بعد اشهر من حصول الانتخابات النيابية الاخيرة، بات واضحاً ان “القوات اللبنانية” تمتلك كتلة نيابية صافية، خصوصا وأن”تكتل لبنان القوي”يضم كتلة حزب الطانشناق وشخصيات حليفة هي أقرب الى احزاب اخرى منها الى” التيار الوطني الحر”، لذلك فإن “القوات” أقدر على الحفاظ على تماسك كتلتها النيابية.
لكن بالرغم من هذه المعادلة يبدو “التيار الوطني الحر ” اكثر حضورا على الساحة اللبنانية من “القوات اللبنانية”ولديه قدرة على وضع شروطه على الطاولة ومنع تجاوزه في الاستحقاقات الكبرى، اذ ان تحالفه مع حزب الله يعطيه نوعا من القوة السياسية التي تضاف الى قوته الذاتية. كانت “القوات اللبنانية”تسعى الى تسجيل انتصار نهائي في الانتخابات النيابية يجعلها القوة المسيحية النيابية الاقوى من دون منازع ، الامر الذي سيجبر كل القوى السياسية الاخرى الى التشاور معها والخضوع الى حد ما لتوجهاتها المرتبطة بالشأن الرئاسي والمواقع المسيحية.
لكن هذا لم يحصل، اذ ان معراب وبالرغم من تقدمها الشعبي والنيابي الكبير، فوجئت بأن “التيار”حافظ بطريقة او بأخرى على كتلة نيابية كبيرة جدا، كما ان تحالف الكتائب اللبنانية والنواب المستقلين لديه كتلة متساوية نسبياً مع كتلة “القوات”.عدم تحقيق معراب فوزها الانتخابي الكبير، يضاف الى خلافاتها السياسية الكبيرة مع الرئيس سعد الحريري الذي انعكس شبه قطيعة مع النواب السنّة المقربين منه، والخلاف العميق مع “الثنائي الشيعي”ولامبالاة الحزب التقدمي الاشتراكي تجاه معراب بالرغم من التحالف النظري بينهما ، كلها عوامل جعلت القوات “اقل تأثيراً”،تملك “القوات اللبنانية”فرصة جدية لتفرض حضورها في المرحلة المقبلة وتكون جزءا من التسوية المرتقبة خصوصا وان “التيار الوطني الحر ” لا يبدو جاهزاً للانخراط في اي تسوية بسبب رفضه المطلق لمعظم المرشحين الرئاسيين، مما يجعل”القوات اللبنانية” صاحبة القدرة الافعل على تأمين الغطاء المسيحي للحل.
لا تريد “القوات”تكرار تجربة الخروج من التسوية السياسية التي حصلت معها بعد “اتفاق الطائف”وادت الى سجن رئيسها سمير جعجع لفترة طويلة، وهذا يعني ان معراب جاهزة نسبياً للانخراط بالتسويات المقبلة اكثر من غيرها من الفرقاء.