أنهت قطر وبنجاح استقبالها لكأس العالم ٢٠٢٢ لكنها لم تستطع أن تأخذ دوراً سياسياً كبيراً في الملعب اللبناني على الرغم من الدعم الفرنسي لها والذي يضغط في هذا الاتجاه يوازيه الى حد ما الدعم الأميركي.
حافظت قطر على علاقة خاصة مع إيران وبالتالي خطوط مفتوحة مع “حزب الله”، وعلى هذه النقطة يعوّل الفرنسيون خصوصاً أن القطريين ليسوا بعيدين عن الاتصالات التي تقوم بها فرنسا في ما يخص الملف الرئاسي.
دخلت الدوحة على قطاع النفط اللبناني من الباب الأميركي لتصبح الشريك الثالث في التنقيب بعد الشركتين الفرنسية والايطالية.
كل هذه الأحداث سبقتها تحركات كثيرة إن كان لمسؤولين قطريين باتجاه لبنان أو لمسؤولين لبنانيين باتجاه الدوحة، ونتج عن زيارة المسؤولين القطريين تأمين المجال لأكبر عدد من اللبنانيين من أصحاب الكفاءة والخبرة للمساهمة في نجاح استضافة قطر لكأس العالم، وكذلك مساعدة مالية للجيش بقيمة ٦٠ مليون دولار. أما المسؤولون اللبنانيون وعلى رأسهم طبعاً جبران باسيل الذي طوّر علاقته بالدوحة من خلال زياراته المتكررة بدءاً من مفاوضات الترسيم للقاء الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين بعيداً عن الاعلام والاعلان نظراً الى أن عليه عقوبات أميركية تمنع أي مسؤول من لقائه، لكن لعلم الأميركيين أنه المفاوض الأول في ملف الترسيم والمنسق الأول أيضاً مع “حزب الله” تم الحصول على إذن خاص للوسيط للقائه.
من المؤكد أن هذا الباب أراح باسيل كثيراً وهو الساعي الى إزالة العقوبات باباً للرئاسة يمكن أن يكون لقطر دور فيه، فعمّق علاقته أكثر فأكثر بالقيادة القطرية التي تسعى الى لعب دور كبير من خلال تسوية مرتبطة بالاستحقاق الرئاسي الى جانب دخولها على القطاع النفطي والمصرفي، كما لم يعد يخفى على أحد أن باسيل استعان بقطر لتأمين دفع تكاليف مكتب محاماة لمتابعة ملف العقوبات المفروضة عليه.
الحراك القطري تجاه الوضع اللبناني جذب أيضاً قائد الجيش العماد جوزيف عون للقيام بزيارة الى الدوحة لشكرها على ما قدمته وتقدمه من دعم للجيش اللبناني. ولأن الزيارة تأتي في زمن الشغور الرئاسي، تداولت معلومات عن أن قطر تعمل مع كل من فرنسا وأميركا على طرح اسم قائد الجيش كرئيس توافقي وتسعى الى اقناع الثنائي الشيعي و”التيار الوطني الحر” بهذا الطرح.
حتى الآن لا تلوح في الأفق أي مبادرة قطرية على الرغم من كل ما يجري على أرض الدوحة من لقاءات، ولا “دوحة ٢” كما قيل سابقاً كما أن الرئيس الفرنسي لن يزور لبنان وإن كان الملف اللبناني من أولويات زيارته أيضاً الى قطر في ختام المونديال.
التسوية لم تنضج بعد، فهي بحاجة الى مزيد من الوقت ومزيد من الأطراف والملف اللبناني ليس في قطر.