باسيل مش مفرّص.. كيف يتلقف حزب الله رسائله غير المباشرة؟

27 ديسمبر 2022
باسيل مش مفرّص.. كيف يتلقف حزب الله رسائله غير المباشرة؟


على هامش حضوره قدّاس عيد الميلاد في بكركي، وجّه رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل سلسلة من “الرسائل السياسية” في دردشته مع الصحافيين، سعى من خلالها إلى تظهير ما يقول “العونيون” إنّها “مبادرة” يعمل على بلورتها، تأسيسًا على “ورقة الأولويات الرئاسية” التي سبق أن أطلقها “التيار الوطني الحر”، على أن تبصر النور بصيغتها “العملية” نهاية الأسبوع المقبل، وفق التقديرات.

ولعلّ باسيل أراد أن ينفي عنه تهمة “الاستجمام” الموجّهة لمعظم السياسيين في عطلة الأعياد، من خلال تعمّده تكرار لازمة “مش مفرّص” للقول إنّه مصمّم على مواصلة حراكه السياسيّ، من خلال مروحة اللقاءات التي يعقدها مع مختلف الأفرقاء، وهو الذي تعمّد على التأكيد على أنّ اللقاءات التي يُكشَف عنها، وآخرها ذلك الذي جمعه مع رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، ليست سوى “غيض من فيض” الاجتماعات التي يعقدها.وإذا كان باسيل يصرّ على أنّ لقاءاته تشمل “الخصوم قبل الأصدقاء”، فإنّ هناك من يقرأ فيها “رسائل غير مباشرة” إلى “حزب الله” بالتحديد، الحليف الذي لا تزال العلاقة “مقطوعة نسبيًا” معه منذ “الاشتباك الحكومي” الأخير، علمًا أنّ الطرفَين المتّفِقَين على “تحصين” تفاهم مار مخايل بصورة أو بأخرى، ينتظران أن تأتي “المبادرة” من الآخر، فأيّ رسائل يوجّهها باسيل إلى الحزب في هذا السياق؟ ولعلّ ما هو أهمّ من ذلك، كيف يتلقّفها الحزب؟!لا “عزلة” ولا من يحزنون؟مع وقوع “الاشتباك” الأخير بين باسيل و”حزب الله”، على خلفية مشاركة الأخير في جلسة الحكومة، وامتعاض الأول لحدّ حديثه عن “صادقين لم يفوا بالوعد”، لتذهب أوساطه أبعد من ذلك بالحديث عن “غدر وخيانة”، اعتبر كثيرون أنّ مشكلة رئيس “التيار الوطني الحر” الكبرى، وسط هذه “المعمعة”، تكمن في أنّ خلافه مع “حزب الله” يعني أنّه بات “معزولاً بالمطلق”، باعتبار أنّه لم يبقَ له “حلفاء”، بعيدًا عن قواعد الحزب.
من هنا، يمكن فهم “حراك” باسيل الأخير، وفقًا للعارفين، في سياق مسعى الرجل لدحض هذه “التهمة”، من خلال إبداء “المرونة والانفتاح” على مختلف القوى السياسية، والقول إنّه باستثناء “القوات اللبنانية” ربما، لا تزال قنوات الحوار مفتوحة مع الجميع، وأبواب الخصوم قبل الأصدقاء مفتوحة أمامه، علمًا أنّ إضفاءه طابع “السرية” على اجتماعاته، من خلال القول إنّ بعضها لا يعرف به الإعلام، يخدم بدوره هذا التوجّه بشكل أو بآخر.ويقول العارفون إنّ باسيل من خلال الترويج لهذا الحراك، باعتباره يمهّد لمبادرة متكاملة سيطلقها في غضون أيام، يوجّه رسائل باتجاه “حزب الله” تحديدًا، خصوصًا وأنّ الخلفية الحقيقية لمشكلته معه مرتبطة بتمسّكه بترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، في حين أنّ باسيل كما أصبح معروفًا يسعى للتفاهم على مرشح جديد، بعيدًا عن المرشحين المصنَّفين “الأوفر حظًا”، وعلى رأسهم فرنجية نفسه وقائد الجيش جوزيف عون.”حزب الله” مع “التوافق”استنادًا إلى ما تقدّم، يمكن فهم التسريبات التي تحدّثت عن لقاء جمع باسيل بفرنجية، رغم رفضه المطلق له، “رسالة” إلى “حزب الله”، خصوصًا أنّ الاعتقاد السائد أنّ الرجلين لا يمكن أن يجتمعا سوى بوساطة “الحزب”، كما حصل حين جمعهما الأمين العام السيد حسن نصر الله على مائدة الإفطار في شهر رمضان الماضي، علمًا أنّ باسيل يجاهر برغبته “التفاهم” مع فرنجية، لكن على مرشح ثالث، في “سيناريو” لا يحبّذه رئيس تيار “المردة”.وفيما يلتزم “حزب الله” الصمت إزاء الحراك “الباسيلي” المستجدّ، فإنّ العارفين بأدبيّاته يعتقدون أنّه يؤيّد إلى حدّ بعيد النشاط الذي يقوم به الأخير، وهو لا يشعر بـ”القلق” على الإطلاق من تبعاته، ولا يخشى أن يذهب “الصديق” باسيل إلى حدّ إبرام “تفاهمات” على حسابه، للعديد من العبارات والأسباب، أولها أنّ باسيل إن كان “يسجّل موقفًا”، فهو يدرك أنّه بحاجة لمباركة “الحزب” لأيّ اتفاق يتوصّل إليه، من أجل المضيّ به إلى الأمام.وفيما يؤكد هؤلاء أنّ الحزب لم يقابل بسلبية اللقاء الذي جمع باسيل برئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، ولا سيما أنّه كان البادئ بـ”الانفتاح” على الأخير قبل أسابيع، يشدّدون على أنّه موقفه من الاستحقاق الرئاسي واضح ولا يحتمل اللبس، ويقوم على أّنّه، ولو كان لديه “مرشح مفضل” هو فرنجية، إلا أنّه مع “التوافق” الذي يمكن أن يفرزه أيّ تفاهم بين القوى الأساسية، بشرط أن تنطبق على الرئيس العتيد المواصفات والمعايير المعروفة.يقول العارفون بأدبيّات “حزب الله” إنّ الحزب الذي يدعو إلى الحوار بين جميع اللبنانيين، لا يمكن إلا أن يتلقّف بإيجابيّة ما يحكى عن “مبادرة” يعمل الوزير جبران باسيل على بلورتها، وهو بالتالي لا يجد فيها أيّ “رسالة” موجّهة إليه، علمًا أنّ الحزب كان واضحًا منذ اليوم الأول في اعتبار حليفه “ممرًا إلزاميًا” لأيّ تفاهم رئاسي، وهو لم يتبنّ حتى الآن أيّ مرشح بشكل رسمي مراعاة لخواطره بالدرجة الأولى، وهو ما يعرفه القاصي والداني!