وزعت سفارة أوكرانيا في لبنان تصريحا للقائم بالأعمال في السفارة فاليري هريهوراش، لمناسبة الذكرى الثلاثين لإقامة العلاقات الديبلوماسية بين لبنان وأوكرانيا، جاء فيه:”في 14 كانون الأول، تحتفل أوكرانيا ولبنان بالذكرى الثلاثين لتأسيس العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، إلّا أنّ تاريخ العلاقات الرسمية بينهما يعود الى ما قبل هذا التاريخ، الى ما يقرب من مائة عام. كان ذلك في عام 1923 عندما فقدت أوكرانيا الاستقلال الذي نالته خلال الثورة الأوكرانية في الفترة من 1917 إلى 1921، حيث قاومت الديبلوماسية الأوكرانية النظام البلشفي، معلنةً للعالم عن وجود أوكرانيا المستقلة، وبهدف توفير الحماية للأوكرانيين الذين ألقى بهم مصيرهم في أراضٍ بعيدة، شكّلت مؤسسة القناصل الفخريين آنذاك مكونًا مهمًا في العلاقات الدبلوماسية والقنصلية. من بين آخر التعيينات القنصلية التي قامت بها حكومة جمهورية أوكرانيا الشعبية كانت في بيروت ودمشق، حيث منحت شهادة القنصل الفخري في هاتين المدينتين للبروفيسور أو. غ. بوغولوبسكي، وقتذاك تم إرسال خطاب رسمي بتعيين القنصل الفخري الأوكراني إلى المفوض السامي لسوريا ولبنان ماكسيم ويغان، موقعاً من قبل وزير خارجية جمهورية أوكرانيا الشعبية يا. توكارشيفسكي كاراشفيتش ويعود تاريخه إلى 18 أيار 1923. وبالنظر إلى عراقة تاريخ مؤسسات الدولة الأوكرانية، يمكن اعتبار هذا اليوم أيضًا يوماً تاريخيًا آخر يؤرخ إقامة العلاقات الديبلوماسية بين أوكرانيا ولبنان.
كان لبنان من بين الدول العربية الأولى التي اعترفت باستقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي حيث اعترفت الجمهورية اللبنانية باستقلال أوكرانيا في 30 كانون الأول 1991. أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين أوكرانيا والجمهورية اللبنانية في 14 كانون الأول 1992، وتم افتتاح سفارة لأوكرانيا في بيروت في شهر آب 1995. كما تم افتتاح سفارة لبنانية في كييف في شباط 2006. في 14 من كانون الأول من هذا العام سوف يحتفل البلدان بمناسبة الذكرى الثلاثين لإقامة العلاقات الديبلوماسية فيما بينهما.
ومن مصاديق ترسخ هذه العلاقات الديبلوماسية، كانت هناك زيارات متبادلة من قبل رئيسي أوكرانيا والجمهورية اللبنانية. وفي العام 2011 قام رئيس وزراء اوكرانيا بزيارة الى لبنان. في تشرين الثاني من العام 2011 عقدت في بيروت الدورة الثانية للجنة الأوكرانية- اللبنانية الحكومية للتعاون الاقتصادي والتجاري . إن التجارة الثنائية والتعاون الاقتصادي ينموان بنجاح، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 400 مليون دولار. وقد لعب “العامل البشري” دوراً هاماً في تنمية العلاقات، ووفقاً لتقديرات السفارة يقيم في لبنان حوالي 5000 من المواطنين الأوكرانيين، معظمهم عائلات من زيجات مختلطة. وفي كل عام مئات اللبنانيين يغادرون إلى أوكرانيا بهدف التحصيل العلمي في مؤسسات التعليم العالي الأوكرانية العريقة.وبناء على التطورات الأخيرة في أوكرانيا ولبنان، انخفضت خلال العامين الماضيين كثافة الحوار السياسي بشكل طفيف، إلاّ أن لبنان لا يزال واحدا من أهم الشركاء التجاريين لأوكرانيا في الشرق الأوسط. خلال العامين 2021- 2022 بلغ حجم التبادل التجاري بين بلدينا حوالي 400 مليون دولار أميركي، وهو ما يعتبر مؤشراً جيداً جداً نظراً لصغر السوق الاستهلاكي المحلي في لبنان. كما كان من قبل، تعتبر المنتجات الزراعية والغذائية هي السلع الرئيسية المستوردة من أوكرانيا”.
