ترى أوساط سياسيّة أنّ منسوب التفاؤل في التوصّل إلى تسويّة ومرشّحٍ توافقيٍّ لرئاسة الجمهوريّة تراجع، مع إعلان السيّد ابراهيم أمين السيّد على رأس وفدٍ من “حزب الله” من بكركي، أنّ الضاحيّة الجنوبيّة تُفرّق بين العماد جوزاف عون ككقائدٍ للجيش وبين كونه أحد المرشّحين. في السيّاق عينه أيضاً، أعاد السيّد حسن نصرالله خلال إطلالته الأخيرة، التذكير بثوابت “الحزب” الرئاسيّة، وأهمّها أنّ يكون الرئيس لا يطعن “المقاومة”، بما معناه أنّ لا يفتح سجالاً حول موضوع السلاح كيّ لا تنجرّ البلاد إلى حربٍ أهليّة.
وأمام هذين الموقفين من قبل “حزب الله”، يقول مراقبون إنّ “الثنائيّ الشيعيّ” أعلن بطريقة غير مباشرة أنّه لا يزال متمسّكاً برئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، مشترطاً لدعم قائد الجيش إنّ يتأمن التوافق عليه. وأيضاً، يُضيف المراقبون أنّ “الحزب” لا يزال مقتنعاً بالحوار لانتخاب رئيسٍ جامعٍ، فيما “القوّات اللبنانيّة” و”التيّار الوطنيّ الحرّ” يرفضانه حتّى اللحظة.
ويُشير المراقبون إلى أنّ جلسة الإنتخاب المقبلة التي من المتوقّع أنّ يدعو إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي الخميس المقبل، بعد انتهاء الأعياد المجيدة، لن تحمل أيّ خرقٍ في الإستحقاق الرئاسيّ، فالنواب غير مقتنعين بجلسات الإنتخاب. ويُتابع المراقبون أنّ “حزب الله” سيعمل في الفترة المقبلة على إصلاح علاقته مع النائب جبران باسيل من جهّة، والتحرّك لتأمين التوافق حول إسم فرنجيّة من جهّة ثانيّة.
وما كان لافتاً في كلمة نصرالله هو أنّه لم يربط الملف الرئاسيّ بحلفه مع “التيّار”، وقد أعلن عن الإستغناء عن إتّفاقهما إذا أراد الأخير ذلك، ما يعني بحسب المراقبين أنّ كتلة “الوفاء للمقاومة” لم تعد ترى أنّ نواب “لبنان القويّ” هم ممرٌّ إلزاميّ لمرشّح 8 آذار. ولكن، في المقابل، تقول أوساط سياسيّة إنّ العكس صحيح، فمن دون نواب باسيل لن يستطيع “الحزب” الوصول لأكثريّة الثلثين لفرنجيّة أو أيّ مرشّحٍ آخر، في ظلّ سعي “المعارضة” إلى الوقوف بوجه فريق “الممانعة”، عبر قطع الطريق أمام إيصال رئيسٍ له.
ويلفت مراقبون إلى أنّ “حزب الله” أعاد الإستحقاق الرئاسيّ إلى النقطة صفر، من خلال الإستمرار بعدم الإعلان عن مرشّحه، وحرصه على إنتخاب فرنجيّة، فالصفات التي يُريدها في الرئيس المقبل موجودة كلّها برئيس “المردة”. كذلك، فإنّ الخلاف داخل “البيت الممانع”، بين باسيل وبرّي، وبين الأوّل و”الحزب” سبب أساسيّ لتعطيل الإنتخابات وعدم الإعلان رسميّاً عن مرشّح فريق 8 آذار.
وبينما تعمل جهّات خارجيّة لتأمين التوافق حول إسم قائد الجيش، والإستعداد الذي أبداه بعض الأفرقاء في الداخل لانتخابه، كونه أحد أبرز المرشّحين التوافقيين غير الإستفزازيين، وفي الوقت عينه يُمثّل ضمانة للسيادة والإستقرار السياسيّ، يقول مراقبون إنّ “حزب الله” سيعمل حتّى اللحظات الأخيرة على تأمين الإجماع لمرشّحه سليمان فرنجيّة، على الرغم من أنّ علاقته بقائد الجيش جيّدة كما أعلن السيّد من بكركي. ويُذكّر المراقبون أنّ وفد “الحزب” تتطرّق خلال معايدته البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى إسم فرنجيّة بشكلٍ خاصّ، وأهميّة الحوار والتوافق لانتخاب الرئيس.
أمّا في مقلب “المعارضة”، فالإتّفاق بين كتلها لا يزال بعيداً أيضاً، ولم يتوصّل نوابها المختلفون في ما بينهم على الإتّفاق على صفات الرئيس، على الرغم من عمل بعض أفرقائها على إيجاد مرشّحٍ غير رئيس “حركة الإستقلال” النائب ميشال معوّض، يضمن أصوات 65 نائباً، وينقل المعركة الرئاسيّة إلى مستوى جديد من المواجهة مع “الثنائيّ الشيعيّ”.
وحتّى يتأمّن هذا التوافق الداخليّ الصعب بين داعمي معوّض وكتلتيّ “المجتمع المدنيّ” و”الإعتدال الوطنيّ” والنواب المستقلّين، يُشير مراقبون إلى أنّ “حزب الله” سيُحاول الإستفادة من الوقت وتشرذم “المعارضة” لإصلاح ما أفسده باسيل داخل فريق 8 آذار، وأوّل الغيث وضع حدٍّ للسجال القائم بينه وبين ميرنا الشالوحي للسير سويّاً بمرشّحٍ يجمعهما ويُؤمّن مصالحهما. أمّا التوصّل مع “المعارضة” لرئيس توافقيٍّ، فيرى المراقبون أنّه لن يكون متساهلاً مع أجندة “الحزب” الداخليّة والخارجيّة، فهناك خشيّة لدى السيّد نصرالله من أنّ يتكرّر سيناريو الرئيس ميشال سليمان مع قائد الجيش الحاليّ رئاسيّاً، لذا، المحافظة على علاقة الضاحيّة الجنوبيّة مع العماد جوزيف عون في المؤسسة العسكريّة شيءٌ، وانتخابه أمرٌ آخر.