انتهت الأعياد، ومعها انتهت العطل السياسية، على رغم أن بعض السياسيين لم “يفرّص”، وبقي على استنفاره، وإن بوتيرة سلبية، انطلاقًا من حيثية “أنا أو لا أحد”، وهي تعتمد على حرق المراكب وتهديم الجسور، مع أن ظاهر الأمور يخفي ما لا يُعلن أو يُكشف.
ومع انتهاء هذه العطل يعود نواب الأمّة إلى “ساحة النجمة”، التي تحوّلت منذ ما قبل أكثر من شهرين إلى ساحة التنافس السلبي بين مرشحين. الأول، وهو النائب ميشال معوض، الذي لم يستطع داعمو ترشيحه أن يحصّنوه بأصوات كافية لتمكينه من الانتقال إلى مرحلة المواجهة الجدّية والحقيقية.
أمّا المرشح الثاني، وهو “الورقة البيضاء”، فلا يزال خيارًا لدى “الثنائي الشيعي”، ومن يسير معه من بعض نواب “خطّ الممانعة”. وهو خيار لم ينجح حتى الآن سوى بتعطيل نصاب الثلثين في كل مرّة كانت تنتهي معها الجلسات العشر.
وعلى رغم “التعادل السلبي” بين فريقي المجلس النيابي، فإن ثمة حديثًا عن معالم تحركات لدى بعض الجهات السياسية استعدادًا للجلسة الحادية عشرة الخميس المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية، وأبرزها ما يتصل بما يتردد عن عزم “التيار الوطني الحر” على إنهاء تصويت نوابه بالأوراق البيض إسوة بسائر المكونات الأخرى لفريق “محور الممانعة ” في مسعى يقوم به السيد جبران باسيل، من خلال تأمين غطاء له من بكركي، ويقوم على التوافق بين القوى المسيحية على مرشح واحد يحظى ببركة البطريرك الراعي، للانتقال بعد ذلك إلى مرحلة مناقشة هذا الخيار مع المكونات الوطنية الأخرى، وهو أمر في حال حصوله، كما يقول بعض “العونيين”، سيكسر للمرة الأولى منذ بدء جلسات انتخاب رئيس الجمهورية رتابة الدوامة التي تدور ضمنها هذه الأزمة، مع الإشارة إلى أن لا “القوات اللبنانية” ولا حزب “الكتائب اللبنانية” ولا النواب المسيحيين المستقلين يسيرون بهذا الطرح، الذي جُرّب في الماضي، فكانت النتيجة أسوأ مما كان يتوقعها بعض الذين لا يريدون أن يلدغوا من الجحر مرّتين.
في مقابل “المسعى الباسيلي” تتوالى التحركات واللقاءات من جانب القوى المعارِضة التي ترشح النائب معوض وسط تنامي الحديث عن احتمال ولادة “الخطة بـ”والتوافق على ترشيح اسم جديد إذا توافرت له نسبة أعلى من الدعم النيابي.
ووفق بعض المصادر فإن الإعلان عن “الخطة بـ” لن يتمّ قبل التأكد من أن المرشح البديل من معوض يمكن أن يؤّمن له الحشد النيابي ما يقارب الستين صوتًا على أقل تقدير، بحيث يصبح في امكان هذا الفريق “فرض” خياره على الآخرين، الذين يبدون حتى هذه اللحظة عاجزين على تأمين ظروف تنافسية أفضل من عتبة “الأوراق البيض”.
إلاّ أن دون تأمين الستين نائبًا عقبات كثيرة، وقد يكون أهمّها أن “القوى المعارِضة” غير موحدّة على رؤية واحدة، وغير متوافقة على الاسم البديل من معوض، والذي يمكنه تحصيل أصوات أكثر مما تمّ تأمينه حتى الآن، وهو الحدّ الأقصى الممكن.
فإذا لم يكن مرشح “الخطة بـ” مقبولًا من العدد الأكبر من “النواب التغييريين” ومن المستقلين أو من بعض النواب السنّة، فإن “القوى المعارِضة” تكون قد دخلت في المجهول مرّة جديدة. إلاّ أن ما تؤكدّه المصادر في هذا المجال لناحية التريث في الإعلان عن هذه الخطّة يثبت أن المرحلة الآتية ستشهد المزيد من الأخذ الردّ، والكثير من اللقاءات والنقاشات، حتى التوصّل إلى قواسم مشتركة، من حيث الخيارات والقناعات، وهذا يقود إلى توقّع عدم الانتهاء من مرحلة الفراغ في القريب العاجل.