلة طويلة

 
وبمعزل عن لائحة المدعوين، منقوصة كانت أم مُكتملة، فإن الرأي الغالب ليس متفائلاً بقدرة الحوار النيابي على إحداث ثغرة في المأزق الرئاسي، بسبب الشروط التي حددتها القوى السياسية ويُصعب معها بلوغ تسويات في الوقت الحالي، وأبرزها موقف باسيل الرافض بشكل حاسم لأي من المرشحيْن الجدييْن غير المعلن عنهما بشكل رسمي، فرنجية وعون.

الراصدون لحركة الخارج يشيرون إلى أن الصعوبات الداخلية في التوافق على مشروع الانتخابات الرئاسية، تترافق مع تأزم إقليمي ودولي، ومع إشارات تلقاها مسؤولون كبار من جهات أوروبية وأميركية وعربية بأن الملف اللبناني ليس محل أولوية الآن. ما يعني أنه قد يصار إلى تأجيل البحث الجدي إلى مرحلة لاحقة تمتد إلى ما بعد بداية العام المقبل، علماً أنه بعد إعلان باسيل أول من أمس عدم دعمه فكرة أن يكون قائد الجيش هو الحل، نقلت أوساط عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قوله أمام حلقة ضيقة من المسؤولين في حزبه بأنه لا يحبّذ دعم عون وأنه يعتقد بأن الوقت قد حان لعدم الخضوع لابتزاز اللحظات الصعبة، وأن لبنان عانى الكثير مع العسكريين الذين وصلوا إلى الحكم في العقدين الماضيين.
 
وفيما استبعدت أوساط سياسية بارزة تعديل أطراف الحوار شروطهم تحت وطأة المأزق السياسي – الدستوري وهدير الانهيار الاقتصادي – الاجتماعي، تنتظر البلاد المفعول العملي للتطورات الخارجية التي تمثلت بفتح أبواب الرياض أمام رئيس الحكومة بمسعى فرنسي، وأبواب الدوحة أمام قائد الجيش. وفي هذا الإطار، كشفت مصادر مطلعة أن «القطريين الذين عقدوا لقاءات طويلة مع عون في زيارته الأخيرة بدأوا جدياً الحديث مع عدد من القوى السياسية الداخلية التي تدور في فلك هذا المحور لتسويق قائد الجيش». وأشارت المصادر إلى أن «المشكلة العالقة مع القطريين الذين يتحركون بغطاء أميركي إلى جانب الفرنسيين، هي مع باسيل الذي يرفض خيار عون»، علماً أنهم «دخلوا في إمكانية إبرام تسوية بين عون وباسيل في التفاصيل المتعلقة بكل استحقاقات العهد الجديد»، وترافق ذلك مع معلومات تشير إلى أن «أمير قطر تميم بن حمد وعد بتفعيل مبادرة بلاده، وفقَ الهامش المعطى لها، مطلع السنة الجديدة».
 
وكتبت” نداء الوطن”: وعلى الرغم من المرونة التي أبدتها الكتل واستعداد بري لتوجيه الدعوات بشكل رسمي لرؤساء الكتل النيابية إلى جلسة حوارية الخميس حول بند وحيد هو الإستحقاق الإنتخابي الرئاسي، إلّا أنّ بعض المصادر النيابية تتخوف من عدم جهوزية بعض الأطراف حتى الآن، وبالتالي فقد تكون جلسة الخميس إنتخابية ليُرحّل العرض الحواري إلى ما بعد عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، أي إلى العام الجديد، من دون تحديد موعد إفساحاً في المجال ربما لإعادة إطلاق الحوار.وتقول المصادر نفسها لـ»نداء الوطن» إنّ «عدم وضوح وتردّد الفريقين «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحرّ» ربّما يؤجّل إنطلاق الحوار رغم التعامل بإيجابية من قبل الطرفين خلافاً للموقف السابق الذي اتخذاه من موضوع رفض الحوار أسوة بموقف «الكتائب»، حيث كان الجميع يرفض الفكرة من حيث المبدأ بينما الآن يتم التعامل معها بطريقة مختلفة خصوصا «القوات» و»التيار» وإن كان كل طرف من الإثنين ينتظر الآخر لتحديد الموقف.
 
وعلمت «نداء الوطن» أن التمثيل حول طاولة الحوار يجب أن يكون لكل ثلاثة نواب كحدّ أدنى ممثل خصوصاً من النواب المستقلين، وطبعا لكل كتلة أن تنتدب ممثّلاً عنها، وفي السياق، فقد إتفق النواب نبيل بدر وبلال الحشيمي وعماد الحوت على أن يتمثّلوا بواحد منهم. لكنّ المفارقة أنّ نواب «التغيير» لم يحسموا أمر المشاركة من عدمه، مع ميل لدى البعض إلى ترجيح كفّة المقاطعة التي يبدو أنها حسمت بعد مشاورات مسائية بين النواب.
 
