لم يُسجل المشهد السياسي أي جديد بموازاة مراوحة بالملف الرئاسي، وغياب الحراك الداخلي والمبادرات الخارجية، وتتجه الأنظار الى عين التينة لما سيقوم به رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد عطلة الأعياد على مستوى الحوار وعلى مستوى الدعوة الى جلسة لمجلس النواب لانتخاب الرئيس.
اما على صعيد الحراك الخارجي، فتتجه الأنظار الى الاجتماع الاميركي- الفرنسي – السعودي حول لبنان والذي سيعقد في باريس في 15 كانون الثاني المقبل بدعم من الفاتيكان.
ولفتت مصادر «البناء» الى أن «الحراك الخارجي ليس أكثر من تحليلات إعلامية، وحالياً ليس هناك من خطوات أو أفكار واضحة».
وكتبت” النهار”: اذ طغت الوقائع المالية – المصرفية على الأجواء الداخلية التي واكبت عطلة عيد الميلاد واعقبتها، فان موجات المد والجزر المالية لم تحجب اطلاقا تصاعد الغموض والبلبلة والغبار المتصاعد أيضا من المشهد السياسي – الرئاسي الذي يبدو واضحا انه على رغم كل الضجيج الإعلامي والدعائي الذي طبع بعض التحركات السياسية الأخيرة، فان ذلك لم يزد ازمة الفراغ الرئاسي الا تعقيدا ورسوخا وخشية من حقبة فراغ مفتوحة على الغارب من تداعياتها موجات التلاعب بالدولار وتهريبه الى سوريا. واذا كانت الأيام القليلة الفاصلة عن نهاية السنة الحالية وبداية السنة الجديدة تتسم بترقب تطورات مواقف القوى الداخلية من السيناريوات المطروحة مجددا، سواء لاحياء فكرة الحوار مع الية جديدة لتذليل اعتراضات القوى التي رفضت الدعوات السابقة الى الحوار، او لتبين طبيعة ما يسمى مبادرات لقوى داخلية حيال التوافق على لائحة بمجموعة أسماء مرشحين للرئاسة، فان اللافت في هذا السياق ان التشاؤم بدا غالبا على المعطيات التي تجمعت في شأن كل الطروحات، الامر الذي يؤكد ان المرحلة الجدية لتحريك مشاريع الحلول لازمة الفراغ لم يحن اوانها بعد لا داخليا ولا خارجيا. ولم يكن اعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عدم اعتزامه زيارة لبنان سوى مؤشر ضمني حيال تجمع أجواء خارجية وداخلية لا تشجع أي دولة “وسيطة” كفرنسا على حرق اصابعها مجددا في الرمال اللبنانية الحارقة ما دامت لا تمتلك ضمانات كافية للتحرك مجددا، علما ان الافقار الى هذه الضمانات يعني عدم وجود أرضية إقليمية (سعودية وايرانية تحديدا) كما عدم وجود أرضية داخلية تشجعان على اطلاق مبادرة تحمل معايير النجاح في انتخاب رئيس للجمهورية .
وتنتظر الأوساط السياسية مضمون ما سمي مبادرة يعتزم طرحها رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل حيال الازمة الرئاسية في ظل حركة اللقاءات السرية او البعيدة من الأضواء التي اجراها ويجريها، وكان اخرها الكشف عن لقاءين اجراهما باسيل قبل مدة مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية في بيت صديقين مشتركين . وأفادت المعطيات المتوافرة عنهما انهما لم يتركا أي اثر في مسار الازمة الرئاسية اذ اقتصر اللقاءان على مجرد “جمعة” لكسر جليد العداء بين باسيل وكل من ميقاتي وفرنجية من دون أي اتفاق على أي ملف. حتى ان احد المعنيين والمطلعين كشف ان اللقاء الذي عقد في منزل صديق مشترك لباسيل وفرنجية لم يستغرق الحديث فيه اكثر من نصف ساعة وانه لم يفتح الملف الرئاسي اطلاقا. كما يتوقع ان يتطرق الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الى الملف الرئاسي في كلمة سيلقيها عشية رأس السنة الجديدة مساء الجمعة المقبل.
