كتب طوني عيسى في “الجمهورية”: في الظاهر، يبدو «حزب الله» واقفاً بين استحالتين: استحالة وصول باسيل إلى الرئاسة بسبب «الفيتوات» الداخلية والخارجية الكثيفة، واستحالة وصول فرنجية بسبب «الفيتو» المسيحي شبه الشامل المضروب عليه. وفي ظل هاتين الاستحالتين، ثمة مَن يعتقد أنّ حظوظ قائد الجيش العماد جوزف عون تصبح هي الوحيدة الجدّية، لأنّ الرجل يمكن أن يحظى بدعم داخلي وخارجي في آن معاً، ومن اتجاهات متعاكسة.
إذا كان «حزب الله» يفضّل هذا الخيار، فمن السهل عليه أن يستفيد من الخلاف الشرس، الذي يعطل الانتخابات الرئاسية، بين الحليفين المارونيين، ليطرح قائد الجيش حلاً وسطاً. ولكن، ليس مؤكّداً أنّ «الحزب» يفضّل قائداً للجيش، يتموضع على مسافة وسطى بين الجميع في الداخل والخارج، بدلاً من حليف قريب يتماهى معه تماماً في الاستراتيجية والتكتيك.ويقول أصحاب هذه الفرضية إنّ فترة الشغور السابقة في موقع الرئاسة، التي استمرت من ربيع العام 2014 حتى خريف 2016، سمحت لـ»حزب الله» كي ينقل الرئاسة والبلد من مرحلة قائد الجيش «التوافقي» ميشال سليمان إلى مرحلة الحليف الأقرب ميشال عون. ومعلوم أنّ العلاقة بين «الحزب» وسليمان بدأت جيدة، لكنها انتهت على خلافات شرسة.
فهل يمكن أن يستخدم «حزب الله» مرحلة الشغور الرئاسي الحالية ليفعل عكس ما فعله في العام 2016، أي لينقل الرئاسة من يد الحليف اللصيق ميشال عون إلى يد قائد الجيش جوزف عون؟على الأرجح، ليس «حزب الله» معادياً لخيار قائد الجيش الحالي. وقد عبّر مسؤولوه أخيراً عن تقديرهم للرجل والعلاقة معه. وإذا فرضت الظروف على «الحزب» أن يوافق على قائد الجيش، مقابل ضمانات وثيقة وطويلة الأمد، داخلية وخارجية، فإنّه قد يوافق. ولكن، بالتأكيد، خيار «الحزب» المفضّل هو أحد الحليفين اللصيقين: باسيل أو فرنجية، أي إنّ الدائرة تدور في الملف الرئاسي لتعود إلى النقطة إياها.بين الحليفين المارونيين، قد يكون الأسهل تسويق فرنجية عربياً ودولياً. ولكن ما الثمن الذي سيُدفع لـ»القوات اللبنانية» كي توفر التغطية المسيحية، أو كيف سيتمّ إقناع باسيل؟ وفي المقابل، أي معجزة يحتاج إليها باسيل لينجح في تلميع صورته لدى القوى المسلمة في لبنان، ولدى العرب والأميركيين؟
إنّها الدائرة المقفلة فعلاً. فطريق القصر تبدو مسدودة. ووحدها طريق الفراغ والفوضى تبقى مفتوحة، حتى إشعار آخر.