على الرغم من انه في الأول من تموز تم اعتماد تعرفة جديدة للاتصالات والانترنت، وذلك تطبيقًا لقرار حكومي صادر في أيار الماضي الا ان هذا القطاع لا يزال يعاني من مشكلات خطيرة لاسيما مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان والارتفاع المستمر للدولار الذي تخطى سعره الـ 42 ألف ليرة.
ونظرا لخطورة وضع قطاع الاتصالات وافق مجلس الوزراء في الجلسة التي عقدها يوم الاثنين 5 كانون الأول الجاري على تحويل مبلغ 26 مليون دولار لصالح وزارة الاتّصالات ممثّلة بهيئة “أوجيرو” من أجل تأمين المصاريف لـ 6 أشهر وهي تشمل “مصاريف المحروقات والصيانة وثمن الداتا التي يتم شراؤها من الخارج”. وأكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد الجلسة انه تم إقرار بنود عديدة أبرزها يتعلق بـ”أوجيرو”، وقال: “لو لم نتخذ القرار المناسب لكان قطاع الاتصالات الدولي والانترنت مهددا بالانقطاع التام خلال أسبوع”.
وقد عاد الحديث مُجدداً عن رفع تعرفة الاتصالات والانترنت مرة أخرى، ولاسيما مع اعتماد سعر صرف الـ 15 ألف ليرة للدولار اعتباراً من الأول من شباط فهل ستتغير الأسعار وما مصير قطاع الانترنت في لبنان؟
مدير عام هيئة “أوجيرو” عماد كريدية جدد المُطالبة عبر “لبنان 24” بربط تسعيرة هيئة “أوجيرو” بالدولار أو بسعر “صيرفة” وذلك اسوة بقطاع الخلوي بهدف الحفاظ على قيمة المداخيل التي تسمح للهيئة بالاستمرار في تأمين خدماتها.
وأوضح كريدية ان “الأسعار التي احتُسبت عند رفع التعرفة في تموز الماضي لم تعد ملائمة، وعندما أقرت هذه التعرفة كان سعر صرف الدولار 22 ألف ليرة أما اليوم فأصبح 42 ألف، وبالتالي انخفضت القيمة الفعلية لواردات الجباية بنسبة 50 بالمئة كما انخفضت القيمة الفعلية من مداخيل الهيئة لأن سعر الصرف خارج عن السيطرة وهذا الأمر سيؤثر على المدى المتوسط والبعيد على مالية “أوجيرو” ووزارة الاتصالات”.
أوجيرو.. على خطى “كهرباء لبنان”!
واعتبر كريدية انه “لا بد من إعادة النظر في التعرفة خصوصا وأن هيئة أوجيرو التي تتبع لوزارة الإتصالات أصبحت مدعومة من قبل الدولة عبر سلف، وهذه السلف التي طلبتها أوجيرو لتأمين الطاقة للسنترالات بلغت حتى اليوم 1200 مليار ليرة في حين ان موازنة الهيئة للصيانة والتشغيل لسنة 2022 لا تتعدّى 48 مليار ليرة وهو رقم صغير جدا مقارنة بالكلفة التشغيلية.”
وقال: “يجب إعادة التوزان المالي للمؤسسة والا سنظل نطلب السلف ويصبح مصيرنا كمصير مؤسسة كهرباء لبنان”.
وأضاف: “إذا تم توحيد سعر صرف الدولار وبقيت أسعار “أوجيرو” على حالها ستزيد علينا الأعباء، وسنلجأ إلى وزارة المال لطلب سلف إضافية ولا يمكننا حاليا القيام بذلك مع تعذر انعقاد مجلس الوزراء”.
ولفت كريدية إلى ان “زيادة التعرفة في تموز كانت جيدة بالنسبة لشركات الخلوي لأنها في الأساس تسعر الفاتورة بالدولار وبالتالي استطاعت الشركتان المحافظة على مداخيلهما من دون ان تتأثرا بتغييرات سعر الصرف وانما هذا الأمر لم يحصل بالنسبة لهيئة أوجيرو”.
وتابع: “كل شيئ مدولر في لبنان حتى الضرائب والرسوم تدفع على سعر منصة صيرفة وبالتالي لم يعد هناك الا اوجيرو تتقاضى باللبناني”.
وشدد على “ضرورة الحفاظ على قطاع الاتصالات، لأن هذا القطاع بالرغم من كل الضربات يمسك البلد على أكتافه فلا جامعات ولا مستشفيات أو أمن أو دراسة أو عمل الا عن طريق وزارة الاتصالات وهيئة أوجيرو”.
وأكد كريدية ان “قطاع الاتصالات هو قطاع منتج ويؤمن مداخيل للدولة”، مشيراً إلى انه “في عام 2019 وزارة الاتصالات أدخلت إلى الخزينة عن طريق هيئة اوجيرو ما يقارب الـ 400 مليون دولار”.
وأبدى كريدية خوفه من ان تنهار الهيئة قبل انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة.
أعطال وسرقات
وعن تزايد الأعطال على الخطوط الثابتة وشبكة الانترنت، اعتبر كريدية ان “ما من أعطال كبيرة في الشبكة”، لافتاً إلى ان “عمال وموظفي اوجيرو يجهدون بتصليح الأعطال على الرغم من كل الظروف”.
وتابع: “إذا لم نتمكن من تأمين قطع غيار للسنترالات فمن الطبيعي ان تزداد الأعطال على الشبكة فنحن بقطاع تكنولوجي متسارع يتطلب أعمال صيانة مستمرة والا ستُصاب الشبكة بالاهتراء”.
أما السرقات فلفت إلى انها “مستمرة مع تردي أوضاع الناس اجتماعيا حيث تتم سرقة الكابلات النحاسية والبطاريات لبيعها والمتاجرة بها”، وقال في هذا الإطار انه “لا يمكننا الطلب من الأجهزة الأمنية البقاء في مراكز اوجيرو، نحن نستبدل القطع المسروقة بما يتيسر لدينا من قطع موجودة ولكن إلى متى يمكننا الاستمرار على هذه الحالة؟”.
وشدد كريدية على ان “وضع “اوجيرو” صعب جدا طالما ليس هناك اعتمادات”، وحذر من ان “قطاع الانترنت بخطر”، مشيراً إلى انه “يُتهم دائما بالتهويل ولكن المشكلة موجودة وواجبه إطلاق الصوت باستمرار”.
وتابع: “لطالما حذرت من الحلول الترقيعية فنحن بحاجة لاستراتيجية واضحة للاستمرار بالقطاع”.
وختم كريدية قائلاً: “إذا توقفت اوجيرو فهذه كارثة وبالتالي لا يمكن ان يستمر الوضع بهذه الطريقة فأوجيرو هي خط الدفاع الأخير، والدعم الذي تلقيناه مؤخرا يكفي لـ 5 أو 6 أشهر وفي حال عدم انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة على مجلس الوزراء ان ينعقد مُجدداً بعيداً من الخلافات السياسية لأن الموضوع طارئ وأنا مضطر لرفع الصوت”.
ولا بد أخيراً من الإشارة إلى ان قطاع الاتصالات يُعد تاريخيا ثاني أهم مورد لإيرادات الدولة بعد الضرائب، وكان يلقب بـ”نفط لبنان”، ويرفد الخزينة بإيرادات بالليرة اللبنانية كانت تعادل نحو 1.4 مليار دولار سنويا.