مع هبوط الليرة السورية إلى أدنى مستوياتها مقابل الدولار الأميركي، يرى السوريون في السوق اللبنانية كوّة فَرَج في جدار أزمتهم الاقتصادية والمعيشية، فيعتمدون التهريب تارةً والتسويق طوراً للولوج إلى لبنان كساحة للتعويض عن خسائر مُنيوا بها جرّاء الأزمة النقدية والاقتصادية في بلادهم، أو للتزوّد بمواد فُقدت في أسواقهم فوجدوها متوفرة بوفرة في الداخل اللبناني كما هو الحال في مادَتَي المازوت والبنزين اللتين يتم تهريبهما إلى سوريا عبر الحدود البريّة المشتركة.
أما في ما يخصّ المنتجات السورية فقد تدنّت أسعارها بشكل كبير بفعل هبوط الليرة السورية مقابل الدولار، وبدأ تهريبها إلى لبنان على قدمٍ وساق، وبأسعار تنافسية..
“مزارع البطاطا اللبناني في خطر كبير”، يقول رئيس تجمّع مزارعي البقاع ابراهيم ترشيشي لـ”المركزية”، عازياً ذلك إلى أن “البطاطا السورية تغزو السوق اللبنانية بكميات كبيرة تفوق التصوّر وبأسعار زهيدة ومضاربة تبقى أقل من كلفة الإنتاج اللبناني”.
ويكشف عن “كارثة كبيرة تكمن في وجود 50 ألف طن بطاطا لبنانية يعجز المزارعون عن تصريفها في الأسواق المحلية قبل دخول البطاطا المصرية في شباط 2023 إلى لبنان”، والسبب يعود إلى “غزو البطاطا السورية السوق اللبنانية بأسعار تنافسية… لذلك تتكدّس البطاطا اللبنانية في المستودعات، من دون أن يسأل عنها أحد!”.
وفي الأمس تبلغ وزير الزراعة مصطفى الحاج حسن بوجود هذه المشكلة خلال اجتماع ضمّ من مزارعي البطاطا، وأصحاب مصانع البطاطا، ومستوردي البطاطا المثلّج.
و”كان الوزير مستمعاً ومتفهّماً” بحسب ترشيشي.
لكنه لم يغفل الإشارة إلى أن محصول البطاطا تم قطفه في وقت متأخر بسبب تأخّر نضوجها الذي اكتمل بغالبية المحصول في كانون الأول الجاري، فيما يُفترض أن تنضج ما بين 15 تشرين الأول و15 تشرين الثاني، في حين أنها نمت بين 25 تشرين الثاني و15 كانون الأول فبقيت كلها في المستودعات.
أزمة سوق الخضار: لا حل
وفي المقلب الآخر من هموم المزارعين، يبدو أن النكايات السياسية تُحكِم قبضتها في قضية سوق الخضار في بيروت حيث لا تزال النفايات مكانها منذ نحو شهرين والروائح الكريهة تنتشر في أرجاء السوق ما يدفع بالمواطنين إلى عدم الدخول إليه قرفاً من الروائح الكريهة ومشهد النفايات المكدّسة.
فالقضية “تأخذ منحىً سياسياً وطائفياً ومذهبياً” بحسب ترشيشي الذي يكشف في السياق أن “التفاوض لا يزال جارياً بين تجار سوق الخضار وبلدية الغبيري على حساب المواطنين والمزارعين والمنتجات الزراعية.. ولغاية اليوم لم يتم التوصّل إلى أي حل لهذه القضية على رغم كل الوعود التي يقطعها الطرفان المعنيان والمتمثلان ببلدية الغبيري وتجار سوق الخضار، في حين أن المزارع هو مَن يدفع الثمن والبضائع تُشوَّه سمعتها”، ويُضيف: قد يتوصّلون إلى حل لمسألة الأموال بين البلدية والتجار، لكن نتمنى ألا يكون على حساب المزارع وسمعة المنتجات الموجودة في السوق التي لديها مواصفاتها ومصدرها.. لذلك نناشدهما ألا يتحاربوا بسلاح المزارع والمنتجات الزراعية التي يستفدان كلاهما منها. فليَقوما بواجباتهما ويُزيلا النفايات من أرض السوق، وبعدها فليتفاوضوا حول الأرقام التي يريدونها والتي في النتيجة تذهب من حق المزارع.
* * *