وكتبت” نداء الوطن”: تستمر سطوة التعطيل على الأرضية الرئاسية، بانتظار أن يضمن “حزب الله” وصول رئيس جديد للجمهورية “مجرّب بالسياسة” حسبما اشترط نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم… وبالانتظار يواصل رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل القفز بين حبال الشغور لقطع طريق بعبدا أمام وصول أي مرشح رئاسي لا يكون له “حصة فيه”، وتحت هذا العنوان العريض وضعت أوساط مواكبة الحراك الذي يقوم به في مختلف الاتجاهات، موضحةً أنّ “باسيل بات مقتنعاً بأنّ سياسة التعطيل لن تدوم تحت وطأة الضغوط الخارجية المتزايدة، ولذلك فإنه يسعى راهناً سواءً في حراكه الداخلي أو الخارجي إلى تعويم نفسه وتحسين شروطه في التسوية الرئاسية المقبلة عبر المطالبة بضمانات معينة تحافظ وتراكم على المكتسبات التي استحصل عليها في وزارات وإدارات الدولة خلال العهد العوني”.وعن المشاورات المكوكية التي تكثفت نهاية العام الجاري على أكثر من خط سياسي، أكدت الأوساط أنها “مجرد مشاورات استطلاعية لا أكثر ولا أقل لجسّ نبض التوجهات والإمكانيات بين الأفرقاء”، وأردفت بالقول: “الجدّ” لم بيدأ بعد وما يحصل راهناً أشبه بربط نزاع رئاسي، ترقباً لما سيحمله العام الجديد من بوادر مبادرات خارجية هادفة إلى جمع الشتات الداخلي اللبناني على طاولة التسوية المنتظرة”.وأكدت مصادر مطلعة أن اللقاءات التي عقدها باسيل وتمَ ترتيبها برعاية رجل الأعمال الأردني – اللبناني علاء الخواجة في منزله ببيروت، أتت في إطار «شبكة العلاقات العامة التي يعيد باسيل ترتيبها بعدما وجدَ نفسه خلال السنوات الست الماضية بلا حلفاء أو أصدقاء، باستثناء حزب الله الذي وصلَ التباين معه حول الانتخابات الرئاسية إلى مكان حساس وخطير»، مشيرة إلى أن «الرسالة التي يحاول باسيل إيصالها هي قدرته على اللعب ضمن مساحته الخاصة وإعادة وصل ما انقطع درزياً وسنياً وحتى مسيحياً»، علماً أن «اللقاءات لها بصمة في الشكل أكثر من المضمون».وبينما يحتاج فرز الخيوط الإيجابية والسلبية لهذا الحراك وقتاً طويلاً، فإن المعلومات الأولية بشأن اللقاءات تقاطعت حول أنها «لم تحمِل أجواء مشتركة ولم تفضِ إلى أي حلحلة ولا حتّى وضع حجر أساس للاستحقاق الرئاسي يُمكن الاستناد إليه». وهو ما أكد عليه فرنجية في الإحاطة التي قدمها إلى حزب الله، وأكد فرنجية أنه «لم يتناول الملف الرئاسي لا من قريب ولا من بعيد وأن باسيل لم يعط أي إشارة تشي بتراجعه عن الموقف السلبي من فرنجية، بل كانَ اللقاء أقرب إلى جلسة دردشة حول أمور سياسية وشخصية بشكل عام، كما لم يبادر المُضيف إلى مفاتحة ضيفه بأي فكرة تتعلق بالشغور والترشيحات».وتعليقاً على هذه اللقاءات، اعتبرت مصادر مطلعة أنها «أتت لتعزز الاقتناع بأن العلاقة بين باسيل وحزب الله تمر بأسوأ مرحلة على الإطلاق، خاصة أن باسيل لم يبادر إلى نقاشها مع الحزب ولا سيما الجلسة مع فرنجية»، مستغربة كيف «يرضى باسيل بلقاء فرنجية بوساطة من أحد رجال الأعمال، ولو في الشكل، بعدَ أن تعمّد سابقاً إخراج خلافه مع الحزب بشأن ترشيح فرنجية إلى الإعلام في محاولة لإحراج حزب الله والتأكيد على إقفال أي باب للحوار مع فرنجية».وقال مصدر قريب من باسيل إنه لا يمكن الحديث عن تطورات كبيرة في النقاش حول الملف الرئاسي، وأن الأفق لا يزال مسدوداً أمام توافق جدي على شخصية خارج الترشيحات الرئيسية.وكتبت” البناء”: توقعت مصادر نيابية أن تنتج حركة باسيل تموضعاً يتيح انضمام التيار إلى الموافقين على الحوار المجلسي بين رؤساء الكتل النيابية لبحث المأزق الرئاسي، وترجّح أن يؤدي تموضع التيار تموضعاً موازياً في موقع القوات اللبنانية لقبول المشاركة في الحوار ولو تحت وضع شروط مبدئية عمومية، تحت عنوان الدعوة لعدم تأثير الحوار على الممارسة الدستورية الواجبة لانتخاب رئيس جديد، ووفقاً للمصادر فإن الحوار الذي لا يتوقع منه إنتاج حلول سريعة يشكل انعقاده تلطيفاً للخطاب السياسي بين الخصوم من جهة، واعترافاً منها بأن المقاربة القائمة للملف الرئاسي لن تنتج رئيساً، بما يعني ضمناً الاستعداد للتخلي عن التمسك بأي مرشح طلباً للتوافق.