أشار وزير الزراعة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور عباس الحاج حسن الى ان “الأمن الغذائي هو أمر مركزي أساسي لأي دولة ولاي أمة أو امبراطورية، فدولة مأزومة مثل لبنان تعيش اوضاعا اقتصادية صعبة في ظل انهيار سعر صرف العملة الوطنية، مع تدهور في الواقع الصناعي والتجاري والسياحي، معطوف على انهيار تام في النظام المصرفي، كان الأجدى بهذه الدولة منذ 40 سنة أن تنظر إلى مقوّمات الأمن الغذائي، وهنا نخص القمح والبطاطا وباقي الأمور الأساسية”.
وقال في حديث صحافي: “عندما اندلعت الأزمة الأوكرانية الروسية، طرحنا في الحكومة ملف زراعة القمح، ومن هذا المنطلق بدأنا العمل، طبعا اتُخذ القرار في 31 اذار العام الماضي، أن تتبنى الحكومة اللبنانية بالمطلق زراعة القمح وأسمينا الخطة خطة النهوض بقطاع القمح، وقبل ذلك كان قد اتخذ قرار في مجلس الوزراء الذي انعقد في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون بأن تلتزم الحكومة شراء محصول القمح والشعير لهذا لعام، وأن يصار إلى دفعه حسب سعره عالميا، وعلى سعر الصرف الذي يكون في حينه، وهذا الأمر جيد نظريا، وعندما أتينا للتطبيق حتى الآن لم يصر إلى الشراء، لأنه صار هناك تعقيدات مالية حول الدفع بالدولار أو باللبناني وعلى أي سعر صرف سيتم الدفع؟”.
وحول خطة القمح، قال الحاج حسن: “في موضوع خطة زراعة القمح وتوسيع المساحات المزروعة ومن نوعية محددة هي القمح الطري، نحن كل شهر نستهلك مع مليون و700 ألف لاجئ سوري ما يقرب 23 ألف طن، وثمن هذه الأطنان مبلغ كبير من المال يخرج من الخزينة اللبنانية إلى الخارج وهذا طبيعي جدا، وهنا سألنا أليس الأجدى بنا أن نزرع القمح ونوفر على خزينة الدولة؟ قيل بلى”. وأضاف: “هنا أجرينا مسحًا للأراضي، مع مؤسسات دولية ومع الجيش اللبناني من خلال الكشف على الأراضي وعبر الأقمار الصناعية، وهذا الملف طبعًا عند الجيش اللبناني بالإضافة إلى بعض الدراسات التي أجرتها الجامعات الخاصة والجامعة اللبنانية وغيرها، وتبيّن لنا أنه لدينا القدرة على زراعة ما يقرب 200000 دونم، أطلقنا الخطة وبدأت، طبعا هذه الخطة جيّدة ومهمّة، لكننا بحاجة إلى التمويل، وبدأنا بشهر آذار البحث عن تمويل من أجل الحصول على البذار، بداية قمنا بزيارة فرنسا والتقيت بوزارة الزراعة الفرنسية وبمسؤولي الوزارة، تحدثنا بهذا الأمر وقدّموا لنا كميّة لا بأس بها من القمح الذي يمكن أن يُزرع ويتلاءم مع البيئة الموجودة لدينا، وعندما سألنا الخبراء لدينا قالوا أنه غير صالح للزراعة عندنا، فنحن نأخذ القمح من دول الجوار كونها تشبه بيئتنا، كالأردن وسوريا والعراق ومصر، هنا تخلّينا عن فكرة الهبة أو التقديمات الفرنسية وشكرناهم، ولكن طلبنا منهم مساعدتنا تقنيا. هنا بدأنا البحث عن بديل ثان وهو المنظمات الموجودة معنا، تواصلنا مع الفاو وهي منظمة دولية ومعتد بها، وأرسلنا لهم بريدا الكترونيا، وبعد الأخذ والرد صار بيننا اتفاق شراء للقمح، طبعا الفاو بخبرائها سألت عن الأنسب، ونحن بحسب منظمة أكساد أن نوعية القمح الطري واسمها 11-33 مجرّبة ومعتمدة في مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية”.
