الموسم الأول من المسرحية ينتهي.. التعويل على مشاورات الأعياد؟!

16 ديسمبر 2022
الموسم الأول من المسرحية ينتهي.. التعويل على مشاورات الأعياد؟!


بجلسة أخيرة قد تكون عمليًا “الأكثر مللاً” في سجلّ عروضها الأسبوعية “المستنسَخة”، أنهت “مسرحية” انتخاب رئيس الجمهورية موسمها الأول، بلا مفاجآت ولا تشويق، مع “وعد” بموسم جديد ينطلق بعد انتهاء “إجازة الأعياد”، الممتدّة حتى ما بعد الأسبوع الأول من العام الجديد، ريثما يعود “أبطال العمل” من سفراتهم ورحلاتهم المنتظرة، ليستكملوا لعب الأدوار المرسومة لهم، والتي لا يبدو أنّ “نهايتها” قريبة.
 
وإذا كان “الملل” طغى على الجلسة الأخيرة، التي بدت “رفع عتب” في أحسن الأحوال، ولم تخرق “رتابتها” سوى صيحات “التكبير” على لسان “المرشح” ميلاد أبو ملهب، بعد حصوله على صوت أحد النواب، فإنّها خلت من أيّ نقاش “بالنظام” على جري العادة، وهو ما بدا ربما “نتيجة طبيعية” لإسقاط “المبادرة الحوارية” التي سعى إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي بدا “الاستياء” واضحًا عليه في جلسة الانتخاب.
 
وفيما لم تحمل النتائج التي تمخّضت عنها الجلسة أي “مفاجآت”، رغم “السابقة” التي حقّقها النائب ميشال معوض بـ”تفوّقه” للمرة الأولى على الورقة البيضاء، من دون أن يصل إلى حاجز الـ40 صوتًا، فإنّ عبارة “صارت مسخرة” التي وردت في إحدى أوراق الاقتراع، اعتُبِرت “الأصدق” على الإطلاق، بعيدًا عن شعارات “لبنان الجديد” و”التوافق”، و”الميثاق” الذي أضيف إلى اللائحة “الاستعراضية”.
 
“صارت مسخرة”
في الجلسة الأخيرة لهذا العام، والتي لم يحدّد الرئيس نبيه بري موعدًا لأيّ جلسة جديدة تتلوها، غابت النقاشات الدستورية وغير الدستورية المعتادة، لتعكس جوًا من “الملل” الذي ضرب النواب، ما دفع بأحدهم مثلاً إلى طلب “تجاوز” مرحلة عدّ الأصوات الضرورية وفق معايير الشفافية الانتخابية المطلوبة، باعتبارها “تضييع وقت”، في إيحاء ربما بأنّ الجلسة برمّتها أصبحت “تضييع وقت”، بل “طق حنك”، كما وصفها النائب نفسه سابقًا.
 
ثمّة من يعزو هذه “الرتابة” أيضًا إلى تفادي نواب “القوات” خصوصًا، الذين اعتادوا على بدء الجلسات بمطالبة رئيس البرلمان بـ”المبادرة”، الدخول في “سجال” معه، خصوصًا بعدما سمع كلامهم وبادر عبر الدعوة لحوار يمكن أن يفضي إلى توافق ينعكس في جلسات الانتخاب، فأسقطوا هم مبادرته بحجّة أنّها “مخالفة للدستور”، علمًا أنّ العارفين يؤكدون أنّ رئيس مجلس النواب ما كان ليمرّر أيّ كلام من دون “تعليق”، ولو أنّ صمته كان وحده معبّرًا.
 
وبين هذا وذاك، أضحى واضحًا أنّ النواب، ولو مضوا في “استعراضاتهم”، من خلال الشعارات التي يصرّون على وضعها في صندوق الاقتراع، تفاديًا لـ”الإحراج” الذي قد يترتّب عن تسمية مرشح محدّد، وكأنّ لا شيء مستعجلاً بعد مرور نحو شهرين على الفراغ في سدّة الرئاسة، باتوا يشعرون عمليًا بـ”العجز والضعف”، ضعف عبّرت عنه ورقة “صارت مسخرة” بوضوح، وعزّزته مشهدية “هروبهم” من الكاميرات، التي باتت هي الأخرى تتكرّر.
 
“تفوّق” معوض
على مستوى نتائج الجلسة، الأكيد أنّ شيئًا لم يتغير، ولو أنّ بعض داعمي النائب ميشال معوض “احتفلوا” بتقدّمه على الورقة البيضاء لأول مرة، وهم يعرفون أنّ هذا “التقدّم” وهميّ ولا يعني شيئًا، فمرشح بعض قوى المعارضة لا يزال بعيدًا جدًا عن أكثرية الـ65 صوتًا، فكيف بالحريّ نصاب الـ86 صوتًا، علمًا أنّ القاصي والداني يدركان أنّ تقدّمه جاء نتيجة “رسالة سياسية” أراد “التيار الوطني الحر” توجيهها لـ”حزب الله”، وهي لن تصل أبدًا لحدّ التصويت لمعوض.
 
من هنا، فإنّ “التعويل” يبقى على حركة “مشاورات” يُقال إنّ فترة الأعياد قد تطلقها، أو بالحدّ الأدنى تمهّد لها، فالنائب معوض قال إنّه سيستفيد من الأسابيع الثلاثة المقبلة لتوسيع حركة التشاور مع مختلف القوى السياسية، ومثله نُسِب إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري سعيه إلى استبدال الحوار المعطَّل بمشاورات ثنائية، فيما تتّجه الأنظار إلى بكركي التي قد تستفيد بدورها من فترة الأعياد، لفتح قنوات حوارية مع العديد من اللاعبين الفاعلين.
 
لكنّ هذه “المشاورات”، وإن كانت مفيدة، باعتبار أنّها بالحدّ الأمور تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، على مستوى “التواصل” المطلوب بين القوى السياسية، بدل الاكتفاء بحضور جلسات انتخابية “شكليّة” لا تقدّم ولا تؤخّر، تبقى برأي العارفين ناقصة، ما لم تقترن برغبة “جدية” من الجهات المعنيّة بالوصول إلى “توافق”، وهو ما فُهِم مثلاً من “تطيير” مبادرة الحوار، وما قد يعكس في مكان ما “رهانًا” مستمرًا على الخارج، رغم كلّ شيء.
 
مع انتهاء “عروض” الموسم الأول من “مسرحية” انتخاب الرئيس، قد لا يكون “تعويل” اللبنانيين على مشاورات جانبية تحملها فترة الأعياد، التي يبدو أنّها ستكون “قاسية” عليهم، مع ارتفاع مستمرّ للدولار، وغلاء غير مسبوق للأسعار، وغياب أيّ “فرج قريب” يمكن أن يتعلّقوا به، بل بكلّ بساطة على “وحي” ينزل على النواب، ليدركوا حجم المأساة، ويكفّوا عن “الحِيَل” التي تعقّد الأمور، ويتوافقوا على انتخاب رئيس اليوم قبل الغد!