عون مجروح من إخلال حزب الله بالتفاهم وتخليه عن العهد

17 ديسمبر 2022
عون مجروح من إخلال حزب الله بالتفاهم وتخليه عن العهد


كتب نقولا ناصيف في”الاخبار”: نجاح تجربة «تفاهم مار مخايل» بين حزب الله والتيار الوطني الحر، أن كلاً منهما أراد منه ما يطلبه لنفسه. من بعض ما قيل عند الحلفاء والخصوم، الرئاسة في مقابل حماية المقاومة. الرئيس ميشال عون يقول إن التفاهم كلف التيار ثمناً باهظاً هو خسارته 10 آلاف صوت من أنصاره، لكنه أعطى البلاد الاستقرار. بيد أن التجربة هذه، الموزّعة على داعمين وكارهين، ليست على ما يرام. وقد تكون في خطر حقيقي في ما بعد.

في فم التيار ماء كثير. ربما الأصح أن يقال إن في فم الرئيس السابق للجمهورية ماء كثيراً أيضاً، هو الذي يراقب الخلاف الناشب بين حزبه والحزب الحليف. 
مَن يطلع على موقف عون يلمس امتعاضه. إلى الآن لا يوحي أنه في صدد أي موقف من الخلاف. لا يعتزم الاتصال بأحد في الحزب، ولم يصر إلى التواصل معه. طوال ولاية السنوات الست لم يلتقِ مرة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. مرتان فقط تكلما هاتفياً. أولى عندما عايده نصرالله في عيد، فرد عون مكالمة المعايدة في العيد التالي. لا أكثر ولا أقل. ما خلا ذلك استقباله نواب الحزب. لكنه يقول إنه ينتظر موقفاً منه، إلا إذا بدا أنه لم يعد في حاجة إلى التفاهم.
بيد أن المطلعين على موقف الرئيس يشعرون بأنه «مجروح»، هو الأب الفعلي للتفاهم مع الحزب. أحياناً أكثر من ذلك، كأن يقول إنه «مطعون». لحزب الله دور إيجابي في وصوله إلى رئاسة الجمهورية، بيد أن له كذلك دوراً سلبياً في عدم دعم العهد على النحو المتوقع والمتوخى. يأخذ عليه إخلاله بالبند الرابع في وثيقة التفاهم الموقعة في 6 شباط 2006، المدرج فيه «بناء الدولة» ومقتضياته المرتبطة بمكافحة الفساد واستقلال القضاء ومعايير العدالة واحترام عمل المؤسسات الدستورية وإبعادها عن التجاذبات السياسية وتفعيل مؤسسات الرقابة وفتح التحقيقات القضائية واسترجاع المال العام المنهوب. لم يلمس عون أن الحزب ساعده على تطبيق البنود تلك المتفق عليها، وكانت في قلب التفاهم كما الوقوف إلى جانب المقاومة ودعمها. لم يكن إلى جانبه في حملته لمكافحة الفساد، وأشغل نفسه بالسياسة وحماية قوى ضالعة في الاستمرار في الفساد. ما يحرص على قوله إنه الوحيد الذي كان إلى جانب حزب الله والمقاومة في حرب تموز 2006، بينما الأفرقاء الآخرون ضده: «عندما ربح الحزب ربحت معه وكنت الداعم له وطنياً وإعلامياً. ولو خسر لكنت خسرت معه. في الحالين سأكون معه سواء ربح أو خسر. على المسيحيين أن يعيشوا معه سواء ربح أو خسر».

يفضّل عون، تبعاً للمطلعين على موقفه، إعطاء بعض الوقت حتى يبرد الخلاف قليلاً. يدافع عن وجهة نظر باسيل، ويعتقد أن التباين لم ينشأ أخيراً. في ما يقوله إن التحالف مع حزب الله وراء العقوبات الأميركية على باسيل. سمع ذلك مباشرة من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عندما استقبله في قصر بعبدا في 22 آذار 2019 يطلب منه تخلي باسيل عن التحالف مع حزب الله تفادياً لفرض عقوبات أميركية عليه. سرعان ما صار إلى فرضها بعد أشهر في 6 تشرين الثاني 2020. يومذاك قال عون للوزير الأميركي: «ماذا يضرّك أن يجتمع نائب لبناني بنواب لبنانيين على أراض لبنانية؟ تريد معاقبته لأنه يتحدث معهم؟». جواب يومبيو أن على باسيل «قطع العلاقة».في الأشهر الأخيرة، خصوصاً في مرحلة تأليف حكومة نهاية الولاية، بحسب عون، كان في وسع الحزب ممارسة ضغوط للوصول إلى حكومة جديدة ترضي الأفرقاء جميعاً. بيد أنه اكتفى بالطريقة التي تعامل بها معه آنذاك الرئيس المكلف.
المشكلة الراهنة التي طفحت بها الكأس اثنتان: ترشيح حزب الله سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية وهو ما يرفضه الرئيس السابق ورئيس التيار الوطني الحر، واجتماعات الحكومة المستقيلة التي يرفضانها كذلك. إلا أن عون يملك جواباً مزدوجاً لتذليل المشكلة المزدوجة بين الحليفين ونجدة التفاهم: أولهما «لأن ثمة سلطتين دستوريتين معطلتين هما رئاسة الجمهورية ووجود حكومة مستقيلة لا يسعها تسلم صلاحيات الرئيس، يبقى مجلس النواب الحل كونه السلطة الدستورية الشرعية العاملة ـ هو الذي ينتخب الرئيس وينبثق منه الرئيس المكلف ويمنح الحكومة الثقة ـ بأن يجتمع وينظر في اتخاذ موقف يشرّع لحكومة تصريف الأعمال الاجتماع أو عدمه. قد يقال بفصل السلطات وأن لا علاقة لمجلس النواب باجتماعات السلطة الإجرائية. صحيح. لكن الصحيح أيضاً أننا في ظروف استثنائية وهو السلطة الدستورية الأخيرة المعوَّل عليها».ثانيهما الاتفاق على مقاربة انتخابات رئاسة الجمهورية بعيداً من الخيارات المسبقة. التخلص من ترشيح فرنجية و»التفاهم بين الحزب والتيار على خوض انتخابات رئاسة الجمهورية باتفاقهما على الرئيس».