ولفت إلى أن “الموضوع بعدما أصبح عند الفاو وقعت اتفاقية معها وهي عبارة عن هبة 500 ألف دولار”، مضيفا “تواصلت مع أكساد وقالوا لدينا كميات معيّنة منها، وأرسلنا رسالة لمصرف لبنان لتحويل الأموال بحسب قانون الشراء العام، بحسب المادتين التي تسمح بعدم إجراء مناقصة عمومية اذا كانت الجهة التي نريد الشراء منها تملك الحصرية في بيع منتج معيّن، أو اذا كانت هذه الجهّة منظمة دولية، والأمران موجودان في منظمة أكساد التابعة لجامعة الدول العربية، طبعا أكساد أرسلت لنا مسودّة اتفاق حولتها لمصلحة الأبحاث العلمية،قالوا لي أنهم يفضلون الذهاب للشراء العام، فورا أرسلت كتابًا للشراء العام بدورهم فضّلوا الذهاب للمناقصة، وقلت لهم اتكلوا على الله”.وعن التأخير الاداري في إطلاق المناقصة، قال وزير الزراعة: “نعالج هذا الموضوع قريبا لأنه أمر إستراتيجي، وأنا يعنيني اليوم قبل الغد أن نبدأ بزراعة القمح، ومن يقف ضد خطة القمح هو ضد الوطن ومصلحة الوطن والمواطن ويجب أن يحاسب”. وقال: “إذا كنا دولة تحترم نفسها، وإن كنا نحن في الإدارة نحترم أنفسنا، وإن كان لدينا وطنية، يجب أن ننهي كل الكارتيلات، وهذه الكارتيلات لا طائفة ولا مذهب لها، نحن نحتاج لأن نزرع سهولنا وأرضنا، كانت أرضنا إهراءات روما صح؟ لماذا لم تعد كذلك؟ اليوم بتنا مجبرون على شراء القمح؟”.وسأل الحاج حسن: “القمح الصلب الذي ننتجه جدًّا مهم لماذا نصدّره ولماذا لا نقتطع قسمًا منه ونمزجه مع القمح الطري، كما يحصل في معظم دول العالم وننتج خبزًا مميزًا؟ وأكبر دليل على ذلك ما قامت به المصلحة الوطنية لنهر الليطاني عندما زرعت القمح القاسي وأنتجت منه الخبز، هذه الأسئلة جميعها برسم الإعلام والمواطنين والفنيين والمعنيين”. وعن تلوث نهر الليطاني بمرض الكوليرا وكيفية المعالجة لتجنّب انتقال المرض للمزروعات ومنها للمواطن، قال وزير الزراعة: “أعلنا خلال مؤتمر صحفي عن نتائج فحوصات أُخذت عشوائّيا من كل سهل البقاع والجنوب اللبناني لعينات من الخضار تسقى بمياه متنوعة، لنرى اذا ما كانت تحتوي على الكوليرا أم لا، لله الحمد أن كل العينات سلبية، وقبل 15 يوما أخدنا عينات من كل عكار والشمال وأيضا كانت خالية من الكوليرا، يعني نهر الليطاني لا شك ملوث بالمطلق وقد عُمل عليه بشكل جبّار ضمن مشروع مهم للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، ولكن أعود وأكرر أن يدًا وحدة لا تصفّق، يعني وزارات الزراعة والصناعةوالطاقة والداخلية والبلديات والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني والأحزاب واتحادات بلديات والنقابات العمالية، كلهم معنيون بملف الليطاني”.وحول عبور المنتجات الزراعية عبر سوريا، قال الحاج حسن: “العلاقة التبادلية السورية اللبنانية ممتازة جدا، وموضوع زيادة 200 ليرة سورية على الموز اذا احتسبناها على الدولار فلا تعد شيئا يذكر، الحكومة السورية والقيادة السورية مشكورة، نحن ذهبنا أول هذه السنة، وكان لدينا موضوع الموز، كان هناك مشكلة بالأذونات وبالكميّات وثانيا آلية الدفع، وثالث شيء وهو العبور والدخول، كل هذه الأمور حُلّت بنصف ساعة خلال اللقاء مع معالي وزير الزراعة السوري الذي نحيّيه. الموضوع الثاني والمهم أنه اليوم يوجد رسوم على حركة الترانزيت من لبنان إلى الخليج العربي أو إلى العراق والأردن عبر سوريا، هذا الأمر منطقي جدًّا وأي دولة تعتبره أمرًا سياديًّا، ولا منطقي اذا من دون الحديث مع الدولة السورية، أنا كررت الأمر مرارًا، السوريون ليسوا بعيدين عنا، السوريون