هل يُغيّر الحزب مقاربته الرئاسيّة ويُرشّح قائد الجيش؟

16 ديسمبر 2022
هل يُغيّر الحزب مقاربته الرئاسيّة ويُرشّح قائد الجيش؟


لم يخرج الدخان الأبيض يوم أمس من الجلسة العاشرة لانتخاب رئيس الجمهوريّة، وقد تزامنت مع تطوّرين، الأوّل سلبيّ عبر رفض “القوّات اللبنانيّة” و”التيّار الوطنيّ الحرّ” دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي للحوار، الأمر الذي رأى فيه مراقبون أنّه إمعانٌ في التعطيل وتأخيرٌ للتوافق، والثاني عبر الإهتمام البارز الذي توليه الدول العربيّة والغربيّة للبنان في ما يخصّ الإستقرار السياسيّ وطرح المبادرات لحلّ الأزمة الرئاسيّة. وقد رأت أوساط متابعة لهذه الحركة الدوليّة أملاً في التوصّل بعد عيديّ الميلاد ورأس السنّة لنتيجة إيجابيّة في الملف الرئاسيّ، إذ تقول إنّ المعطّلين قد يبادرون إلى طرح مرشّحٍ يُجمع عليه النواب.

 
وأمام المشهدين الداخليّ والخارجيّ، لا يزال نواب “الوفاء للمقاومة” و”التنميّة والتحرير” يُصّرون على الحوار للتوصّل لمرشّحٍ توافقيٍّ. ويُشير مراقبون إلى أنّ دعوة برّي تمّ تطييرها مرّتين، وقد تَعمَد “القوّات” إلى عدم تلبية الدعوات اللاحقة، وقد يرى “الوطنيّ الحرّ” فرصة جديدة ليرفضه أيضاً متحججاً بتكتّل “الجمهوريّة القويّة” وللضغط أكثر على “حزب الله” رئاسيّاً.
 
ويلفت مراقبون إلى أنّ الإستمرار بمعادلة الحوار والمرشّح التوافقيّ قد تُطيل أمدّ الفراغ الرئاسيّ، من هنا، يدعون “حزب الله” إلى تعديل مقاربته الإنتخابيّة عبر ترشيح إسمٍ وسطيٍّ، وهو قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي بدأ التداول به في الكواليس السياسيّة محليّاً وخارجيّاً. ويُضيف المراقبون أنّ المؤسّسة العسكريّة تنال إحترام كافة الأفرقاء، ولطالما كان قائدها حلاً للأزمات الرئاسيّة لما يُشكّله من ضمانة للإستقرار السياسيّ.
 
وفي السيّاق عينه، أبدت كتلٌ عديدة عدم ممناعتها إنتخاب قائد الجيش، لكنّها لا تزال تتريث في ترشيحه لتجنّب أنّ يكون رئيس الجمهوريّة في كلّ المناسبات عسكريّاً، وأيضاً، لم تُبدِ بعض الأطراف الأساسيّة في مجلس النواب حماستها لتعديل الدستور. إضافة إلى ذلك، يعتبر مراقبون أنّ وجود العماد عون مهمّ للمؤسّسة العسكريّة وقد نجح في مهمّته، إنّ في إمساك الوضع الأمنيّ، وإنّ في مواكبته لاحتجاجات “17 تشرين الأوّل” وتردّي الأوضاع المعيشيّة والإقتصاديّة التي أثّرت على الجيش.
 
ويُؤكّد المراقبون أنّ نجاحات عون قد ترتدّ على كيفيّة إدارته للبلاد إنّ انتُخب للرئاسة، علماً أنّ لديه علاقات جيّدة مع الدوّل العربيّة والغربيّة. إلّا أنّ المراقبين يُشيرون إلى أنّ قربه من  الولايات المتّحدة الأميركيّة على وجه الخصوص، ربّما لا يُشجّع أطرافاً مثل “الثنائيّ الشيعيّ” على انتخابه، غير أنّ أوساطه لم تُعلن عن معارضتها التصويت له لو حصل على التوافق المطلوب نيابيّاً.
 
ويبقى بحسب المراقبين موضوع السلاح غير الشرعيّ هاجس “حزب الله” الوحيد من أيّ مرشّح، ولكنّ يرون أنّ قائد الجيش لن يُغامر ويُدخل البلاد في أزمة سياسيّة وأمنيّة لو تمّ إنتخابه، ولن يتصادم مع أيّ من الأفرقاء، لأنّ الهمّ الإقتصاديّ سيطغى على عمل أيّ رئيسٍ وسطيٍّ سيصل إلى سدّة الرئاسة، بينما وحده مرشّح “القوّات” و”القوى السياديّة” هو من سيفتح موضوع السلاح على مصراعيه.
 
ويرى مراقبون أنّ خيارات “حزب الله” الرئاسيّة أصبحت محدودة، والدعوة للحوار غير كافيّة للخروج من دوامة الفراغ، لذا، يعتبرون أنّ “الحزب” قد يُبادر إلى طرح مرشّحه رسميّاً لعدم تحمّل تبعات التعطيل على المدى الطويل. ومع أنّ الضاحيّة الجنوبيّة تتمنّى وصول حليفٍ أساسيٍّ لها إلى بعبدا، وهو رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة،فهي تعلم في الوقت عينه أنّ ما تُطالب به الفريق المقابل بعدم ترشّيح شخصيّات مستفزّة يشملها أيضاً.
 
من هذا المنطلق، يقول المراقبون إنّ المبادرة موجودة، و”الحزب” يُمكن أنّ يُطلقها عبر الإعلان عن إسم قائد الجيش العماد جوزاف عون. فيُشدّد المراقبون أنّ مجرّد ترشّيح الأخير من “الثنائيّ الشيعيّ”، سيكرّ سبحة داعميه من “اللقاء الديمقراطيّ” و”الجمهوريّة القويّة” وتكتّل “الإعتدال الوطنيّ” الذي يبحث عن مرشّحٍ توافقيٍ يجمع كافة التيّارات والأحزاب.
 
وفي رأيٍّ معاكس، ترى أوساط معارضة أنّ “حزب الله” لطالما انتهج التعطيل سبيلاً لتحقيق أهدافه، وسيظلّ يدعو للحوار لجرّ الكتل النيابيّة إلى التصويت لمرشّح فريقه السياسيّ تماماً كما فعل من العام 2014 حتى انتخاب الرئيس ميشال عون في الـ2016.
وتختم الأوساط أنّ الكرّة في ملعب “الحزب” وهو مأزوم لأنّ تحالف 8 آذار لم يُقدّم أيّ مرشّح على الرغم من عقد 10 جلسات إنتخابيّة، إضافة إلى خلافه الرئاسيّ مع النائب جبران باسيل، وتصويته بالأوراق البيضاء وتطييره نصاب جلسة الإنتخاب يدّلان على أنّه يُعطّل بدلاً من تقديم الحلول.