الناس تخاف زيارة المعالج النفسي!

21 ديسمبر 2022
الناس تخاف زيارة المعالج النفسي!


غريب عالم “التيك توك” لاسيما بشقه اللبناني، لا بلّ يمكن القول انه مليىء بالصخب والصراخ ومختلف أشكال الفوضى التي تنتقل من الشوارع والمنازل اللبنانية الى خلف شاشة التطبيق، الذي يدّر بعض “الدولارات” على جزء من رواده ما حوّله الى متنفس في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وبطبيعة الأحوال، الهدف مما تقدم لا يمكن وضعه في خانة توجيه الانتقاد الى اي ظاهرة من ظواهر “التيك توك”، وذلك انطلاقا من الايمان المطلق بحرية الرأي والتعبير.
لكن في المقابل، لا بد من توجيه البوصلة نحو بعض الشخصيات الموجودة على هذا التطبيق والتي تبدو لافتة وقادرة على التغريد خارج الـ “Trend” العام الذي يفرض نفسه بشكل يوميّ.
أول فيديو على “تيك توك”
“انطلقت مسيرتي مع (تيك توك) خلال شهر أذار الفائت، اي قبل أقل من سنة واحدة، ومقطع (الفيديو) الأول الذي شاركته مع المتابعين هو عبارة عن الطريقة اللتي أقوم خلالها بتحضير نفسي لزيارة المعالج النفسي، اي بمعنى آخر هو عبارة عن اظهار التفاصيل التي ترافقني من المنزل وصولا الى عيادة الطبيب.
ومنذ نشرت هذا (الفيديو) بدأ التفاعل معي من قبل المتابعين بشكل كبير جداً”.
هكذا أرادت ابنة الجنوب اللبناني كارمن مرتضى (24 سنة) ان تبدأ حديثها مع “لبنان 24″، مؤكدة ان ” الهدف الأول والأهم من وجودها في العالم الافتراضي، هو محاولة التوعية وتوجيه الرسائل الى المتابعين ودفعهم الى عدم غض النظر عن مشاكلهم الصحية لاسيما النفسية منها”.
وتضيف “اخترت التواصل مع الناس عبر (تيك توك) لأنه يمتلك نسبة تفاعل كبيرة جدا كما يمكن ان نجد عليه مختلف الفئات العمرية”.
 

 
 
 

 
 
تدمرت حياتي بشكل كليّ
كارمن التي تسكن مع اهلها في بلدة بعورتا والتي غالبا ما تظهر على الـ “تيك توك” وهي تهتم بالحيوانات الأليفة من قطط وكلاب أو تظهر وهي تقوم بالتسوق في بعض الأسواق الشعبية في اكثر من منطقة لبنانية، معلنة اهتمامها المفرط بالأحجار الكريمة على انواعها، تقول لـ “لبنان 24”: “معاناتي من المشاكل النفسية كانت السبب الأساسي الذي دفعني لدخول العالم الافتراضي.
فبسبب دارستي لعلم النفس وتشجيع والدتي تمكنت من الوصول الى مرحلة العلاج النفسي، لكنني ادرك ان الكثيرين لا يتمكنون من الوصول الى هذه المرحلة، لذلك اردت ان أشكل حافزا ان صج التعبير، لكل من هو بحاجة الى علاج نفسي.
وفي الحقيقة انا اعاني من اضطرابين نفسيين: اضطراب (ثنائي القطب) واضطراب (الشخصية الحدية).
(ثنائي القطب)، يجعلني أدخل في حلقة مستمرة من الاكتئاب والطاقة الزائدة فمثلا اعيش أسبوعا من الاكتئاب ومن ثم فترة من الطاقة الزائدة، فأدخل في نفق من التكرار يصعب عليّ الخروج منه، وهذا ما يؤدي الى تعطيل حياتي ودراستي وعملي وأيضا الشق الاجتماعي من يومياتي.
أما اضطراب (الشخصية الحدية)، فيدفعني للدخول بمراحل مزاجية مختلفة في اليوم نفسه، كما يجعلني أخاف من هجرة الآخرين لحياتي، وهذا ما حصل معي اذ ان حياتي تدمرت على مدى سنتين بكل ما للكلمة من معنى، بعدما لم انجح في علاقة عاطفية كنت قد عشتها لفترة محددة”.
 

 
 
شقيقي يقف الى جانبي ويساندني
وبثقة تامة تشير كارمن الى ان ” كل انسان يجد نفسه غير قادر من الوصول الى حالة الراحة والطمأنينة منفرداً، عليه دون اي تردد ان يزور المعالج النفسي.
في بداية مشواري مع المعالج النفسي، لم يكن محيطي مطلعاً على ثقافة العلاج النفسي، لكنني اتخذت الخطوة.
وبفضل مساعدة احدى الجمعيات التي قدمت لي 15 جلسة مجانية، استطعت ان أهزم نفق الاضطرابات المستمر وان ادخل في نفق العلاج الذي لا يخلو طبعا من بعض النكسات”.
وتؤكد كارمن ان ” العلاج منقسم الى شقين، الأول مرتبط بالأدوية التي تم وصفها لي والتي تساعدني على دوزنة مزاجي، والثاني مرتبط بزياتي الاسبوعية الى المعالج النفسي حيث اتعلم كيف اتعامل مع عوارض اضطراباتي.
ودون ادني شك، اواجه كغيري من اللبنانيين صعوبة في تأمين البدل المادي، فالادوية أصبحت تكلفني شهريا ما يقارب المليون ونصف مليون ليرة لبنانية، فيما كلفة الجلسة العلاجية الواحدة 20 دولارا، وانا أحتاج الى 4 جلسات شهريا، لذلك لا بد من اقول شكرا لشقيقي الذي يقف الى جانبي ويساندني”.
أسئلة الناس كثيرة
وتختم كارمن حديثها مع “لبنان 24″ معتبرة انه ” لا بد من العمل على زيادة نسب الوعي حول الصحة النفسية في صفوف اللبنانيين، فالأزمة الاقتصادية التي نمر بها تركت آثارها على صحتنا بشكل كبير جدا”.
وتضيف ” سأستمر بدوري الذي أقوم به عبر (تيك توك) قدر المستطاع، مع العلم اني،وعلى عكس الكثيرين لا اجني الأموال من خلال حسابي، اذ انني لا أقوم باستخدام خاصية المباشر.
كما انني سأسعى دائما للاجابة على اسئلة الناس الكثيرة التي في معظمها تدور حول مخاوفم الكبيرة والعديدة من زيارة المعالج النفسي، وحول مجريات الجلسات العلاجية، بالاضافة الى التكلفة المادية والجمعيات التي قد تبادر الى المساعدة”.