كتب نجم الهاشم في “نداء الوطن”: منذ أحيلت إليه الطعون في عدد من المقاعد النيابية في عدد من الدوائر بعد الإنتخابات النيابية التي جرت في 15 أيار الماضي، واقترع فيها اللبنانيون في دول الإنتشار قبل أسبوع، حكي عن أنّ المجلس الدستوري سيعمل على تمرير ما يناسب السلطة القائمة من قرارات تعيد توزيع المقاعد النيابية بما يقلّص عدد المقاعد الخارجة عن نفوذ هذه السلطة المتمثّلة بتحالف «حزب الله» وقوى 8 آذار و»التيار الوطني الحر». هذا الكلام كان يستند إلى الطريقة التي تمّ فيها تشكيل هذا المجلس واختيار أعضائه خصوصاً من قبل «التيار الوطني الحر» والثنائي الشيعي.
ما كُشف بسبب السجال العلني لم يقتصر على هذه الطعون فقط بل تعدّاه إلى دور المجلس الدستوري وبطريقة مكشوفة ومن دون حياء أو خجل. فقد كشف الخلاف العوني مع «حزب الله» أنّ هناك مراجعة عونية – باسيلية لموقف «الحزب» من موضوع عدم قبول المجلس الدستوري الطعن الذي قدّمه نواب من «التيار الوطني الحر» في قانون الإنتخابات وتحديداً في موضوع تصويت المغتربين لناحية إذا كانوا يصوّتون لنواب يمثّلونهم حصراً، كما يريد باسيل، أو يصوّتون في الدوائر التي ينتمون إليها بحسب تسجيلهم في لبنان كما نصّ تعديل القانون في مجلس النواب في جلسته في 19 تشرين الأول 2021 التي كانت أيضاً مدعاة لاعتراض «التيار الوطني الحرّ» حول طريقة التصويت واحتساب الأكثرية والتي لم يراع فيها «حزب الله» حليفه العوني.وقد سقط الطعن المقدّم أمام المجلس الدستوري في ظل الصراع الذي قام بين «التيار» والرئيس نبيه بري الذي وقف معه «حزب الله» في وقت لم يكن قد انفجر الخلاف بعد بين «التيار» و»الحزب» وإن كانت هذه الواقعة أحد الأسباب الرئيسية التي أدّت إلى التفجير خصوصاً أنّ «الحزب» اضطر إلى دعم «التيار» في تجيير أصوات شيعية إلى عدد من مرشحيه، وفي حمل الرئيس برّي على أن يكون مع «التيار» في لوائح موحّدة على رغم التسريبات الباسيلية التي أساءت إليه. بعد الخلاف جاء رئيس «التيار» جبران باسيل ليعيِّر «حزب الله» بأنّه نصحه بأن يتمّ قبول الطعن نظراً لتوقّعاته السلبية لنتائج تصويت المغتربين في غير مصلحته وخرج عن الصمت الذي كان يلفّ القضية ليقول إنّه لو قبِل «حزب الله» بالطعن لما كانت جاءت هذه النتيجة التي صبّت أصوات المغتربين فيها لمصلحة «القوات اللبنانية» وقوى التغيير معتبراً أنّ الإنتخابات أظهرت أنّه كان على حقّ و»حزب الله» على خطأ.
ماذا يعني ذلك؟ يعني أنّ قرار المجلس الدستوري كان يحكمه القرار السياسي وأنّ «اللاقرار» الذي صدر عنه في الطعن كان يمكن أن يتحوّل إلى «قرار» بقبول الطعن لو وافق «حزب الله» وحركة «أمل» على تأمين نصاب المجلس الدستوري وتصويت الأكثرية لمصلة قبول الطعن ولو وافقا على رأي باسيل. وإذا كان باسيل قد عيّر «الحزب» بهذه المسألة فإن «الحزب» أو الدائرين في فلكه لم يتوانوا، بعدما وقع الخلاف، عن تعيير «التيار» بأنّ عدداً من نوابه ما كانوا وصلوا إلى ساحة النجمة لولا الدعم الذي أمّنه لهم «الحزب» وبأن الكتلة التي يدّعي باسيل أنه يمتلكها ليست كلّها ملكه وأنّ «الحزب» يمكنه أن يستعيد ودائعه النيابية المحسوبة من حصة «التيار».المجلس الدستوري لم يصدر قراره بعد في موضوع الطعن في المتن الشمالي، ومهما كان هذا القرار يمكن أن يكون موضع تشكيك بعد التسريبات التي حصلت وتستدعي من رئيس المجلس الدستوري تقويم الأمور وتوضيح الإلتباس الذي صدر نتيجة تصريحات سياسية من أطراف شريكة في التأثير على قراراته حتى لا يقال إن هذا المجلس ذهب ضحية الصراع بين «التيار الوطني الحر» و»حزب الله».