وكتبت” النهار”: مجمل المعطيات التي تحكم ازمة الفراغ الرئاسي آخذة في الانزلاق نحو متاهات لن يجري في ظلها وضع حد للشغور الرئاسي في المدى المنظور. وتترقب الأوساط السياسية والكتل النيابية ان يصدر الموقف النهائي من موضوع الحوار النيابي في الساعات المقبلة بحيث يكون رئيس مجلس النواب نبيه بري قد تبلغ أجوبة جميع الكتل النيابية ولا سيما منها الكتلتين المسيحيتين الاكبرين “تكتل لبنان القوي” و”تكتل الجمهورية القوية” حول موافقتها او تحفظها او رفضها الاستعاضة عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الخميس المقبل بجلسة نقاش وحوار بين رؤساء الكتل، علما ان المناخات السائدة لا تستبعد ان تفسح الكتل التي تحفظت ورفضت سابقا طرحا حواريا مماثلا، الفرصة امام هذه الجلسة، ومن ثم يبنى على مناخاتها ونتائجها الموقف اللاحق من الطرح الحواري. ويشار في هذا السياق الى ان الكتل التي ترشح النائب ميشال معوض كما تجمع النواب التغييريين تعتزم في حال انعقاد جلسة حوارية ان تتمسك باثارة تحميل الجانب الاخر تبعة تعطيل الانتخاب الرئاسي بسبب الإصرار على دوامة تطيير النصاب في الدورة الثانية الانتخابية من كل جلسة. وهو الامر الذي يطرح تساؤلات عن “وظيفة ” هذا الحوار المحتمل هل سيكون حول السبل الممكنة لاطلاق معركة تنافس في جلسات موصولة لا يسقط فيها النصاب ؟ ام سيكون لبداية البحث الموسع في مروحة أسماء ومرشحين والى اين سيؤدي في كلا الحالين؟. ووسط الترقب لبت طبيعة الجلسة المقبلة التي ستكون اخر الجلسات في هذه السنة، ازدادت الشكوك لدى أوساط معنية في إمكانات تبديل المسار العقيم لانتخاب رئيس الجمهورية وفق الوتيرة الراهنة التي تكشف بما لا يقبل جدلا ان “فريق الممانعة” سيدفع قدما للتمديد للفراغ ما دام ذلك سيخدم مصالحه ويخفف تظهير الجانب المتعلق بعجز هذا الفريق عن خوض معركة علنية مكشوفة ضد مرشح المعارضة او مرشحين مستقلين اخرين.
 
وقال نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي في حديث لـ”النهار”: “إن أدعم فرنجية عند الإخوة في القيادة السعودية تهمة لا أنفيها وشرف لا أدّعيه. الأمر صحيح وليس تكهناً. مع العلم بأن بيت فرنجية التاريخي ليس نكرة أو منطقة مجهولة عند القيادة السعودية. وأذكر أنني عندما ذهبت ذات يوم برفقة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى الرياض لتعزية الملك سلمان بأحد أبنائه وكان حينها أميراً على الرياض أتى الملك في حديثه يومذاك على الشخصيات اللبنانية التي لها مكانة متميزة عنده فأورد على ما أذكر اسم الرئيس سليمان فرنجية الجد الى جانب عمّي الراحل (النائب السابق) أديب الفرزلي”.
 
تشير معلومات «البناء» على أن جميع الكتل النيابية أبدت استعدادها للحوار باستثناء القوات والتيار، فيما لم يعرف موقف كتلة التغييريين وسط انقسام بينهم، بين من يؤيد الحوار ومن يعارضه، ومن المتوقع وفق المعلومات أن تعلن كتلتا التيار والقوات موقفيهما من الحوار اليوم.إلا أن أوساطاً سياسية تشير لـ»البناء» الى أن «الحوار الداخلي يهدف لتهدئة التوتر وخفض منسوب التوتر الطائفي في البلد الذي اندلع على خلفية الشغور الرئاسي ودستورية عقد جلسات لحكومة تصريف الأعمال، وثانياً لمحاولة تضييق مساحات الخلاف ووضع مواصفات مشتركة للرئيس المقبل، وثالثاً إيجاد نوع من شبه التوافق الوطني على اسم أو أكثر وملاقاة نضوج الظروف الاقليمية والدولية»، مستبعدة حصول اي خرق في الجدار الرئاسي قبل نهاية العام. لكنها حذرت من تفاقم الأزمات واستمرار مسلسل الانهيارات المالية والاقتصادية والاجتماعية في ظل استمرار الشغور الرئاسي وشلل العمل الحكومي وفي ضوء الارتفاع المستمر بسعر صرف الدولار وارتفاع كبير في الأسعار مع توقع ضرائب ورسوم جديدة في قرارات الحكومة ووزارة المالية، الأمر الذي سينعكس على الأوضاع الأمنية في البلاد.