ولفتت مصادر سياسية مطلعة لـ»البناء»، الى أن «الاتصالات الثنائية على الخط الرئاسي مستمرة وهي مهمة لكنها لا تصل بالنتائج الى مستوى الحوار الأوسع الذي قد يكون منتجاً وبشكل أسرع للخروج من أزمة الاستحقاق الرئاسي».وأشارت أوساط نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء» الى أن «ليس لدى الرئيس بري أي مبادرة جديدة في الوقت الراهن بعد رفض الكتل المسيحية المعنية الحوار، وبالتالي لا يستطيع أحد المزايدة على رئيس المجلس لأنه قام بواجبه الوطني والدستوري ومن رفض الحوار يتحمل مسؤولية إطالة أمد الشغور».وعن زيارة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل المتوقعة الى عين التينة في إطار الزيارات التي يقوم بها للقوى السياسية ورؤساء الكتل النيابية، لفتت الأوساط الى أن «الزيارة قد تحصل والرئيس بري لم يقفل أبوابه بوجه أحد مهما كانت الاختلافات في وجهات النظر».وحول مدى تمسك الثنائي حركة أمل وحزب الله برئيس تيار المردة سليمان فرنجية إذا تعثر انتخابه رئيساً للجمهورية، في ظل التداول بالكثير من أسماء المرشحين التوافقيين، أشارت مصادر الثنائي الى أن «الأمر يتوقف على ما تحمله الأيام من تطورات واذا حصل حوار ما وما ينتج عنه».واعربت مصادر سياسية ل” اللواء” عن اعتقادها بأن وراء تحرك باسيل، الايحاء بقدرته على التحرك تجاه خصومه، بمعزل عن علاقته مع الحزب، وان باستطاعته محاورة الاخرين، رغم تردي العلاقات معهم بالتعاطي مع المسائل والقضايا المطروحة، وكذلك ابراز دوره كلاعب رئيسي بانتخاب رئيس الجمهورية، وليس هامشيا، فيما يشتم في ثنايا مايقوم به، تطويق دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري وإظهارها عديمة الجدوى والفاعلية.واعتبرت اوساط التيار الوطني الحر ان لا جدوى من حركة باسيل او غيره، مشيرة الى ان عقد جلسة لمجلس الوزراء هي الهم، الذي يتعين الوقوف بوجهه، مع الاشارة الى ان جزءاً من الاتصالات بين اطراف السلطة عقد جلسة لمجلس الوزراء بتوافق مع كل مكونات الحكومة المستقيلة، بما فيهم الوزراء الثمانية الذين غابوا عن الجلسة الاولى.وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن نقاشا حول جلسة مرتقبة للحكومة فتح أو انطلق بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وسط أجواء تفيد أن الأخير راغب في تأمين مناخ سليم لقيام جلسة للحكومة من دون أي تشنج.ولفتت هذه المصادر إلى أن لا موعد واضحا بعد لهذه الجلسة التي لم تكن بعيدة عن سابقتها لجهة بحث المواضيع الملحة والتي لا تحتمل التأجيل، وكان بحث في دور مجلس النواب عند تعثر الحكومة مع العلم ان المجلس النيابي اضحى هيئة ناخبة وهناك وجهتا نظر إحداهما تتحدث عن جواز التشريع وأخرى تشير إلى ان مجلس النواب هو في ظل هيئة ناخبة وعمله يقوم أولا وأخيرا على انتخاب رئيس جديد للبلاد.وابلغ النائب المستقل المعارض الدكتور غسان سكاف اللواء» امس، انه خلال اليومين المقبلين سيستكمل حركة الاتصالات واللقاءات التي كان قد بدأها مع كل الكتل في محاولة لـ «لبننة» الاستحقاق الرئاسي ومحاولة التوافق على رئيس للجمهورية وضع آلية للحوار، حتى لا يتم فرض خيارات خارجية علينا لانقبلها. وقال: نعمل على ايجاد حل «على البارد افضل من فرض حل عالحامي».وذكرت « الديار» بأنّ رئيس «التيار» يسعى الى عقد اجتماع مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ، من خلال وساطة اصدقاء مشتركين، لبحث الملف الرئاسي وطرح أسماء جديدة، وافيد بأنّ الوساطة تلاقي صعوبة بإقناع جعجع بالموافقة، لانّ التجارب السابقة مع باسيل لا تشجّع، خصوصاً انه يهاجم «القوات» في كل مناسبة.افيد بأنّ النائب باسيل يسعى عبر رجل اعمال خليجي، لزيارة المملكة العربية السعودية والامارات، بهدف التواصل معهما والانفتاح لبحث ملف الرئاسة، لكن وساطته هذه لم تلق أي قبول وفق ما اشارت مصادر مطلعة لـ «الديار»، معتبرة أنّ رئيس «التيار» لم يترك للصلح أي «مطرح»، بسبب سياسته التي لا تخلو في معظم الاحيان من العدائية المطلقة، والتي تحتاج الى فترات طويلة لضبطها، لانه لا يعرف كيفية إدارة خطوط الرجعة في السياسة.