في ظل الأزمة.. الخروب والأفوكا أمل مزارعي الجنوب

22 ديسمبر 2022
في ظل الأزمة.. الخروب والأفوكا أمل مزارعي الجنوب

كتبت “الأخبار”: عدّلت الأزمة الاقتصادية الروزنامة الزراعية في الجنوب. فبعد سنواتٍ طويلة من التعايش مع الزراعات التقليدية، باتت الوجهة اليوم نحو الزراعات الحديثة، وتحديداً الخروب والأفوكا. أما السبب فهو أن هذه الأخيرة لا تحتاج إلى الكثير من العناية والاهتمام من جهة، ووفيرة الإنتاج من جهة أخرى

لم تترك الأزمة الاقتصادية الممتدّة منذ ثلاث سنوات، قطاعاً سالماً من تداعياتها، إذ فرضت حصاراً على جملة من القطاعات الأساسية ومنها الزراعة التي وجد أصحابها أنفسهم عاجزين عن الاستمرار بها. الأسباب المتصلة بالأزمة كثيرة، غير أن أهمّها الأكلاف التي يتكبّدها المزارعون وارتفاع أسعار الشتول من جهة والانقطاع المستمر في مياه الري من جهة أخرى… حتى كان العام الماضي عام «التوبة» عن الزراعة بالنسبة إلى الكثيرين. وقد بدا ذلك لافتاً من التراجع الكبير في الإقبال على المشاتل. وفي هذا السياق، يشير أحد تجار شتول الأشجار في منطقة النبطية، محمد فحص، إلى أن «نسبة بيع الأشجار في المنطقة انخفضت بما يزيد عن 50%»، متوقّعاً في الوقت نفسه أن يستمرّ الانحدار، ما لم تتحرّك الجهات المعنية «لتأمين مياه الري للأهالي كي يعودوا إلى حقولهم والاهتمام بالزراعة التي هي حاجة ماسة لا بديل عنها للتخفيف من الأعباء المالية». ما يقوله فحص يقوله أيضاً مسؤول مركز وزارة الزراعة في مرجعيون، فؤاد ونسة، الذي أكّد أن «الوزارة لم توزع الشتول على المزارعين والمقيمين في المنطقة منذ سنتين».

هكذا انسحب المزارعون من الزراعات التي تحتاج إلى الكثير من الاهتمام، متجهين نحو زراعات غير تقليدية، أقلّ كلفة وأوفر إنتاجاً. وما بدأ يظهر اليوم من تلك الزراعات، زراعة أشجار الخروب والأفوكا التي توزّع مؤسسة جهاد البناء كميات منها على المزارعين بأسعار شبه مجانية. ويشير مسؤول مؤسسة جهاد البناء في منطقة الجنوب الثانية (صيدا، جزين والنبطية)، قاسم حسن، إلى أن المؤسسة «وزّعت إلى الآن 45000 شجرة على الأفراد والبلديات والجمعيات التي تنظم حملات تشجير في المنطقة، مع التركيز على أشجار الخروب والزيتون والحمضيات والصنوبر، لقاء بدل رمزي». واللافت أيضاً أن تجار الشتول بدأوا يعدّلون أيضاً في قائمة مشترياتهم، فيشترون الكميات الكبرى من الخروب والأفوكا والزيتون الإسباني وغيرها من الزراعات التي لا تحتاج إلى الكثير من الريّ بعدما باتت مرغوبة من المزارعين اليوم.
وبحسب سليم مراد، المهندس الزراعي، فإن «هذه الزراعة تصلح اليوم كبديل من زراعة الحمضيات وبديل جزئي من زراعة الموز، ويمكن تخزين ثمارها وشحنها وتصديرها من دون أن تتعرّض لأي ضرر»، لافتاً إلى أن لبنان ينتج من ثمارها حوالي 15000 طن سنوياً، يُستهلك جزء منها في الأسواق الداخلية ويُصدر الجزء الآخر إلى دول الخليج وأوروبا، إضافة إلى روسيا وأوكرانيا. وقد ازداد عدد المنخرطين في زراعتها، وبحسب أحمد فحص، صاحب أحد مشاتل بلدة جبشيت (النبطية) فإن «الطلب على شتول وأشجار الأفوكا ارتفع بشكل كبير، بحيث أصبحت الأكثر مبيعاً بعد أشجار الزيتون والصنوبر». أما ثمن شتلة الأفوكا المتوسطة الحجم، فيزيد على 10 دولارات. صحيح أن سعرها مرتفع بعض الشيء، إلا أنها سريعة الإنتاج «فالشتول الصغيرة قد تحمل الثمار بعد عام أو عامين على زراعتها، وبعد حوالي سبع سنوات يمكن للشجرة الواحدة أن تعطي أكثر من 80 كلغ». وبحسب فحص، فإن «زراعة الأفوكا باتت الأكثر إنتاجاً وفائدة حتى من أشجار الزيتون، كونها سريعة النمو، ولم يثبت تعرضها للأمراض، ويمكن بيعها في الأسواق الداخلية والخارجية بسهولة تامة».