كتب طوني عيسى في” الجمهورية”: في المدى المنظور، لا انفراج محتملاً في لبنان. فمن سوء الأقدار أنّ المناخ الإقليمي والدولي أصبح أكثر توتراً، بعد انفراجة نسبية في الأشهر الماضية. وإذ عاد التشنج إلى الملف الإيراني، ثمة تجاذبات جديدة تفرض نفسها، وأبرزها: التوتر الفرنسي – الأميركي الذي خرج إلى العلن وبدأ يتصاعد، والفتور السعودي – الأميركي.
ابتعدت مجدداً فرص التفاهم بين الولايات المتحدة وإيران على خلفية التعاون العسكري والأمني الوثيق، بين إيران وروسيا، في حرب أوكرانيا، ونتيجة جمود المفاوضات حول الملف النووي وصعود اليمين الإسرائيلي الرافض أي تنازل أميركي في الملف. وسط هذه الخريطة الدولية – الإقليمية المضطربة، يبدو الوسيط الفرنسي الذي يعتمد عليه لبنان في الدرجة الأولى لصياغة التسويات مُنغمساً في أزماته الأوروبية والأميركية الصعبة، فيما لا شيء يدفع الولايات المتحدة إلى إنهاء حال تقطيع الوقت السائدة في لبنان، ما دام النزاع لا يخرج عن ضوابطه ولا يزعج أحداً في خارج الحدود. أما العرب فليسوا قادرين على إنجاز أي تسوية لبنانية من دون التنسيق مع الأميركيين والأوروبيين.
وهكذا، منذ أن تمَّ توقيع اتفاق الترسيم مع إسرائيل، لا يبدو لبنان هدفاً طارئاً لتَدَخُّل القوى الدولية. ولذلك، إذا استمرَّت التجاذبات اللبنانية الداخلية بلا ضوابط، فإن وضعية الانهيار والتفلت ستستمرّ في لبنان حتى إشعار آخر. وهذا يعني أن المرحلة المقبلة تُنذر بمخاطر سياسية واقتصادية واجتماعية، وربما أمنية، يصعب حصرها وتقدير تداعياتها.