اضاف: “من مصاديق عمق العلاقات الديبلوماسية بين البلدين أنّ لبنان كان الدولة العربية الوحيدة التي أصدرت بياناً يدين العدوان الروسي على أوكرانيا، وكان من الدول التي صوتت لصالح أوكرانيا في العديد من القرارات التي صدرت عن الامم المتحدة بشأن العدوان الروسي.كما كانت أوكرانيا إحدى الدول التي سارعت الى إرسال مساعدات غذائية وطبية وإنسانية الى لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت.ولا ننسى مشاركة جنود أوكرانيا في عديد قوات حفظ السلام الدولية في جنوب لبنان من سنة 2001 الى سنة 2006، حيث قامت الوحدة الأوكرانية بنزع الألغام وتنفيذ عمليات حفظ سلام، بالإضافة الى تقديم المساعدة الطبية والاجتماعية لسكان منطقة الجنوب خلال فترة وجودها في لبنان.الجدير بالذكر أن هناك آلاف الطلاب اللبنانيين قد تخرجوا من جامعات أوكرانيا ومنهم من يتبوؤن مناصب عليا ويقدمون مساهمة فعالة في تنمية وتطوير المجتمع اللبناني، ولهذه الغاية يوجد في لبنان نادي متخرجي جامعات ومعاهد أوكرانيا ينتسب اليه العديد من المتخرجين، وهم يقومون بتوثيق الروابط والعلاقات التربوية والتعليمية بين البلدين. كما يوجد في لبنان جالية أوكرانية كبيرة، تسهم في نسج العلاقات الاجتماعية والثقافية والفنية بين شعبي البلدين، وقد أسست لهذه الغاية جمعية الجالية الاوكرانية في لبنان وهي تضم العديد من الناشطات والناشطين الأوكرانيين في هذا المجال.علاوة على ذلك، قامت السفارة الأوكرانية في لبنان بإصدار مجموعة كبيرة من الكتب والإصدارات باللغة العربية، منها ما يحكي عن تاريخ البلدين وترابطهما منذ زمن بعيد سواء من خلال الرحالة والكتاب والشعراء الأوكرانيين الذين زاروا لبنان سابقاً ووصّفوا لبنان الجميل في كتاباتهم ورسائلهم، أم من خلال الكاتب والأديب اللبناني ميخائيل نعيمة الذي عاش ودرس في مدينة بولتافا الأوكرانية وكتب وترجم العديد من الأشعار الأوكرانية إلى اللغة العربية، ما من شأنه أن يعمّق التواصل الثقافي والعلمي بين البلدين.لا ننسى أن أوكرانيا تقيم مهرجاناً للأفلام السينمائية الأوكرانية في كل عام في لبنان، حيث تُعرض العديد من الأفلام الأوكرانية في أكبر دور السينما اللبنانية، عدا عن أن النحاتين الأوكرانيين شاركوا في العديد من معارض النحت في لبنان وقدموا العديد من الأعمال الفنية التي يمكن مشاهدتها في ساحات ومعارض العديد من المدن والبلدات اللبنانية.كما بالاضافة الى الطلاب اللبنانيين، يوجد في أوكرانيا جالية لبنانية تضم العديد من التجار وأصحاب شركات الإستيراد ورواد الأعمال وغيرهم، يسهمون في تنمية العلاقات التجارية والاقتصادية بين لبنان وأوكرانيا”.وتابع هريهوراش: “لن نقول أن الفراغ الرئاسي في لبنان يؤثر بشكل كبير أو يحد من عمل السفارة، أو من عمل الدبلوماسيين في السفارة، ولكن فيما يتعلق بالفراغ الرئاسي، فإن أوكرانيا، مثل العديد من البلدان الأوروبية الأخرى، تؤيد إجراء انتخابات رئاسية في لبنان بأسرع وقت، وهو، ما من شأنه أن يعيد التوازن الى نظام الحكم، ويؤدي الى العمل البنّاء لجميع السلطات. وعلاوة على ذلك، فإن وجود رئيس للدولة من شأنه أن يكون له تأثير إيجابي على الأمن والاقتصاد في لبنان.إننا في سفارة أوكرانيا نتطلع إلى تنمية العلاقات بين لبنان وأوكرانيا في جميع المجالات والقطاعات، وإلى تعزيز أواصر الصداقة والتعاون على كافة الصعد ومنها في المحافل الدولية، خاصة وأن البلدين يعانيان من العديد من المشاكل والأزمات. فأوكرانيا اليوم تعاني من العدوان الروسي المستمر على أراضيها وشعبها وبنيتها التحتية وهي الآن تعوّل على أن تقف جميع الدول إلى جانبها في وجه العدوان الروسي السافر والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، ولبنان واقع في أزمة إقتصادية خانقة، سنبقى نقف إلى جانبه للتغلب عليها ونتمنى أن يخرج منها وأن ينهض من جديد كطائر الفينيق”.