هم أهلنا كما الأردن والعراق والمملكة العربية السعودية، وفي ما يخص المملكة لدينا بعض العراقيل بوجه المنتجات اللبنانية، نحن قلنا وسنقول وسنبقى نقول نحن محكمون أن تكون العلاقة علاقة أخوّة وصداقة ولا ننسى التاريخ الطويل للمملكة العربية السعودية مع لبنان والوقوف إلى جانبه، وستعود منتجاتنا إلى المملكه العربيه السعودية وتعود السعودية وتفتح أبوابها للزراعة اللبنانية وهذا إن شاء الله عاجلا أم آجلا سيحصل، لأننا نؤمن بأن هذه العلاقات هي علاقات أخوّة” .وعن الزراعات البديلة في لبنان، قال وزير الزراعة: “أنا أتحفظ على كلمة زراعات بديلة، هذه زراعات ليست بديلة أبدًا هي زراعات مكمّلة، يعني اليوم الزعفران يجب أن يكون أساسيا في الزراعة اللبنانية، اليوم القصعين وإكليل الجبل والزعتر نصدره، هذه زراعات تعتمد على العائلة والأسرة والعمل التعاوني الضيّق وتثبيت الناس في قراهم وأريافهم وتمكين المرأة الذي يعد مركزيًّا وأساسيًّا بالنسبة لكل الدنيا، وأضف إلى ذلك هو يخفف من استهلاك المياه وبالتالي مردود هذه الزراعات كبير جدا. اليوم نحن نتكلم عن الزراعات المكمّلة وليست بديلة، اليوم مزارع البطاطا الذي يصدّر إنتاجه، لا يمكن أن يقتنع أن يزرع شيئا ثانيًا، أنا لا أبحث عن هذا الأمر، أنا أبحث عن مساحات أخرى للقمح والحمص والعدس، ومساحات أخرى للزعفران، وأتى إلينا عدد كبير من المزارعين من بينهم جمعية كشافة الرسالة الاسلامية التي تنفذ عملًا مميزًا على هذا الصعيد، كذلك لدينا في القاع نموذج جميل جدًّا وهذه المشاريع يجب أن تعمم، وأنا طرحت الموضوع من حوالي ثمانية أشهر على الفاو ومنذ عدة أيام كان لي لقاء مع البنك الدولي، وأيضا طرحنا الموضوع عليهم كإستراتيجية أساسية، لأنني أؤمن بضرورة تفعيل العمل التعاوني وتمكين المرأة وتثبيت المزارعين في أرضهم ،هذه خيارات أساسيه لا مناص منها للنفاذ إلى اقتصاد فاعل وقوي وقاعدة زراعية قوية”.وعن محافظة وزارة الزراعة على قطاع المزارع، قال الحاج حسن: “لدينا شقان، المشروع الأخضر ودعم الهيئات المانحة للمشروع الأخضر، من خلال توسيع عملية الاستصلاح الزراعي وتوسيع المساحات الخضراء، وثانيا حض المزارعين على ما يعرف بنموذج النباتات التي تعرف بالنباتات العلفية، فنحن نستورد اليوم معظم الأعلاف في لبنان لذلك أسعارها بالدولار ومرتفعة الثمن، لذلك اليوم نشاهد كيلو الحليب ب 70 سنتا وكيلو اللحمة أيضا سعره مرتفع، وأيضا هناك صرخة لمربي الدواجن والأبقار والأغنام والماعز، وبالتالي لن نستطيع أن نسيطر على الوضع إذا لم نوسّع المساحات، اليوم للأسف الشديد ليس لدينا مراع خضراء، يجب توسيع مساحات الأراضي التي يمكن زراعتها، والتي يمكن من خلالها إنتاج العلف، هنا نعود لنذكّر بمركزية خطة القمح لأن التبن الذي يخرج من القمح والشعير هو مركزي وأساسي لأن يكون مادة أساسية للخلطة التي نسميها الخلطه اللبنانية للأعلاف، وبالتالي نخفف الكثير والكثير عن كاهل المزارع اللبناني، وهنا أيضا لدينا مشاريع الطاقة الشمسية لأن الطاقة تدخل بشكل أساسي في الأعمال الزراعية والإنتاجية، وعبر الطاقة الشمسية نكون قد خففنا من كلفة الطاقة وبالتالي من كلفة المزروعات والمنتوجات على المستهلك”. وفي الختام ، أشار وزير الزراعة إلى “عزم الوزارة إجراء حملة وطنية تستهدف كل المواشي الموجودة عند الأهالي والمزارعين في كل المناطق اللبنانية، وسيساعد الوزارة الهيئات المانحة وكذلك سيستعان بنقابة الأطباء البيطريين وأيضا الاختصاصيين في الجامعة اللبنانية”.